أبرز ملامح الإستراتيجية الوطنية لرعاية كبار السن وحمايتهم.. الأولويات والمعوقات من وجهة نظر خبيرة

تشرين- إلهام عثمان:
في خطوة تهدف إلى نشر ثقافة الاعتناء بأفراد المجتمع من كبار السن، وهي ليست بالشيء الجديد على أخلاقيات مجتمعنا, أعلن مؤخراً عن إطلاق إستراتيجية شاملة للعناية بكبار السن, بهدف تحسين ظروف حياتهم وتعزيز دورهم الفعال في المجتمع، مع التركيز على تلبية احتياجاتهم الفردية والاجتماعية والصحية.
ويمكن القول إن هذه الخطوة أتت كاستجابة للتحديات التي يواجهها كبار السن في ظل التغيرات الديموغرافية والاجتماعية السريعة التي تشهدها مجتمعاتنا, إذ تزايد عدد الأفراد المسنين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، فأصبح من الضروري توفير الدعم والرعاية اللازمة لضمان حياة كريمة تليق بهم.
وخلال استطلاع أجرته”تشرين” مع بعض من كبار السن.. أكدت أم رستم عاملة متقاعدة 64 في شركة خياطة خاصة قائلة: لقد بلغنا من العمر عتياً.. فلم نعد نستطيع السير من دون أدوية الأمراض “المزمنة”, سواء أدوية القلب أو الضغط والسكري، ولم أذكر المقويات والفيتامينات, فهي صعبة المنال إذ إننا لا نستطيع شراء الفيتامينات لا من المراكز الصحية ولا على حسابنا الخاص, و السبب أسعارها الفلكية وإن حصلنا على الأدوية المزمنة فهو أنجاز عظيم, نعتمد على بعض من الأدوية من المراكز الصحية إلّا أنها لا تكون متواجدة دائماً, وأن تواجدت فلا تكون جميع الأدوية متوفرة.. وفي بعض الأحيان نضطر أن نتقبل المعاملة غير الجيدة, من بعض الموظفين هناك للحصول على أدويتنا, ولمجرد أنه يحصل أحدنا على بعض من تلك الادوية وكأنه يأخذ هذه الأدوية من حساب وجيب الموظف في المركز الصحية, ومع العلم أنه تم توظيفهم في مركز لخدمة المراجعين وكبار السن, وتضيف: وبعد الحصول على جزء من الأدوية لا بد من شراء بقية الأدوية الأزمة.
في حين ذكر الأستاذ المتقاعد ماهر دندش 65 أنه متفائل بصدور هذا القرار علّه يغير الواقع للأفضل, ولاسيما أن راتبه التقاعدي لا يكفيه أكثر من يومين, على الرغم من أن زوجته متوفاة وأولاده متزوجين, ويضيف وهو مبتسم: لعليَّ أنهي حياتي من دون الحاجة لأحد أولادي وخاصة أن الوضع الحالي ضيق على الجميع، وكل شخص إن أستطاع تمضية شهره من دون الحاجة لأحد فهو إنجاز عظيم.
وفي حالة أخيرة ذكر أمين حداد ذو 77 عاماً, أنه يعتمد في معيشته على بيع ما تيسر له من مستلزمات مدرسية على بسطة في سوق الخضار وأنه يتأمل أن “ينوله من الخير جانب ” من خلال تنفيذ قرارات الإستراتيجية خاصة أنه غير موظف وليس لديه راتب تقاعدي بحيث يعتمد على الأعمال الحرة.

