جدل جديد يحتدم حول “آفة الجيوب”..وزارة التربية تعلن الدروس الخصوصية مخالفة صريحة للقانون.. الفضائية التربوية والمنصات خيار بديل
تشرين- إلهام عثمان:
عندما نتحدث عن الحياة اليومية للمواطن العادي، نجد أن الضغوطات المعيشية تشكل جزءاً كبيراً من واقع حياته، فالارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة بكل أشكالها يضع عبئاً كبيراً على أكتاف الأفراد والأسر.
ولم تقف الضغوطات على عتبة الواجبات المعيشية اليومية فقط بل طالت معطياتها سبل وطرق التعليم، وما زاد الطين بلة أنه أصبح على الأهل أيضا مواجهة تكاليف إضافية غير متوقعة ولم تكن في الحسبان، من بين التكاليف الإضافية للدروس الخصوصية أو الدورات الخاصة في المعاهد، ويقف الأهل في حيرة ما بين الحقوق و الواجب، لتكون عبئاً جديد إضافياً يثقل كاهلهم وواحدة من أهم العوائق التي أضحى المجتمع السوري يعاني منها.
الدروس الخصوصية أصبحت كابوساً يستنزف مدخرات الأهالي والمعلم يراها تعويضاً للدخل الضعيف… والتربية تراقب
وكون التعليم قطاعاً حيوياً ومفصلياً في تقدم المجتمعات، كان لابد من التضحية في لقمة العيش في سبيل تحصيل درجات أعلى للطالب لابد من دفعها وليس من مفر، وهنا تكمن المشكلة، لنجد أن الدروس الإضافية تتحول تدريجياً من حقوق إلى كابوس الحاجات الملحة.
تُعد نفقات التعليم الإضافية جزءاً من تحدٍ أكبر يواجهه المواطنون في مجتمعاتنا اليوم، حيث تتباين أسعار الدروس الخصوصية للطلاب ما بين منزل الطالب، أو منزل المدرس وصولاً للمعاهد والدورات الخاصة، وكلما أرتقى اسم المعهد بكادره التدريسي كلما كانت رسوم الاشتراك فيه “أعلى”، فالمعهد ذو النجمة الواحدة يختلف عن المعهد ذي النجوم الخمس.
وكحالة تعايش للواقع المفروض اشتكت والدة الطالب عدي سلامة “الشهادة الثانوية” قائلة ل”تشرين”: إنها تقف عاجزة في بعض الأحيان عن تدبر أمورها في تأمين مصروف الدروس الخصوصية، فهي المعيلة الوحيدة لأسرتها بعد وفاة زوجها مؤكدة أنها تعمل لأوقات طويلة في تجهيز الخضار وتقطيعها وبيعها لسوق “التنابل”، لتأمين مصروف أبنائها، وتؤكد أنها على أستعداد أن تواصل العمل ليلاً نهاراً في سبيل تحصيل ابنها درجات أعلى والتخلي عن شعور التقصير منها لتنسى أيامها المرة.
سعر الدرس يختلف بحسب أهمية المادة و”سمعة” المدرس ومكان التدريس
في حين أوضح مدرس اللغة العربية فراس شاكر وجهة نظره ل”تشرين”, مؤكداً أن الضغوطات المعيشية تطول فئات المجتمع كافة، ويجب أن نؤمن قوت أطفالنا فالرواتب لا تكفي لأكثر من يومين لذا لابد من إيجاد الحلول، ويضيف: نحن ككادر تدريسي واجبنا أن نعطي المادة في المدرسة كما يجب، لكن تفاوت الذكاء والاستيعاب مابين طلاب الصف الواحد يجعل من بعضهم يفهم الدرس فوراً مع مراجعة قليلة ومتابعة في المنزل، والبعض الآخر لا يستوعب الشرح، إما بسبب قدراته العقلية أو إضاعة وقته مع زملائه في أمور فارغة خارج نطاق الدرس، فيخرج من دون فهم للمادة وهنا لا يمكن لوم المدرس.
وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى أن سعر الدرس الواحد يتراوح مابين 5000- 35000 ليرة إن لم يكن أكثر، حسب رأي بعض الأهالي، وطبعاً حسب أهمية المواد وعدد الدروس للمادة الواحدة ووفقاً لبروز معلم المادة في إنجذاب جمهوره من الطلبة وفقاً لأسلوبه في توصيل المعلومة بشكل مهني واحترافي ودقيق ومفهوم، فمواد اللغة والرياضيات واللغة العربية والفيزياء والكيمياء تختلف عن باقي المواد وفقاً لاهميتها، وفي تلك الحالة الأهل مجبرون إذ لا حول ولا قوة, “وللي بدو العنب ما بدو يقاتل الناطور” حسب رأي البعض.
لا سيما إذا دق جرس الامتحانات وشعر الأهل بضرورة زيادة عدد الدروس الخصوصية ليحصل أبناؤهم على معدلات أعلى، فمن المألوف أن نجد الآباء والأمهات يبذلون جهداً إضافياً لتأمين فاتورة الدروس الخصوصية أو الدورات التعليمية خارج النظام المدرسي، وهذا يأتي غالباً كجزء من رغبتهم في تقديم فرص تعليمية أفضل لأبنائهم، فهم مضطرون لقطع لقمة العيش عن أفواههم لدفعها ثمناً للدروس الخصوصية في سبيل تأمين مستقبل أفضل لأبنائهم إذ إن بعض الأهالي حاصلون على مؤهلات دراسية تساعدهم في تدريس ومتابعة أبنائهم وخصوصاً بعد تغيير المناهج، كما أن الحصول على درجات جيدة والالتحاق بالفرع المرغوب ليس وقفاً على الطالب بل هو غاية للأهل إيضاً، ولتعويض أحلامهم التي سرقته منهم الظروف رغماً عنهم.
