جيشنا الباسل.. إيماننا الثّابت
تشرين- هبا علي أحمد:
ماذا يمكن أن نكتب عن المرابطين على الجبهات ليلاً ونهاراً لحماية الوطن وسيادته ولحمايتنا؟ ماذا يمكن أن نكتب عمن نسوا أنفسهم لننعم بالحياة؟ ماذا يمكن أن نكتب عن أبطال الجيش العربي السوري الأبرار القديسين في عيدهم الثامن والسبعين؟ وهل تحصر البطولات والتضحيات التي يقدمونها في كل يوم ومناسبة، بينما كل الأيام هم وكل الأيام لهم وهم العيد.
الوطن هم، والشرف هم، والإخلاص هم، هذا الثالوث ليس مصادفة عبثية، هو شعارهم الراسخ، ما كنا لندرك ماهيته لولاهم ولولا ما قدموه ويقدمونه، هم حماة الوطن والعرض والأرض، وهم مدرسة في الإخلاص والصبر، عندما تقرأ عن بطولاتهم بين صفحات الكتب والروايات، ولاسيما التي كتبت خلال هذه الحرب يخيل لك بأنهم ملائكة هبطوا من السماء أدوا المهمة وعادوا من حيث أتوا، وتقف مذهولاً أمام عظمة صبرهم وصمودهم، وقد تتساءل هل ما تقرأ من وحي خيال الكاتب أم حقيقة، لكنك تكتشف أنّ ما تقرؤه حقيقة لأنها استمالت قلبك وإحساسك ولأنها ليست غريبة عمن يقدم حياته ودمه فداء لوطنه.
هذا ما حصل معي بالضبط، ففي إحدى المجموعات القصصية التي طالعتها والتي تضمنت قصصاً وحكايات حقيقية عن بطولات جيشنا الباسل في مختلف المعارك والجبهات، كنت أتوقف عند كل حكاية وكل بطل، عاجزة أمام تلك المرويات بتفاصيلها وعناوينها، فقد كانت حتى العناوين قبل الخوض في تفاصيلها كفيلة بأن تترك لك وجعاً، فكيف التفاصيل؟ كانت التفاصيل تحمل وجعاً وقهراً بالقدر ذاته من الفخر.. وجعاً على شباب عايشوا أقسى ظروف الحرب وفي مختلف الفصول ولاسيما في الشتاء القارس، منهم من لا يملك سوى دمه وجاء إلى الجبهة ليقدمه، ومنهم من ترك جنيناً في أحشاء زوجته لم يكتب له القدر رؤيته، ومنهم من ارتقى مع أخيه في اللحظة نفسها وهما يظنّان أنهما لم ينالا نصيباً في ذلك اليوم من دعاء أمهما، في حين كانت قد فارقت الحياة بسبب القلق وكمية الأخبار الكاذبة عن المنطقة التي يقاتل فيها ولداها، وغيرها الكثير لا تكفي مجلدات لتوثيقها والحديث عنها.
وتترك تلك الحكايات فخراً بما قدمه أبطال جيشنا الباسل في الدفاع والمقاومة والصمود بأقل الإمكانيات وحتى النفس الأخير وفي أصعب المواجهات، بما يكفينا لنعرف أي نوع من الرجال هم أبطالنا البواسل، من استشهد على الجبهات أو بين الأحياء أثناء تأمينه للمدنيين، ومن كُتبت له الحياة مع جروح وإصابات دائمة.
في عيدهم الثامن والسبعين يواصل أبطالنا البواسل معركة التحرير، التحرير من الإرهاب ومن الاحتلال وأدواته وأذنابه، محافظين على عهدهم ووعدهم كما عهدناهم، ونواصل معهم دعواتنا لهم وعهدنا على إيماننا الراسخ والثّابت ثبات هذه الأرض بأنّ النصر حليفنا وبفضل سواعدهم وصبرهم وهو أثمن وأغلى الهدايا التي تقدم من جيش لشعب ولا تقدر بثمن.
من يملك جيشاً بطلاً كالجيش العربي السوري، فهو يملك الكنز الثمين الذي يباهي به بين الأمم، ولا خوفٌ عليه ولا هو يحزن.
سلامٌ للنفوس الكرام، شهداء وأحياء، التي أبت الذّل والهوان، سلامٌ لعرين العروبة.