المدني: ننطلق من شعار «باعتبار الشيخوخة مرحلة الختام في حياة البشر، لنؤمن لكبار السن نهاية سعيدة»

مرحلة الختام
رئيس جمعية الإسعاف العام شذى نصار المدني بينت أن الإستراتيجية التي اعتمدتها الحكومة لرعاية المسنين, تضمنت مجموعة من المقررات التي تضع في اعتبارها التغير الديموغرافي في سورية، والذي يميل إلى ازدياد معدل الأعمار فيها، وازدياد عدد المسنين الذين يحتاجون الرعاية اللائقة، وذلك تحت شعار” باعتبار الشيخوخة مرحلة الختام في حياة البشر، لنؤمن لكبار السن نهاية سعيدة”.
خطوات التنفيذ
وعن كيفية تنفيذ الإستراتيجية في دار المسنين ومؤسسات رعاية المسنين أوضحت المدني في تصريحها لـ”تشرين” قائلة: باعتباري رئيسة جمعية الإسعاف العام، والتي ترعى دار السعادة التي ولدت من رحمها، والأيدي الرحيمة، يمكنني توضيح الخدمات التي تقدمها دارنا للنزلاء فيها، وهم من المسنين طبعاً حيث تقدم حالياً كل الخدمات التي يحتاجها المسنون من النزلاء، بما فيها من “مسكن نظيف راق، ومطبخ مختص يؤمن طعاماً متوازناً ومدروساً، ورعاية طبية معتبرة بوجود طبيبات وممرضات، إضافة إلى مركز للمعالجة الفيزيائية والتدليك الطبي بأيدي اختصاصيات, عدا ما أمنته الدار لنزلائها من نشاطات وحفلات ترفيهية في المناسبات والأعياد، وقد انعكس هذا الاهتمام بحيث حافظت الجمعية على المستوى اللائق لكونها مؤسسة ناجحة ومحط إعجاب النزلاء والزائرين.
إجراءات رئيسة
وفيما يخص الإجراءات الرئيسة التي تم تضمينها في الإستراتيجية لتحسين رعاية وحماية المسنين كشفت المدني أنه سيتم التعاون بين مؤسسات الدولة و الوزارات (وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة الثقافة، والإعلام، والصحة) لتأمين حقوق المسن في حياة كريمة، من راتب تقاعدي، وتأمينات اجتماعية تكفيه ليعبر نهاية الطريق براحة ورفاهية, “وهذا ما يعانيه المسن والمتقاعد من قلة الدخل، ما يضطره إلى الاستعانة بالعائلة من أبناء وأقارب”.
التمويل

وعن التمويل الخاص لتنفيذ هذه الإستراتيجية، ومن أين سيتم الحصول على هذا التمويل, نوهت المدني بأن بلدنا تمر بمرحلة صعبة لأسباب باتت معروفة ألا وهي ظروف الحرب والكورونا والعقوبات الغربية أحادية الجانب، ونحن ندرك قلة التمويل حالياً بالنسبة في دار السعادة التي تمر بالأزمة نفسها وتقع في العجز المالي الذي تسدده جمعية الإسعاف العام من مدخراتها، ومن تبرعات المحسنين المتضامنين مع الجمعية.
تقييم
وبالنسبة لتقييم تقدم تنفيذ الإستراتيجية ومتابعة نجاحها، أكدت المدني أنه سيتم بمتابعة حثيثة من الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، لكونها قادت هذه الحملة بالدراسة والتعاون مع “الإيسكوا”، حتى أقرها مجلس الوزراء، وتضيف: نتمنى أن تنفذ مع تحسن الوضع المعيشي للمواطن بصورة عامة بتجاوز الأزمة، وألّا تبقى حبراً على ورق..
ونوهت مدني بأن الحماية الاجتماعية والأمن المالي هما من أولويات أهداف الخطة لتحسين الوضع الاجتماعي للمسن (وذلك بأن تكفل الدولة المسن بالضمان الاجتماعي والصحي حتى لو لم يكن موظفاً في حالات الطوارئ).
خطط محددة
وأكدت المدني أن الخطط المحددة لتطوير البنية التحتية أو توسيع الخدمات المقدمة في دار المسنين، خاصة بالنسبة لدار السعادة، نحن نعمل بصورة مستمرة على صيانة وتطوير البنية التحتية رغم الأزمة المالية العارضة، وذلك بتأمين التبرعات من محبي الدار وداعميها.