تحسين وضع المعلم
وحيث إن المصاريف والتكاليف الإضافية تستنزف الأهالي لكنها الحل لوحيد لتفادي التأخر الدراسي والتحصيل المعدلات الأعلى لأبنائهم بهدف الدخول لفروع دراسية تحتاج مجموعاً أكبر.
لذا كان لا بد لوزارة التربية من الرقابة على العملية التعليمية وتحسين وضع المعلم من خلال توفير بيئة تعليمية للمعلمين وتحسين الرواتب والمكافآت لزيادة الحوافز وفق ما بينت رئيسة دائرة التعليم الخاص في وزارة التربية وسام الحاج علي في تصريح خاص ل”تشرين”.
التعليم الخاص في وزارة التربية: دورات المتابعة ما بعد المدرسة مخالف لأحكام عمل المخابر اللغوية، المحددة بأحكام المرسوم التشريعي رقم /٥/
وأكدت الحاج أن لدى وزارة التربية يوجد المخبر اللغوي وهو مؤسسة تعليمية خاصة تقيم دورات لتعليم اللغات الأجنبية غير المحلية أو المواد التعليمية للشهادتين (التعليم الأساسي والثانوي حصراً) خارج أوقات الدوام الرسمي، حيث تقتصر الدورات التعليمية في المخابر اللغوية على الطلبة الأحرار الراغبين في التقدم لامتحان الشهادتين المذكورتين والذين يحق لهم التقدم للامتحانات العامة بصفة أحرار والطلبة الحاصلين على الشهادة الثانوية العامة الراغبين بالتقدم بصفة ناجح ويعيد.
وبخصوص دورات المتابعة ما بعد المدرسة في المخابر اللغوية لفتت الحاج علي إلى أن ذلك مخالف لعمل المخابر اللغوية، المحددة بأحكام المرسوم التشريعي رقم /٥٥/ لعام ٢٠٠٤م وتعليماته التنفيذية .
مشددة على أن وزارة التربية تبث مناهجها الوطنية عبر منصاتها التعليمية لتخفيف التكاليف على أولياء أمور الطلبة.
الدور الرقابي
وحول سؤال “تشرين” عن دور وزارة التربية في الرقابة على العملية التعليمية من خلال وضع معايير تعليمية ومناهج دراسية تحقق جودة التعليم مراقبة وتقييم أداء المدارس والمعلمين للتأكد من تحقيق هذه المعايير وتطوير نظام جودة التعليم وماذا يشمل؟
أحابت مديرة الاشراف التربوي في وزارة التربية إيناس ميه أن وزارة التربية عملت على تطوير المناهج التربوية باعتماد مدخل النشاط وأصبح المتعلم محوراً للعملية التعلمية، لينتقل إلى مشارك فاعل يبحث ويفهم ويحلل ويستنتج ويطبق المعارف والمهارات التي اكتسبها في مواقف جديدة.
كذلك تدريب المعلمين والمدرسين على مجموعة من المحاور، منها: الطرائق النشطة في التعلم، التقويم البديل والتقويم المستمر، إدارة الصفوف والضبط الإيجابي للصف– التعامل مع الصفوف ذات الأعداد الكبيرة– دمج التقانة في التعليم– استخدام الوسائل التعليمية وقد شمل التدريب معظم المعلمين والمدرسين.
مديرة الإشراف التربوي: لدينا الفضائية التربوية ومنصات تربوية
كما أضافت ميه أن لتدريب الأطر التوجيهية والإشرافية التي تقوم بمتابعة عمل المعلم دوره داخل الغرفة الصفية ورصد نقاط القوة والضعف في أدائه، لذا كان لابد من وضع الخطط العلاجية لاستكمال تدريبه وتلافي الثغرات في الأداء.
إضافة إلى متابعة الموجه التربوي والاختصاصي وإدارة المدرسة تحضير المعلم والمدرس لأنشطة المنهاج وتطبيقها بشكل جيد وفي الزمن المحدد لها من العام الدراسي، وبث الدروس التعليمية على الفضائية التربوية، وخاصة لطلاب الشهادات حيث تستقطب خيرة المدرسين والموجهين، لشرح الدروس باستخدام أحدث التقنيات، وكذلك ندوات تعليمية على الهواء مباشر للإجابة عن أسئلة الطلاب.
كما لفتت ميه إلى إنشاء الوزارة لمنصات تربوية في المركز الوطني لتطوير المناهج، وفي المحافظات، وتهدف لتزويد المعلمين والمدرسين ما يحتاجون إليه من معلومات وخبرات ومهارات عبر التواصل الإلكتروني وكذلك تبادل الخبرات والتجارب المتميزة بين المعلمين والمدرسين عبر هذه المنصات الإلكترونية.
كما عملت الوزارة على اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المدرس الذي لم يلتزم بالدوام، والسير بالمنهاج وفق الخطة الدرسية الصادرة عن وزارة التربية ولا يكلف بالتدريس في العام الذي يليه في صفوف الشهادات، ويكلف بالتدريس في الصفوف الانتقالية فقط كما عملت على مشروع الحوافز والترقية الوظيفية ما يسهم في رفع دخل المعلم.