أزمة الاقتصاد السوري على طاولة جمعية العلوم الاقتصادية.. وخبير يتساءل عن جدوى تغيير السياسات الاقتصادية؟!
تشرين – ابتسام مغربي:
تحدث الدكتور منير الحمش في ندوة جمعية العلوم الاقتصادية عن أزمة الاقتصاد السوري وكيفية الخروج منها، موضحاً أننا نعيش تداعيات الحالة المأساوية التي يمر بها اقتصاد البلد مستعيناً بوثيقتين، الأولى على برنامج الغذاء العالمي الذي يحذر من معدلات الفقرالمرتفعة التي بلغت مستويات قياسية في ظل أزمات اقتصادية ومالية مزمنة، و يوضح برنامج الأغذية أن 2.9 مليون شخص معرض لخطر الانزلاق إلى الفقر و 12 مليون شخص لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية. وتحتل سورية بذلك حسب مزاعم البرنامج سادس أعلى رقم في العالم من ناحية انعدام الأمن الغذائي. والوثيقة الثانية صادرة عن البنك الدولي عام 2022 والتي تتحدث عن المسارات التي أدت إلى انخفاض حجم النشاط الاقتصادي وهي مسار الدمار المتعلق بالممتلكات والأصول الاستراتيجية ومسار النزوح الذي مزق النسيج السكاني ومسار الفوضى التي أثرت باللحمة الاجتماعية نتيجة الحرب والارهاب.
طغيان أثرياء الحرب
وأشار الدكتور الحمش إلى أن الاقتصاد السوري فقد خلال الحرب ثلثي مقوماته، وخسر أهم موارده، وتراجع الناتج الاجمالي فيه إلى عشرين مليار دولار في 2019 بعد أن كان 60 مليار دولار عام 2010. ومع ازدياد الفساد وسيطرة المحسوبيات في الادارات وطغيان أغنياء الحرب استمر تراجع الاقتصاد وتدهور سعر الصرف. ومع تأكيد الحمش على أهمية العامل الاقتصادي في الأزمات والحروب فإن المراجعات المطلوبة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية حتى لا تكون سبباً في تعميق الأزمة.
الحمش: الاقتصاد السوري فقد خلال الحرب ثلثي مقوماته وخسر أهم موارده
ولا بد من تحول في السياسات الاقتصادية والاجتماعية تتناسب مع الدروس المستخلصة من الواقع وهذا يؤكد وجوب تغيير كلي في المسائل المرتبطة بالاقتصاد، وتغيير الوسائل والأدوات ويتطلب ذلك مراجعة موضوعية لهذه السياسات ووضع الأساس النظري والإطار العملي للسياسات المقترحة لمرحلة التعافي والابتعاد عن التوجهات التي كانت سبباً أساسياً في الأزمة، يجب أن تشمل المراجعات القرارات المالية المتعلقة بالضرائب وبعض القرارات المرتبطة بالتخلي عن أصول مباني المؤسسات تحت عناوين التشاركية.
الإرادة والإدارة مخرج للحل
ولمواجهة الفقر في سورية أكد الحمش أنها تتعلق بالإدارة التي تحتاج لوجود قرار يلزم الجميع والإدارة المتمثلة بالحكومة ومؤسساتها المختلفة بحيث تمتلك التخطيط والمتابعة والتنفيذ وخاصة قضايا الانتاج الزراعي والصناعي والحرفي والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، والانتقال من حالة الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج.
وأكد الحمش صعوبة إعطاء وصفة سريعة للحل إلا أن الحلول الاسعافية المطلوبة تتطلب إلغاء القرارات إلى ما كانت عليه، وتنفيذ زيادة الرواتب مع الحل الجدي لمكافحة الفساد في مؤسسات الدولة. وإعادة ثقة المواطن بعملته الوطنية وإلغاء فرض الضرائب غير القانونية. وإلغاء عقود بيع واستثمار أصول الدولة، وتعزيز السلطة القضائية.
أصول كثيرة معطلة يمكن في حال استثمارها تحقيق جدوى
وعي الواقع وصعوبة الحل
الحوارات التي تلت المحاضرة طرحت المشكلات وقدمت مقترحات للحلول فقد صرح الدكتور موسى الغرير أن الاقتصاد السوري يعاني من ناحيتين تتعلقان بالمواد النادرة والنفقات الكبيرة، وبالمسببات تتعلق بعوامل داخلية منها الهدر والرشوة والتشريعات القديمة مع فقدان ثقة المواطن بالإجراءات الحكومية فإن الاستمرار بتعطيل مصادر الدخل واستمرار الفساد وتعطيل الأصول الكثيرة التي يمكن في حال استثمارها تحقيق تغيير.
أثر غياب الرقم على الخروج بالحلول
أما زهير تغلبي نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية فقد أكد أن الاقتصاد السوري بما يمر فيه من صعوبات تتعلق بالنقص السلعي وزيادة الكتلة النقدية وافتقاد الطبقة الوسطى لتضاف إلى شريحة الفقراء، وارتفاع سعر الصرف ولكن لعدم وجود معطيات وأرقام لازمة عن وضع السوق نحتاج إلى توفرها للوصول إلى الحلول الممكنة، الوضع الراهن يؤكد إلى شبه غياب كامل لتلك الأرقام وأن الإدارات العامة لا تتوفر فيها هذه الأرقام.
من جهته أجاب دكتور منير الحمش مؤكداً أن المشكلة هي في السياسات الاقتصادية التي سببت الاشكالات المتتابعة. لماذا لا نغيرها؟ نحتاج إلى فكر جديد وقدرة تحليلية جديدة والاصلاح الاقتصادي تجاوز كل السياسات القائمة فالاشتراكية ليست صيغة واحدة يدعمها اقتصاد شمولي. وسورية لم تكن متطرفة على امتداد التاريخ ولا بد من دور للدولة يكون لصيقا بالموالاة للفقراء والطبقة الوسطى. وينبذ كل حالات الفساد، وتجاوز القيم المجتمعية.