الدورية تُحجم الطارئة
على ما يبدو أن أعمال الصيانة الدورية لتجهيزات منظومة عمل بعض الجهات العامة باتت في طور النسيان، على الرغم من أن الضرورة تقتضي عدم تجاهلها أبداً، وخاصةً في ظل قدم وتهالك معظمها وعدم القدرة على تجديدها واستبدالها ضمن الظروف الراهنة.
إنّ المتتبع لواقع عمل القطاع الصحي، يلاحظ أن بعض تجهيزات مشافيه الحيوية تتعرض لأعطال مفاجئة تستدعي تدخلا طارئاً، لكن ذلك غير متاح على الأغلب لأن شركات الإصلاح متعاقد معها مركزياً في العاصمة وقد لا تحضر إلّا بعد عدة أشهر، وهذا ما يحيد الكثير من خدمات المرضى النوعية، ولو أن أعمال الصيانة الدورية تجري بشكل جدي ووفق جداول زمنية محددة، لما كانت وصلت تلك التجهيزات لمرحلة الأعطال الكبيرة والتوقف التام.
وحال الاتصالات ليس بالمستوى المقبول، حيث إن خدمة بوابات الإنترنت متذبذبة الجودة، وكثيراً ما يراجع المشتركون بشأن ضعفها أو انقطاعها، في حين أن عمليات الإصلاح غير مجدية على المدى الطويل بدليل تتكرر المشكلات نفسها في أوقات متقاربة، والسبب يرجع لضعف الصيانات الدورية لمفردات منظومة الاتصالات.
ليست ببعيدة عن هذا الواقع منظومة الكهرباء، فالأعطال الطارئة في محطات ومراكز التحويل تكاد لا تنتهي، ومرد ذلك أنها لم تعد تأخذ حقها من أعمال الصيانة الدورية، كذلك منظومة مياه الشرب ليست بحل مما يحدث، إذ تواجه نفس مشكلة تراجع الصيانات الدورية، الأمر الذي يخفض من مستوى أدائها ويجعلها عرضة للأعطال الطارئة أيضاً.
وفي فروع المصارف على اختلافها لا تغيب أعطال التجهيزات من صرافات وحواسيب وشبكات وعدادات نقود وطابعات، وما يتم على الأغلب هو تدخل طارئ بالإصلاح بعيداً عن الصيانة الدورية، والنتيجة الماثلة للعيان تدني بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
أيضاً؛ الآليات الثقيلة من تركسات وبواكر وبلدوزرات وشاحنات ورافعات وسلات وغيرها، تتعرض على قلّتها وقدمها لضغط عمل هائل، فيما لا تجري لمعظمها أعمال صيانة دورية تضمن استمرارية أدائها بالمستويات الجيدة، ليتوقف بعضها فجأة نتيجة حدوث أعطال كبيرة تتطلب مبالغ طائلة لقاء إعادة عمرتها.
ولا شك في أن تدارك العوائق التي تحول دون تنفيذ بعض الجهات للصيانة الدورية، يتطلب تلافي نقص الاعتمادات المرصودة لهذه الغاية، وتدعيم الكوادر الفنية التي تسرب معظمها خلال السنوات الفائتة إلى حدِّ الندرة، ولا تقل بالتوازي ضرورة تكليف جهة رقابية تتأكد من تنفيذ الصيانات الدورية الواجبة بما يضمن استبعاد أي عوامل إهمال أو تقصير ولا مبالاة قد تحصل تجاهها.