شعارات فقط…؟
سنوات طويلة ونحن نتغنّى بأن طرطوس داعم هام لقوام سلّة سورية الغذائيّة، وأنّ طرطوس محافظة زراعية بامتياز، لكن التغنّي بقي شعارات رنانة تُطلق مع بداية كل مناسبة من دون تقديم ما يدعم هذه المكانة.
فمزارعنا ليست بخير، ومربو الثروة الحيوانية ليسوا بخير، ومربو الدواجن ليسوا بخير، وهذا يعني بأنّ قطاعنا الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ليس بخير.
ضربات قاسية وكبيرة تلّقاها المزارع والمربي خلال السنوات الأخيرة أنهكت قواهما وجعلتهما يفكران مراراً في ترك العمل الزراعي إلى غير رجعة، على الرغم من أنّها مصدر رزقهما الوحيد.
وقد فعلها بعض مزارعي الحمضيات الذين أقدموا على قلع أشجارهم والاستعاضة عنها بزراعة القمح أو الزيتون، وبعضها تُركت بوراً.
من أين نبدأ هل نتحدث عن غلاء مستلزمات الإنتاج لمزارعي البيوت المحمية، ابتداءً بالبذار المهربة والمضروبة، وليس انتهاءً بعبوات الفلين التي تجاوز سعر الواحدة منها خمسة آلاف ليرة؟
أم عن جنون أسعار الأعلاف التي أخرجت العشرات من مربي الدواجن من التربية، ولم يبقَ بالميدان إلّا طويل العمر، ما أشعل أسعار اللحوم البيضاء والبيض.
وهل نحدّثكم عن السماد المضروب الذي اشتراه مزارعو البطاطا من القطاع الخاص، أم عن أسعار التبغ التي لا تساوي تعب الفلاح طيلة عام كامل من العمل المتواصل وأسعاره في السوق ثلاثة أضعاف أو أكثر مما تعطيه مؤسسة التبغ.
اليوم ونحن على أبواب موسم زراعي جديد، بدأ مزارعو البيوت المحمية التحضير للزراعة، وكذلك العروة الخريفية للبطاطا، هل وضعتم خططكم الاستراتيجية لحماية هذا المزارع ودعمه، من حيث تأمين مستلزمات الإنتاج جميعها وبلا استثناء عن طريق القطاع العام، والذي ما زال وسيظل الضامن الوحيد للمزارع، فهل أمنّتم له حاجته من المازوت الزراعي، ومن مياه الري ومن الكهرباء لتشغيل الآبار وهل وهل؟… أسئلة كثيرة لا يتسعها مقال وربما تحتاج إلى صفحات جريدة كاملة.
والسؤال الأهم ألا تستحق محافظة طرطوس أن يسمى فيها محصول استراتيجي مثل الحمضيات أو الزيتون أو الزراعة المحمية.
القطاع الزراعي هو أحد أذرع الاقتصاد، فإن أردنا اقتصاداً قوياً، فلندعم الزراعة بكل ما أوتينا من قوة، ادعموا المزارع ثبتوه في أرضه، وفرّوا له كل ما يحتاجه، أبعدوه عن تحكم التجار الذين لا يرحمون وهمهم الوحيد الربح، فالوقت لم يفت بعد، ربما نعوض ما خسرناه، وكما يُقال : لا خير في أمة لا تأكل مما تنتج ولا تلبس مما تنسج.