كيف فشلت أميركا بتطبيق عقيدة «الصدمة والرعب» في سورية كما العراق وليبيا؟

تشرين – مها سلطان:

في مقابلته مع قناة «سكاي نيوز» عربية، وفي رد على سؤال حول الخوف والخشية على حياته وحياة أبنائه فيما «كانت المعارك تدور على بعد أمتار من القصور الرئاسية».. قال السيد الرئيس بشار الأسد: الخوف جزء من طبيعة الإنسان، والشي الطبيعي أن يخاف الإنسان لكن الخوف له أشكال تتراوح ما بين الهلع والتوجس وما بينهما، لم نصل لحد الهلع بكل تأكيد».. «كنا نعيش حالة عامة، لم أكن أنا المستهدف كشخص، كان الكل مستهدفاً، كنا نسير في هذه الشوارع والطرق والقذائف تسقط على مدى سنوات، حتى ونحن في منازلنا…».

ويضيف الرئيس الأسد في جزئية هي غاية في الأهمية، لكونه تم تطبيقها في منطقتنا بأكثر الصور وحشية، منذ غزو العراق في عام 2003 مروراً بما يسمى الربيع العربي، حتى اليوم.. ما زال تطبيقها مستمراً.

وكان ورود هذه الجزئية في سؤال للقناة كان مضمونه مقارنة ما يحدث في سورية مع ما حدث في العراق صدام حسين.. وليبيا معمر القذافي.

والجزئية متمثلة فيما يسمى «الصدمة والرعب».. فماذا قال الرئيس الأسد؟

الرئيس الأسد أكد أن الغرب حاول زرع «هاجس الحالات الشخصية» وتسويقها إعلامياً «من أجل خلق حالة من الرعب» وقال: المستهدف لم يكن القذاقي كانت ليبيا، والمستهدف لم يكن صدام حسين كان العراق، والمستهدف لم يكن الرئيس بشار كانت سورية، وعندما تضع هذه الأمور بالحسبان فأنت لن تعيش هاجس الحالات الشخصية التي حاولوا تسويقها من أجل خلق حالة من الرعب.

بالمصطلح والمضمون.. تعرف «عقيدة شيكاغو» العقيدة التي لا تعرف الرحمة..

عقيدة الغاب.. والخراب العابر للقارات

ويضيف سيادته حول ما حصل مع القذافي وصدام حسين: «نحن في سورية كان لدينا وعي لهذه السيناريوهات التي وُضعت وسُوقت في الإعلام لكي تخلق حالة من الرعب».. فعلياً، «لم تكن هذه السيناريوهات في عقولنا وخاصة أننا كان نخوض معركة وجودية».

هذه الجزئية تقودنا إلى أخطر النظريات الغربية وأكثرها عنفاً ووحشية والتي استهدفت منطقتنا بشكل مباشر، والمتمثلة في سيناريوهات الصدمة والرعب التي تنضوي في الغرب تحت ما يسمى عقيدة شيكاغو أو مدرسة شيكاغو، وشعارها «اصدمهم وسيطر عليه»؟

لنسرد الحكاية من أولها.. ومن أول تطبيق عملي لهذه العقيدة في منطقتنا.. من العراق.

في 6 أيار 2003 تم اختيار بول بريمر حاكماً «مدنياً» لبلد مازالت عاصمته تشتعل، فالعمليات العسكرية انتهت للتو «2 أيار 2003».. والعراق بات رسمياً تحت الاحتلال.. طبعاً لم يكن لبريمر من «المدنية» إلا لباسه الزاهي والسوار الذي يحيط بمعصمه.

أول كلمات نطق بها بريمر كانت: العراق اليوم أصبح مفتوحاً للأعمال الربحية.

لم ينتبه أحد حينها، مرت تلك الكلمات مرور الكرام، ومضت سنوات – حتى بدأ الربيع العربي – لنكتشف أن ما قاله بريمر كان إستراتيجية استعمارية كاملة ولكن من نوع خاص: عنيفة متوحشة ومتطرفة بحدود كارثية، إنها إستراتيجية الكوارث المربحة.. كوارث على اختلافها: حروب، انقلابات، أزمات سياسية أو اقتصادية، مجازر وعمليات إبادة، نكبات إنسانية بفعل زلازل أو براكين أو ثلوج أو تسونامي… إلخ، إنها الأوقات الأفضل على الإطلاق لتمرير كل شيء حيث يكون الناس في حالة هلع، لا يملكون معها أي مقاومة، وإذا لم تقع هذه الكوارث فعلينا نحن، أي الغرب الرأسمالي، القيام بما يتوجب لكي تقع.

الصدمة والرعب لم تشمل العراقيين فقط، بل كل العرب الذين جلسوا أمام الفضائيات يشاهدون سقوط العراق وهم في حالة ذهول، لتتوالى منذ ذلك الوقت فصول «الأرمادا» ونحن تماماً في حالة من لا يملك أي مقاومة.. لأننا فعلياً – وفي أغلبيتنا – لم نكن نفهم ما يجري، ولم نكن مدركين لحجم المؤامرة، وغرقنا في حالة صدمة ورعب.

لنوضح أكثر، يمكننا استحضار ما قاله مرة ريتشارد أرميتاج «أحد أبرز ما كان يُعرف بالمحافظين الجدد» خلال فترة التجهيز لغزو العراق: العراقيون سيغرقون في الصدمة، سيكونون مشوشين وفي حالة تيه كاملة بسبب الحرب وبسبب سقوط صدام حسين، وهذا سيسهّل قيادتهم من النقطة ألف إلى النقطة باء.

في الولايات المتحدة والغرب عموماً تعرف هذه الإستراتيجية – بالمصطلح والمفهوم السياسي – بإستراتيجية الصدمة أو بمعنى أدق «الصدم» وفق مبدأ «اصدمهم واستولِ عليهم». أما بالمصطلح والمضمون الأكاديمي فتعرف بـ«عقيدة شيكاغو»، العقيدة التي لا تعرف الرحمة، عقيدة الغاب.. والخراب العابر للقارات، عقيدة الربح ولا شيء إلا الربح، وهذه العقيدة تُدرّس علناً بوجهها- هكذا- من دون تجميل، من دون تشذيب، ومن دون «رتوش أو ترقيع» في أشهر الجامعات الأميركية – جامعة شيكاغو للعلوم الاقتصادية، ومنها أخذت اسمها.

في منطقتنا، ومنذ بداية هذه الألفية.. كل شيء بدأ من العراق، ولم ينتهِ بعد، كيف طبقت أميركا عقيدة شيكاغو على الدول العربية، بأي مستوى، بأي أدوات، ولمن كانت الأدوار الرئيسة؟

في ظهيرة يوم 13 أيار 2003 وصل بول بريمر إلى بغداد، وفي أول اجتماع له مع ما كان يُسمى آنذاك مجلس الحكم العراقي، تبجح رداً على سؤال تهكمي عن صلاحياته ومسؤولياته، قائلاً: لدي صلاحيات محتل، وسلطات صدام حسين، إضافة لما أراه مناسباً، أنا هنا بصلاحيات غير قابلة للنقاش وغير قابلة للطعن..

.. من هنا بدأ «زلزال شيكاغو» في العراق ولاحقاً في كل المنطقة.

عندما غزت الولايات المتحدة، على رأس تحالف دولي، العراق «20 آذار 2003» كانت المنطقة لا تزال تحت صدمة ما تلا أحداث 11 أيلول 2001 والحرب العالمية التي أعلنتها واشنطن على الإرهاب، هذه الحرب بدأت من أفغانستان 7 تشرين الثاني 2001 ليمر بعد ذلك عامان وخمسة أشهر كانت فيها أكثر من دولة في المنطقة وجوارها تتحسس رأسها خشية أن تكون التالية على لائحة غزوات الإرهاب الأميركية، خصوصاً أن أحداً لم يكن ليُعارض أميركا في حربها على الإرهاب، بعدما وفرت أحداث 11 أيلول ذريعة دائمة لها لمهاجمة أي دولة تريدها.

لم يكن اختيار العراق للغزوة التالية اعتباطياً، لقد أرادت الولايات المتحدة انتصاراً ثانياً سهلاً وسريعاً لتكرس عقيدة شيكاغو المتوحشة التي أطلقتها في المنطقة، كانت واثقة من النصر على جيش منهك وبلد محاصر منذ 15 عاماً وبلا غطاء عربي، لنتذكر هنا كيف هلل العرب لاحتلال العراق، وكيف أن نصفهم على الأقل انخرط في دعمه لوجستياً ومالياً وإعلامياً، آنذاك كانت ذريعة «التخلص من النظام الدكتاتوري» تطرح لأول مرة.

خلال الأشهر القليلة ما بعد استقرار الجيوش الغازية في العراق بدأ العالم يستفيق من كذبة الحرب على الإرهاب، ويدرك ماهية الطابع التجاري الربحي والمؤدلج في آن لهذه الحرب، لقد نجحت الولايات المتحدة في حشد العالم حول صفقة وضعها لوبي المحافظين الجدد من خريجي جامعة شيكاغو، مستغلة «فوبيا» أمنية هائلة أحدثتها صدمة 11 أيلول خصوصاً في الغرب، أما في الشرق فكانت هذه الفوبيا متمثلة – على المستوى الشعبي والرسمي – في أنه بات يرى ويسمع علناً بأنه أصبح في دائرة الاستهداف العسكري الأميركي المباشر.. هذا يعيدنا إلى مبدأ الصدم الذي تعتمده عقيدة شيكاغو.

طبعاً عقيدة شيكاغو ليست وليدة غزو العراق 2003 بل تأسست مع تأسيس جامعة شيكاغو 1890 على يد إمبراطور صناعة النفط الأميركية في ذلك الوقت جون روكفلر، وكانت هذه العقيدة منهج عمل متكامل وإستراتيجية غيرت وجه الاقتصاد العالمي فكانت الأشهر والأكثر رسوخاً وبما قضى على كل المدارس الاقتصادية الأخرى وفي مقدمها المدرسة الكينزية «نسبة لجون ماينارد كينز».

في ثلاثينيات القرن الماضي، وحيث كان العالم غارقاً في أتون حرب عالمية ثانية، وحيث كان كبار الاقتصاديين حول العام منهمكين في وضع آليات إنقاذ اقتصادية لما بعد انتهاء الحرب، برزت جامعة شيكاغو بانضمامها إلى هؤلاء، وسعت إلى قلب كل المعايير الاقتصادية عبر طرح نظريات السوق الحرة وإقصاء الدولة بما يسمح بتمدد الرساميل خارج الحدود ليصبح العالم تكتلات اقتصادية تحكم وتوجه وتسيطر، ولم تمضِ إلا سنوات قليلة حتى تحولت جامعة شيكاغو إلى معقل لأهم النظريات الاقتصادية في العالم.

الانتصار الأول لمدرسة شيكاغو بوجهها الاستعماري كان في تشيلي، وكان التخطيط لاحتواء هذه الدولة بدأ منذ عام 1953 عبر نظرية تقوم على ضرورة تشكيل العقول بالتأثير في التعليم، من خلال مِنَح تُقدم للطلبة التشيليين لدراسة علوم الاقتصاد في جامعة شيكاغو، وقد توسع هذا المشروع عام 1956 ليشمل طلبة آخرين من الأرجنتين والمكسيك والبرازيل، ولم يمضِ وقت طويل حتى تحولت هذه الجامعة إلى قبلة لطلبة جنوب أميركا الذين يريدون دراسة الاقتصاد في الخارج، هؤلاء شكلوا فيما بعد المسار التاريخي لهذه المنطقة لعقود قادمة، تماماً كما هو حال ناشطي الـ«أوتبورن» الذين انتقتهم الاستخبارات الأميركية من دول عدة عربية «منظمة 6 أبريل المصرية مثلاً» ودربتهم في عواصم أجنبية وعربية لإطلاق ما يسمى «الربيع العربي» وليشكلوا بداية مسار تغيير تاريخي للمنطقة العربية سياسياً واقتصادياً.. ومذهبياً.

بعد تشيلي، جالت رأسمالية الكوارث كل العالم تقريباً من بوليفيا «فترة الانهيار الاقتصادي في الثمانينيات» إلى بولندا، وروسيا «عهد بوريس يلتسين» ومجمل الدول السوفييتية السابقة، وإلى دول شرق آسيا «النمور الآسيوية: تايوان سنغافورة هونغ كونغ كوريا الجنوبية، وكارثة انهيارها اقتصاديا 1997، هذه الكارثة مهدت الطريق أمام صندوق النقد الدولي لفرض مجموعة برامج اقتصادية عليها أبرزها خصخصة القطاع العام وبيعه لبنوك غربية وشركات متعددة الجنسيات» إلى تسونامي سيرلانكا 2004 الذي مكن الدولة من التخلص من صيادي الواجهات البحرية وبيعها لقطاع الفنادق، وصولاً إلى كارثة 11 أيلول التي مكنت الولايات المتحدة من إطلاق أكبر عملية نهب في العالم عبر إبرام صفقة «الحرب على الإرهاب» ثم غزو أفغانستان والعراق، كانت هذه الكارثة كل ما تريده الولايات المتحدة و«عصابة شيكاغو: دونالد رامسفيلد– ديك تشيني – جيمس بيكر – هنري كيسنجر – بول بريمر – جورج شولتز – بوش الابن…إلخ » ممن تسلقوا السلطة في إدارة بوش الابن، للمضي قدماً في عسكرة السياسات، والاستثمار في فوبيا الأمن حول العالم.

كيف طبقت أميركا «عقيدة شيكاغو» على الدول العربية في منطقتنا..

منذ بداية هذه الألفية.. كل شيء بدأ من العراق ولم ينتهِ بعد

أهم وأوضح وأوسع عرض لعقيدة شيكاغو ربطاً بالعراق والمنطقة العربية، نجدها في كتاب «عقيدة الصدمة.. صعود رأسمالية الكارثة 2009» للمحققة الصحفية الكندية الشهيرة نعومي كلاين، المناهضة للعولمة وللسياسات النيوليبرالية، والتي تقول إنها استلهمت فكرة كتابها من خلال تغطيتها للغزو الأميركي للعراق.

تقسم كلاين عقيدة الصدم إلى ثلاثة أنواع:

1 – صدمة الكارثة وهي التي تصيب البلد بأكمله.

2 – صدمة الاقتصاد ما بعد الانهيار.

3 – صدمة التعذيب كآخر مرحلة لإحداث التأثير اللازم لفرض السياسات المراد تمريرها.

هذه الأقسام الثلاثة شكلت – حسب كلاين – مؤامرة واشنطن في العراق، والتي تقوم على مبدأ «اصدم وارهب بلداً بأكمله، ودمر بنيته التحتية عن عمد، ولا تتدخل عندما تتعرض ثقافته وتاريخه للنهب، بعد ذلك يأتي دورك.. اجعل الأمور على ما يرام».

تشرح كلاين سير الحرب على العراق كطريقة من طرق الصدم «أو التعذيب» الجماعي، لقد قصف الجيش الأميركي العراق بأكثر من 30 ألف قنبلة و20 ألف صارخ كروز، كانت الحرب تبث مباشرة عبر الـ «سي إن إن» من أجل خلق أنموذج توجيهي سلوكي لكل العالم، وإيصال رسائل لكل الفرقاء أن هذا هو مصيركم إن فكرتم بالتمرد على القوانين الأميركية.

ولزيادة الخوف – تضيف كلاين – تم استخدام تقنية «عرض الأداة» أي أداة التعذيب، حيث عمدت الوسائل الإعلامية الأميركية ومن يدور في فلكها، قبل الحرب بأشهر إلى بث تقارير مرعبة للعراقيين عما كان يسمى «أم القنابل» وعن شكل ومضمون اليوم الأول للقصف الجوي وعما سيحدث لهم ولبلدهم، وهكذا أمضوا أوقاتهم وهم ينتظرون، ويتخيلون فظائع «الصدمة والترهيب».. لقد كان يُلوّح للعراقيين بتلك الأدوات تماماً كما يفعل الجلادون بالمساجين في غرف التعذيب.

