رفضت الحكومة الفرنسية سحب قواتها ودبلوماسييها من النيجر، وتذرعت بعدم اعترافها بالنظام الجديد , وأبقت على السفير وباقي الدبلوماسيين كما أبقت على قواتها في قاعدتها هناك، وظنت أنه يمكن التلاعب بهذا الأمر إلى ما لا نهاية، إلا أنه ومع إصرار حكومة النيجر الجديدة على سحب السفير الفرنسي وقطع العلاقات، اضطرت حكومة ماكرون لإلغاء وجودها العسكري والدبلوماسي في النيجر.
وفي غضون الأشهر القليلة القادمة أو بالأحرى مع نهاية هذا العام لن يبقى لفرنسا أي وجود من أي نوع في النيجر كلها.
وواضح أن هناك رفضا كبيرا في عموم القارة الإفريقية لأي وجود أجنبي، وخصوصاً الوجود الفرنسي، فشعوب القارة بدأت تتحرر بشكل كامل من الاستعمار وخلال سنوات قليلة لن يبقى وجود استعماري في بلدان القارة السمراء، ولم تصدق حكومة ماكرون أن دولة مثل النيجر ستطردها من أراضيها وتنهي حقبة من الاستعمار الأجنبي امتدت لسنوات طويلة حتى بدا هذا الاستعمار مثل القدر على هذه الشعوب، فلا فكاك منه، وفي السنوات الأخيرة تحررت كثير من البلدان الإفريقية وطوت صفحة سوداء من تاريخها.
حاولت حكومة ماكرون تأليب دول إفريقية وغير إفريقية على الحكومة النيجرية لكن من دون جدوى، كما عملت على تحريض الداخل النيجري من دون جدوى، حتى إنها فشلت في دفع مجموعة دول «إيكواس» للتدخل في منع الحكومة النيجرية من الإبقاء على سجن الرئيس النيجري، وزعمت أنها لن تتعامل إلا مع الرئيس السابق محمد بازوم، ولن تعترف بالحكومة الجديدة، ولكن لم يدم هذا الموقف إلا بضعة أسابيع، فاستدارت حكومة ماكرون لتلتزم بقرارات الحكم الجديد وسط تداعيات هزيمة نكراء لها.
والآن تحمّل المعارضة الفرنسية كامل المسؤولية لماكرون على فشل سياسته التي أدت إلى خسارة فرنسا كل مستعمراتها في إفريقيا.
ويدعو الشارع المعارض في فرنسا إلى إقالة ماكرون لإخفاقه في الحفاظ على المستعمرات الفرنسية في إفريقيا وغيرها، ونعتقد أن وضع الرئيس ماكرون صعب للغاية مع هذه الانهيارات السريعة والمتتالية للوجود الفرنسي في الخارج، وإضعافه للموقف الفرنسي على الصعيد العالمي.
د.تركي صقر
90 المشاركات