طوفان الأقصى

عندما يستمر العدوان والاستيطان الذي يشكل أساس قيام الكيان الإسرائيلي وسبب استمراره، فإنه لن تقوم لهذا الكيان قائمة، وعندما يستمر العدوان والاستيطان والاستمرار في تدنيس المقدسات فإنه لن يتم السكوت عنها وهذه نتيجة حتمية، حيث ستبدأ مسيرة الانتقام من المقاومة وستبدأ مرحلة الانهيار والعد التنازلي لبقاء هذا الكيان، ولم تعد المواجهة خياراً إسرائيلياً يتمسك بأساسياتها، بل أصبح اضطراراً في محاولة للحفاظ على الوجود، بعدما فرضت المقاومة الفلسطينية على هذا الكيان أن ينكفئ، لأنها لم تعد قادرة على دفع الثمن الباهظ على استمرار تماديها.
في الساعات الأولى من صباح هذا اليوم وقع حدث غير مسبوق في تاريخ الكيان الإسرائيلي الغاصب ومستوطنيه، حيث أطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة شرارة عمليتها العسكرية والتي أطلقت عليها “طوفان الأقصى” والتي قد تكون فاصلة، ونجحت بمفاجأة العدو ومباغتته، من خلال مبادرتها النوعية التي أدت لقتل عشرات من جنود الاحتلال وجرح المئات بعد أن أطلقت آلاف الصواريخ، واستغلال هذه الكثافة الصاروخية لدخول قوات النخبة القتالية، للرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومواصة تماديه وتعديه على المقدسات والأعراض والكرامات وعلى المواطنين الفلسطينيين في القدس والضفة وفي الداخل المحتل.
وجاءت هذه العملية الفلسطينية طوفان الأقصى والتي فاقت التوقعات وكسرت كل القواعد بشكل فجائي وغير متوقّع، لكسر سيوف “إسرائيل” الحديدية، حتى أن إعلام العدو اعترف بالقول، إن «الهجوم من غزة شكل مفاجأة كبيرة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية»، حيث أسقط دفاعات العدو الإسرائيلي حول غزة ما أدى إلى انهيار جيش الاحتلال وجداره الفاصل والمحاصر لغزة، وسقطت نظرية الأمن برمتها، عندما داستها أقدام المقاومين وعجلات عربات الدفع الرباعي التي تمتلكها المقاومة، وهذا تطور غير مسبوق في تاريخ الصراع.
كسابقاتها من العمليات العسكرية للمقاومة، أثبتت هذه العملية أن «إسرائيل» ستبقى عدواً وسيستمر الصراع معها، ولن تكون هناك حلول، لأن الطرف الإسرائيلي ما زال يتمادى، ولا يريد وقف تجاوزاته هو ومستوطنوه ووقف عدوانه على الشعب الفلسطيني ورموزه الدينية والاعتراف بحقوق شعب خاضع للاحتلال ومحاصر، يريد أن يكون كغيره من الشعوب سيداً على أرضه، يعيش بكرامة، ويخطط للمستقبل دون خشية من أن يعتدي عليه أحد أو يهدم منزله أو يصادر ممتلكاته.
هذه هي «إسرائيل» وهذا هو الشعب الفلسطيني وهذا ما يعانيه منذ عشرات السنين، وقد تفاقمت معاناتهم مؤخراً مع زيادة حضور اليمين المتطرف في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وإذا كانت غزة تتعرض للعدوان الصهيوني، وفقدت العشرات من أبنائها المدنيين، ارتقوا ضحايا حملة الغارات والقصف الأخيرة، فإن أوضاع الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة ليست أفضل حالاً، فالاقتحامات العسكرية الإسرائيلية متوالية، والضحايا يسقطون كل يوم تقريباً، والمستوطنون يستمرون في الاستفزازات، وفي الاعتداء على المقدسات والممتلكات، وهم في ذلك مدعومون من بعض قوات الاحتلال وقياداتها التي لا ترغب في التعايش مع الآخر الفلسطيني بسلام.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار