هبا علي أحمد:
لا تشكل زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين حدثاً تاريخياً باعتبارها الأولى من نوعها منذ 20 عاماً فحسب، بل هي نقطة تحول حقيقية عالمية وفاصلة في سياق دولي حاسم ومحتدم، ولا نبالغ إن قلنا إنها الزيارة الحدث التي هي أحد أركان صياغة عالم جديد، أي بمعناها هي دلالة بالغة على تشكل عالمين شرقي وغربي.
واضحاً وصريحاً ومباشراً كعادته، كان السيد الرئيس خلال لقائه رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في العاصمة الصينية بكين، عندما قال: إن سورية اليوم أكثر تمسكاً بالتوجه شرقاً لأنه الضمانة السياسية والثقافية والاقتصادية بالنسبة لها وهذا مبدأ في السياسة السورية.. عند هذه النقطة لا بد التوقف، ولا نبالغ أيضاً إن قلنا إنها بمنزلة دعوة للعالم لاقتناص الفرصة والبحث عن تموضعات جديدة لا تخدم السياسة فحسب، بل تخدم ثقافة المجتمع وتنمية اقتصاده وبيئته الإنسانية وتطلعات شعبه بالتالي تخدم ديمومة الأمن والاستقرار.
راهناً يتخبط العالم بين الشرق والغرب من دون أن يكون ذلك بصورة واضحة أو بالأصح تحت مسمى واضح، ويمكن اعتبار إشارة السيد الرئيس بداية الانطلاقة للتصحيح والتوضيح والاختيار والتوجه.. مع الشرق أو مع الغرب أي بين معسكرين لا ثالث بينهما.
..مع الشرق أي الصين وروسيا ومن معهما، حيث التعاون والشراكة القطبية والتنمية المستدامة وتكتلات أكثر أمناً وديمومة واستقراراً، وبالتالي يكون المستقبل واعداً في السياسة بعيداً عن الحروب والصراعات مع منظمات دولية بديلة عن المنظمات الحالية أو تصحيح لها تُنشأ للسلام وتستمر في خدمته.. وفي الاقتصاد بعيداً عن هيمنة الدولار مع وجود مؤسسات مالية في خدمة الشعوب وليست مستنزفة وضاغطة لها، ولا سيما مع رغبة دول العالم بتحول العملة الصينية «اليوان» إلى عملة دولية ولا سيما أن السلاح الغربي ضد دول العالم هو سلاح الدولار، كما قال السيد الرئيس.
..أما من يختار الغرب، أي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها، فليقبل بالسيطرة الأمريكية والهيمنة المستدامة بدلاً من التنمية المستدامة، وليقبل الارتهان الدائم للعملة الأمريكية والاستنزاف الاقتصادي بسبب وبلا سبب أو تحت ذرائع واهية، إلى جانب إشعال فتيل توترات متجددة ممتدة جغرافياً.
العالم في مرحلة انتقال إلى الجانب الصحيح من التاريخ بقيادة صينية وبإشارة سورية وهذه ثنائية لافتة لابد من الإنصات لحديثها ومتابعة دقيقة لمسار خطواتها وكلماتها المختارة بعناية ودقة بالغة، وبرسالة بليغة، ومن يريد أن يتأكد فليعد بالتاريخ وينظر إلى العالم القديم بقيادة الولايات المتحدة، حيث الشراهة للمال التي أفقدت الإنسانية مضمونها، بينما العالم الجديد تنهض به الأخلاق والإنسانية وهذه متوفرة لدى الصين.
هبا علي أحمد
325 المشاركات