وتتابع كلاين: بعد القصف اُخضع سكان بغداد إلى «حرمان حسي» حيث تم تعطيل شبكة الهواتف عبر ضرب وزارة الاتصالات «في 2 نيسان» لعزلهم عن بعضهم البعض وعن محيطهم وما يحدث فيه.. وكان هذا الجزء هو الأكثر رعباً في مرحلة الهجوم الجوي، فعدم معرفة هل بقي الأصدقاء والأقرباء على قيد الحياة كان عذاباً حقيقياً حسب ما تنقل كلاين عن سكان بغداد.

بعد السمع حان دور العينين. فجأة غرقت بغداد بالظلام التام «4 نيسان» لأيام، ثم حان وقت الراحة في إستراتيجية تعذيب العراقيين، هذه المرحلة تتضمن إهانة المعتقل ورموزه الحضارية وتجلى ذلك في النهب وتدمير التراث العراقي عبر سرقة المتاحف والمكتبات الوطنية وقتل العلماء والباحثين والأكاديميين، ومع هذا التعذيب الجماعي انتشر التعذيب الفردي حيث بلغ عدد المعتقلين في السنوات الثلاث الأولى من الاحتلال 650 ألف معتقل استخدمت معهم كل تقنيات الإرهاب والتعذيب الجسدي.

وتكشف كلاين في كتابها عن استعانة الاحتلال الأميركي بخبراء في عقيدة الصدمة مثل جايمس ستيل الذي وصل إلى العراق 2003 وكان خدم في السلفادور كمستشار أميركي لفرق الموت هناك.

*** *** ***

صدمة التعذيب في هذه المرحلة جاءت متساوقة مع صدمة بريمر الاقتصادية، كانت السياسات الاقتصادية لبريمر مصوغة على طريقة أوامر تحمل طابع البساطة القاسية: «اقتحموا الحدود وخصخصوا أو أغلقوا جميع الشركات العامة واستخدموا أموال الدولة بشكل غير مسيطر عليه لتدفعوا تكاليف إعادة الإعمار»، حل بريمر الجيش، طرد الموظفين، عطّل قطاع الخدمات الاجتماعية، فتح البلاد على الغارب اقتصادياً للخارج، كان بريمر قادراً على فعل كل شيء لأن الشعب العراقي كان في حالة صدمة وترويع وكان طوال الوقت يحاول أن يجد طريقه للنجاة.

أكثر من ذلك، عمل بريمر على إحداث وفرض قواعد قانونية تنسجم مع عملية تأسيس رأسمالية أميركية متوحشة في العراق تأكل الأخضر واليابس، كان بريمر يفعل ذلك كما لو أن الحرب ولدت فضاء خالياً ليس له تاريخ، ولم يكن العراق يقوى على صد هذا السيل من قوانين بريمر رغم حقيقة أن هذه القوانين مثلت انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي المستند إلى اتفاقية لاهاي والتي تقول: «يمكن لسلطة الاحتلال استحداث بعض القوانين الضرورية فقط للاحتلال نفسه، وليس إصدار قوانين تعيد تشكيل البلد المحتل من الصفر».

في كل تلك المراحل كان «العرب» مشاركين فعليين في عقيدة الصدمة، ليكون العراقيون تحت صدمتين: صدمة التخلي عنهم من العرب، وصدمة انخراط إعلام هؤلاء العرب في تصوير الشعب العراقي بأنه يعيش أجمل مراحل الديمقراطية والرفاهية في ظل «الحرية الأميركية» وبأن الولايات المتحدة صنعت الدولة الأنموذج في قلب العالم العربي تمهيداً لنقلها إلى الدول المجاورة.. وهذا ما حدث لاحقاً للدول التي وقعت تحت صدمة «الربيع العربي».. ليبيا كانت الدولة الأقرب مثالاً للعراق التي طبق عليها سيناريو الصدمة والرعب، وفي بقية دول الربيع العربي لم يكن التطبيق أقل وحشية.. ربما لم تكن الحصيلة مماثلة، لكن في النهاية كانت النتيجة واحدة، مجموعة من الدولة الفاشلة الغارقة في اضطرابات وفوضى واقتتال… ولم ينته الأمر بعد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار