احتكار وجنون أسعار!!
قبل الارتفاع الأخير لأسعار الأدوية ناشدنا ورفعنا الصوت، أنّ الكثير من الصيادلة أغلقوا واجهات صيدلياتهم تحت ذريعة الجرد، فامتنعوا عن البيع لأنهم يعلمون أنّ الارتفاع قادم، وعلى المريض المتضرر اللجوء إلى الدعاء لأنّ أكثر الدواء صار من المُحال الحصول عليه!!
لذلك وقبل الحديث عن مافيا الاحتكار وغلاء الأسعار وخوف الفقراء، نسأل إلى متى يستطيع المحتكر إخفاء بضاعته ولاحقاً فرض ما يشاء من أسعار؟ غير مبالٍ بمعيشة الناس ورزقهم، سواء غذاء أو دواء، فالصيدليات تحتكر الأدوية، ومخازن ومستودعات التّجار تخفي المواد الغذائية وتمنعها عن الناس، دافعها إلى ذلك الجشع والسعي وراء كسب سريع، والناس باتوا يعانون للحصول على لقمة عيش تقيهم ذل السؤال!!
نعلم ويعلمون أنّ الاحتكار يحقق أرباحاً غير عادية من دون جهد وتعب، وهو استغلال صريح لحاجة المجتمع لدفعه للحصول عليها بأي سعر!! فهذه الممارسات تحرم المستهلك من أبسط مقومات الحياة، وتزيد من فقره وقهره، وقد تكون بداية الحلول بتفعيل المنافسة وتحفيزها، ودخول منتجين ومستوردين جدد، لكسر الاحتكار، وحماية المواطن من ارتفاعات غير مبررة، وضرورة اتخاذ إجراءات حكومية ضد كل من يتلاعب بلقمة الناس، وضبط الأسواق والأسعار بالفعل وليس بالقول والتنظير، وإلّا ما الفائدة من جهات تدعي حماية المستهلك من دون أي نتائج على الأرض؟!
ما يحدث اليوم من تغيرات سعرية على مدار الساعة أقرب إلى الجنون، وكأن هناك اتفاقاً بين التجار لرفع الأسعار، ودليل ذلك اختفاء الكثير من المواد والسلع من الأسواق ومن ثم طرحها بأسعار جديدة قابلة للرفع يومياً!!
بصراحة.. يبدو أنّ ضبط الأسعار والقضاء على الاحتكار مجرد تصريحات وقرارات ورقية، وكل ما يُقال عن مقاطعة السلع التي ترتفع أسعارها لم يعد مجدياً، لأنّه ببساطة المواطن قاطع وامتنع عن شراء أغلب احتياجاته أصلاً، وإلى حين انتهاء التخبط الحاصل في القرارات والأسواق، لربما يكون الحل المؤقت بإقامة معارض أو أسواق كبيرة لبيع المستهلك مباشرة ومن دون وسيط وخاصة السلع التي يقوم التجار باحتكارها وبأسعار منافسة.