سيدة سبل العيش
ليس بخافٍ على أحد أن ظروف الحرب البغيضة تسببت في فقد الكثير من الأسر للأب المعيل الأساس لها، أو أن هذا الأب تعرض لأذيات جسدية نجم عنها عجز بنسب متفاوتة ما يحول دون قدرته على العمل إن جزئياً أو كلياً، وحتى ذلك الأب الموظف تجده متقهقراً على رأس أسرته لا يقوى مع دخله الهزيل على تغطية جميع متطلبات معيشتها.
وهنا نجد أن المرأة ربة المنزل غير الموظفة، لم تعد في ظل ظروف الحياة القاسية التي نمر بها تقف على الحياد، فهي في الكثير من الأسرّ الأشد عوزاً أصبحت تنبري في محاولة لجني دخلٍ إضافي يسهم بسد بعض متطلبات أبنائها، حيث أصبح واضحاً للجميع اتساع لجوء النسوة في مثل تلك الأسرّ إلى أعمال مستحدثة كي يتمكَّنَ من المساعدة في إعالة عوائلهن.
فهذه تعمل في فرط عرانيس الذرة وتلك في شق حبات الفليفلة ونزع بذورها لصالح معامل الكونسروة، ومثلهما تحضِّر المكدوس وتزيل أعقاب البامياء وكذلك شغل الجميد والكشك وغيرهما لغرض المؤونة لصالح محال تجارية أو أسرّ ميسورة، حتى إن هناك من يعملن في تحضير وجبات طعام رائجة مثل الفطائر و”اللزاقيات”، بعد أن يؤمن طالبوها المواد اللازمة.
ولم تعد تلاقي الكثير من النساء حرجاً في الإعلان على صفحات الفيس عن استعدادهن للقيام بمثل تلك الأعمال أو غيرها، خاصةً أنها لا تستدعي خروجهن من منازلهن ما يضمن استمرارهن برعاية أبنائهن وتأدية واجباتهن المنزلية، وحتى يمكن لأفراد الأسرة جميعاً أن يتشاركوا في تلك الأشغال المأجورة في حال كبر حجمها.
حديثنا عن عمل المرأة بالطبع لا يأتي بجديد، فهي متواجدة على مرّ الزمن في كل المواقع وأثبتت كفاءة عالية، لكن الجديد قد يكون بنوع العمل واتساعه داخل المنازل، وما نأمله التفاتة من الجمعيات الأهلية والمنظمات الإنسانية وحتى الجهات المعنية لمثل تلك الأعمال، إذ يمكن أن تشكل نواة لمشاريع صغيرة تدعم سبل عيش أسرّ كثيرة إذا توافر لها التمويل اللازم.