أسماء غريبة.. وأخرى عجيبة
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
يولد معنا فيصبح ملكاً لنا، نحمله أينما ذهبنا، ولولاه لما وجدنا من يعترف بوجودنا، نرتبط به ويرتبط بنا، نتصف بمعناه تارة، وأخرى نكون فيها عكس المعنى، نحبه ونعتز به، ومع ذلك يبقى اختياره أمراً خارجاً عن إرادتنا، بعضنا يتمسك به والبعض الآخر يحاول تبديله بآخر يختاره بنفسه، وعلى الرغم من أنه مجموعة حروف لا حياة فيها، تبقى للاسم أهمية كبيرة في حياتنا، ومواقف كثيرة تقابلنا بسببه، بعضها طريفة، وأخرى محرجة، وغيرها مؤلمة.
هكذا ومن دون مقدمات، نكبر لنجد اسماً يخصنا فُرض علينا، قد نفاجأ به لغرابته، وقد نفرح به لجماليته، وأحياناً نخجل منه لسوء معناه، وتارة أخرى نبحث عن معنى له في قواميس اللغة لكن من دون جدوى، فنعتب على آبائنا لاختيارهم اسماً غريباً لا معنى له، وعلى العكس مما تقوله (فيروز) في إحدى أغنياتها ما معناه (أسامينا، شو تعبوا أهالينا تلقوها وشو فكروا فيها)، نجد بعضهم يسمي طفله أو طفلته من دون التفكير بما يعنيه هذا الاسم أو لاعتبارات معينة يتحمل نتائجها وعواقبها التي سترافقهم طوال مراحل حياتهم الدراسية والاجتماعية والعلمية، وعلى سبيل المثال هناك من هذه الأسماء الغريبة والعجيبة ما زال يتم تداولها في مجتمعاتنا العربية، مثل «سربوت، سلبوح، شنشان، شلاكة، جدعان، عريان….. وغيرها» هي أسماء أشخاص اختارها لهم آباؤهم أو أمهاتهم أو أحد أقاربهم، والأغرب من ذلك أن بعض الأسماء تأتي منسجمة مع اسم الأب أو الجد من حيث الغرابة.
أما الشعراء فقبل غيرهم من الناس فقد حرصوا على ذكر أسماء حبيباتهم في أشعارهم ولو كانت أسماء غريبة، فهذا كثّير عزة يشكي حاله من حبيبته عزة:
وما كنت أدري مثل عزة ما البكا
ولا موجعات القلب حتى تولت
وراح بعض الشعراء يبدي تشاؤمه من بعض الأسماء وإن لم تكن للأشخاص وإنما تعبر عن مدى تأثير الاسم الحقيقي على المتلقي، فقد تطيّر العرب مثلاً من الغراب للغربة، إذ إن اسمه مشتق منها، كما جاء في «العقد الفريد» حيث يقول الشاعر أبو الشيص:
أَشاقَكَ والليل مُلقي الجِران
غُرابٌ يَنوحُ عَلى غُصنِ بانِ
أَحمُّ الجَناح شَديدُ الصياح
يُبكّي بِعَينَين لا تَهمُلانِ
وَفي نَعَباتِ الغُرابِ اغترابٌ
وَفي البانِ بَينٌ بَعيدُ التَدانِ.