المدني: تكفل الدولة المسن بالضمان الاجتماعي والصحي حتى لو لم يكن موظفاً في حالات الطوارئ

ووفقاً لرؤية المدني سيتم التفاعل مع مؤسسات أخرى والمجتمع المحلي لتعزيز رعاية وحماية المسنين وتحقيق أهداف الإستراتيجية، وذلك من خلال أن يندمج المسن مع الفئات العمرية المتفاوتة من أطفال وشباب “عبر حفلات ترفيهية مستمرة، بالمناسبات و الأعياد”، وبالمشاركة والتعاون مع دور أخرى لإحياء تلك المناسبات.

تدريب وتأهيل
وعن توفير الخطط للتدريب وتأهيل للموظفين والعناصر البشرية الضرورية، لتحقيق أهداف الإستراتيجية تؤكد المدني أنه بالنسبة لدار السعادة، فهذا واحد من أهدافنا في خطة العمل المقبلة، ولقد قمنا بالاتصال ببعض المختصين البارزين من أطبائنا في الخارج، والذين يتعاملون مع المسنين، ليقدم لموظفي الدار والعاملين فيها تدريباً على طريقة التعامل مع المسن، كذلك مع الاختصاصيين.

عقبات
وفيما يخص التحديات والعقبات التي قد تواجهها الإستراتيجية أثناء تنفيذها، وكيف ستتعامل دار المسنين معها، قالت المدني: رغم كل الصعوبات نبذل كل ما في وسعنا لنحافظ على المستوى اللائق الذي ترونه في دارنا التي تعد الأولى في المنطقة كمشروع رائد و ناجح، بل نسعى لتطويره إلى الأفضل، ولقد قمنا بإنشاء قسم فردوس السعادة الذي تبرعت لتنفيذه عائلة سورية كريمة، والذي يتفوق على فنادق الخمس نجوم جمالاً وخدمات.
خاتمه حديثها: إن ذلك التفوق هو دليل على استمرارنا في تنفيذ الإستراتيجية مذللين معظم الصعوبات، ومعتمدين على تعاون المجتمع المحب للخير، ونحن واثقون من توجهات الدولة في الحفاظ على سورية قوية صامدة رغم الظروف الصعبة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
سورية تستنكر دعوة مؤتمر بروكسل لعدم عودة اللاجئين: كان الأجدى به تخصيص تمويل لدعم هذه العودة وتعزيز مشاريع التعافي المبكر توقيع اتفاقية بين وزارة السياحة ومجلس مدينة اللاذقية لإحداث حاضنة تراثية وسوق للمهن اليدوية يتمتع بطاقة إنتاجية واعدة.. وضع بئر جحار- ١٠١ الغازي بالإنتاج الرئيس الأسد يزور طهران ويقدم التعازي للسيد الخامنئي والرئيس المكلف مخبر باستشهاد رئيسي وعبد اللهيان تفقد أول مشروع تشاركي بين القطاعين العام والخاص في محطة دير علي الكهربائية.. المهندس عرنوس: التشاركية نهج إستراتيجي معتمد في سورية أسئلة القومية متنوعة والإجابة عن بعضها يتطلّب مهارات التحليل والاستنتاج والدقة إدارة أملاك الدولة على طاولة النقاش المشترك.. تعزيز الاستثمار الأمثل المدعوم بالتنظيم القانوني والحماية جرائم بالجملة ضد الإنسانية والعدالة.. أميركا تُسعّر ومحاولات صينية لإخماد نار المنطقة ومفاجآت الشمال تُسقط مزاعم «التفوق» العسكري للكيان التنبؤ بالسرطان قبل 7 سنوات من ظهوره العقبة البارانويانية.. حين يصبح الكوجيتو في خدمة المُلاوغة