قلق وخوف وحالة من الترقب، يعيشها المواطن لما يحصل في الأسواق، وما سيحصل لاحقاً، وما يحصل على مدار الساعة، حيث تشهد أسعاراً غير مستقرة، وفلتاناً تجارياً تقوده حفنة من التجار الذين يضاربون على الليرة, مستغلين حاجات المواطنين والظروف التي تمر بها البلاد، وما وصلت إليه من تحديات غير مسبوقة، لم تشهدها منذ عقود على مستوى الحالة الاجتماعية والمعيشية والإنسانية، مردها لأسباب بات يعرفها “القاصي والداني”، لكن أخطرها، ما يحدث من أزمات يفتعلها ” تجار الغفلة” ومن ترق تصرفاتهم أهل الخبرة والدراية في بعض مفاصل الوظيفة العامة لتسهيل فسادهم، وتكديس الثروة على حساب الوطن والمواطن ..!
وبالتالي تفاقم الوضع والوصول به إلى هذه الحالة المتردية، شجع على وجود بيئة تستكمل فيها عمليات الفساد، وانتشار فوضى الأسعار وجنونها، مترافقة مع أسعار صرف غير مستقرة، ترتفع لمستويات يغلب عليها الطابع الوهمي في معظم الحالات، نتيجة “التقريش” من جهة، وزيادة كميات السيولة النقدية المتداولة في الأسواق من جهة أخرى، والتي تتركز معظمها في خزائن تجار الأزمة، مستغلين فقدان كميات كبيرة من البضائع والعملات الأجنبية من الأسواق، وهذه بالضرورة تفضي إلى خلل واضح في قانون العرض والطلب، وفجوة كبيرة بين القوة الشرائية للمواطن والدخل المتدني أمام الحالات المذكورة ..
وهنا الجميع يبحث عن الحلول بصورة تتماشى مع الواقع، وتحاكي سلبياته من باب المعالجة الفورية, ووضع الحلول ولو كانت أقل من المطلوب، لبعض الحالات المتعلقة بمعيشة المواطن، إلى جانب وضع الخطط والحلول المستقبلية التي تكفل زيادة الدخول، وتحسين مستوى المعيشة، وتسمح بزيادة الناتج الإجمالي للاقتصاد ..
وبالتالي هذا لن يتم إلّا باتخاذ جملة من الإجراءات، يلتزم تنفيذها في مقدمتها: معالجة ظاهرة السيولة النقدية الفائضة والتي يتركز أغلبها في أيدي تجار الأزمة، إلى جانب دعم مكونات الإنتاج الوطني، وزيادة كمياته، بما يضمن تأمين حاجة الأسواق ، ومن ثم التفكير بالأسواق الخارجية، وترك هذه المسألة لقانون العرض والطلب، ليكون الحكم والفصل بين قوى السوق الإنتاجية والاستهلاكية، ودعمها بإجراءات تحرير الأسواق من بعض القرارات والتعاميم التي لم تعد تتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية..
والإجراء المهم اتباع سياسة جديدة لزيادة الرواتب والأجور تلبي طموح العاملين، وتتماشى مع متغيرات السوق, وفرض حالة تثبيت للأسعار وفق التكاليف الفعلية للسلعة، والابتعاد ما أمكن عن التسعير الوهمي والتلاعب به في بعض الدوائر المختصة في القطاعين العام والخاص، لأن الشائعات التي تغزو فكر التجار والعامة والحديث عن ثقافة “الدولرة وتقريشها” ، هي أساس ما يحصل وهي كفيلة برفع الأسعار، أكثر مما هو عليه بفعل الأزمة ونقص المادة، وبالتالي بائع المفرق والمواطن، هم أكثر ترويجاً للحالة، والمعالجة تبدأ من عند الجميع وفق القانون وبما يحمي الاقتصاد والمواطن، ولو بدأنا بحلول هي أقل من المطلوب، لكن المهم البداية علماً أننا مازلنا مكانك راوح والمعيشة في تدهور ..!