آفاق العمل القومي والقضية الفلسطينية في فكر الشعوب المقاومة للاحتلال
تشرين – بارعة جمعة:
استفحل الصراع وأصبحت المقاومة هدفاً، وبعد إفراغ النضال العربي من مضمونه نشطت حركة التطبيع التي يعمل عليها العدو للسيطرة على المنطقة، في وقت كانت القمة العربية بارقة أمل لاستعادة شيء من الوعي القومي، الذي تبدد بعد المشاهد الأخيرة في الساحة الفلسطينية، وما حملته من تطورات هي أشبه بإعلان النفير العام في وجه العدو، لإيقاظ العمل القومي الذي كان محور الندوة الحوارية التي أقامها مكتب الاتصال القومي والقيادة الفلسطينية، بحضور ممثلي الفصائل الفلسطينية وعدد من المنظمات الفلسطينية في سورية.
مصير مشترك
تشكل فلسطين بالنسبة لسورية وبصفتنا نحن «أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة» الوحدة وبالنسبة لنا جميعاً، مسلمين ومسيحيين في فلسطين، نحن فلسطينيون عرب فقط، تأكيدات على ضرورة النهوض بالفكر العربي والنضال المشترك قدمها المحلل العسكري العميد مصطفى حمدان من لبنان ضمن خطابه مع الحضور، حاملاً راية فلسطين التي لن يتم تحريرها إلّا بالكفاح المسلح.
المفاوضات ومجلس الأمن واللقاءات الحوارية أثبتت فشلها، ولم تستطع حتى اليوم تحرير «حاكورة» صغيرة من فلسطين برأيه، التي تحتاج إلى تضافر الجهود والعمل لمواجهة الاحتلال، مطالباً بإسقاط كل الموانع التي تقف في وجه وحدة الفصائل الفلسطينية بعيداً عن الأنانية، ومن ثم الاتجاه نحو فلسطين ومقاومة محاولات أميركا لقيام مشيخات وإمارات في المدن، لإعلاء شأن اليهود فيها.
وفي النظر لما تم الحديث عنه وتداوله عن مخيمات الشتات خاصة مخيم عين الحلوة، أشار العميد مصطفى حمدان إلى أن الأهالي نقلوا حقوقهم المشروعة وبصراحة، متوعداً باستمرار المواجهة لأخذ حقوقهم من الحكومة اللبنانية القائمة، كما توجه بالدعوة الدائمة إلى صياغة مشروع واحد ومصير جبهوي واحد، لعودة شباب الأمة لوعيهم بمركزية فلسطين كقضية عربية، فالهدف اليوم هو نسيان القدس التي تمثل بوابة العالم للحرية، وما الربيع العربي إلّا صقيع وتخبط في مرحلة ما لن تتكرر، ويضيف العميد مصطفى حمدان: “نحن في دمشق وبلاد الشام قدرنا رفض الهزائم، ونقول للفدائيين إن سحق الكيان التلمودي هو هدفكم”.
ارتباط روحي
لا شك بأن القضية الفلسطينية ارتبطت مع قضايا المنطقة، كما بات مصطلح البُعد القومي يفرض نفسه في كل الأدبيات التي تحكي عنها، ارتباط عميق أكده مسؤول مكتب العلاقات العامة العربية القومية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اللواء أبو أحمد فؤاد، شارحاً حجم التشويش والتشويه لطبيعة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية، لذا لابدّ من إعادة الاعتبار لها كقضية قومية عربية وقضية شعب يقود صراعاً وجوديّاً مع كيان الاحتلال.
الالتزام بنهج المقاومة حقيقة وخيار إستراتيجي، وهو الحقيقة الأصوب، التي اعتمدها الجيل الجديد بتشكيل قواعد صلبة للمقاومة، من شباب يثق بحتمية تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، ما يثبت أننا أمام تطور نوعي يعتمد على إمكانات الشعب وداعميه من المحور المقاوم، الذي تشكل سورية ركيزة أساسية لها برأيه.
مسؤولية فكريّة
«المطلوب اليوم هو خطاب موجّه للشباب، الذي بات بحكم الثقافة العابرة غير مهتم بخطابنا ووعينا».. بهذه الكلمات افتتح مدير عام مؤسسة القدس الدولية – سورية، الدكتور خلف المفتاح حديثه عن أهمية وجود خطاب عصري جامع، بعيداً عن التكرار وعن إنتاج خطاب سابق، لأنه مع الزمن سيتحول إلى خطاب نمطي، وهنا لا بدّ من مقارنة المسألة بديناميكيتها مع الوضع الراهن ومن ثم طرح فكر جديد، وهي مسؤولية الكُتّاب والأحزاب وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي، القائم منذ تأسيسه على القضية الفلسطينية، كما باتت جزءاً من أدبياته الأساسية.
أي خطاب يحتاج إلى قراءة جديدة، كما أن سُلطة ومصدر الخطاب يؤكدان عمق تأثيره، برأي الدكتور خلف المفتاح، فعندما نقول إن السيد الرئيس بشار الأسد ألقى خطاباً في القمة العربية، فهذا مصدر ثقة ومصداقية وله تأثير ورجع الصدى من المتلقي نفسه، وبالتالي إنتاج سلوك يتوافق مع الخطاب، لأنه يمثل إرثاً من العمل في سبيل القضية الفلسطينية.
كما أن مُصدر الخطاب يجب أن يكون صاحب مشروع فكري يوظفه ضمن آليات وحوامل تضمن فاعليته، ويحتاج إلى أدوات تشبهه وآليات لقياس تأثيره، وفق المفتاح، فالمبادئ تخاطب الضمائر والحقائق تصنع الحياة.
خطاب الرئيس الأسد حمل عناوين غنية للتعامل مع المشهد الدولي، كما أكد ضرورة التفكير بأساليب جديدة لمقاربة فكرة الوحدة وتحويلها إلى حقيقة، هذه الوحدة التي ينبغي أن تتم بطريقة براغماتية لا إيديولوجية، بربط الوحدة بالمنفعة، برأي الدكتور خلف المفتاح، وقيام علاقات اقتصادية وبالتالي التشبيك مع الجهات، إضافة للمزاوجة بين فائض القوة المالية والقوة الطبقية التي هي أيضاً من أوجه الوحدة، بما يجعل الخريطة السياسية والاقتصادية تمثل قاعدتها الطبقية من عمال وفلاحين للحصول على رأس المال الاجتماعي.
تصوير طارق حسنية