الموزاييك الدمشقي.. حرفة عريقة تحمل تاريخ سورية

صناعة الموزاييك الدمشقي من أقدم المهن العريقة التي اشتهرت بها ولا تزال مدينة دمشق، ويعود تاريخ هذه الصناعة المعروف إلى 700 عام على الأقل، ونشطت في الفترة التركية، حيث تم نقل صناع دمشق إلى الأستانة ورغم ذلك استمرت صناعتها في الشام بفضل حرفيين مهرة.
وتشتهر مدينة دمشق بصناعة تطعيم الخشب أو الموزاييك وهو فن خاص دمشقي، يعدّ جرجي البيطار أول من ابتكر هذه الصناعة، عندما قام بصنع أول قطعة موزاييك عام 1860 وذلك بجمع قضبان من الخشب الملون طبيعياً وذات مقطع مثلث أو مربع ثم شرحها على شكل رقائق ولصقها على المصنوعات الخشبية بالغراء الطبيعي.
وقد بدأت هذه الحرفة في العاصمة دمشق لقربها من الغوطة وبساتينها الغنية بمختلف أنواع الخشب بألوانه المتنوعة، فكل نوع خشب له لون مختلف وهذا أساس حرفة الموزاييك، التي انطلقت في تلك الفترة وبدأت بالتطور وإدخال إضافات جديدة في الفترات اللاحقة.
وفن تطعيم الخشب بالصدَف، أو ما يسمى الموزاييك، هو إدخال مادة الصدف إلى جزيئات من أنواع خشبية مختلفة، ويعتمد فن الموزاييك على العمل اليدوي بشكل كامل، حيث يتم تقطيع الخشب إلى أعواد صغيرة تشكل في ربطها حزمة من أنواع وألوان مختلفة يتم تقطيعها بشكل شرائح تجمع إلى بعضها ليصاغ منها الشكل المطلوب، بحيث تُجمع في القطعة الواحدة قطع عديدة على شكل مربعات أو مثلثات أو صدف لتشكل لوحة فسيفساء أخاذة الجمال.
وتطور فن الموزاييك على يد حرفي دمشقي مبدع هو جرجي بيطار الذي ابتكر في القرن التاسع عشر طريقة تطعيم الخشب بالخشب، وأنشأ مركزاً لمنجور الموزاييك ضم عشرات العمال الذين تعلموا هذا الفن الجميل منه، وتخرج في ورشته حرفيون شهيرون، حتى بلغ عددهم ما يزيد على ألف شخص، وأدى هذا الكم من الحرفيين إلى انتشار منتجات هذا الفن ورواجه تجارياً داخل سورية وخارجها.
ويؤكد حرفيو الموزاييك في دمشق أن المعلم جرجي نقل حرفة الموزاييك نقلة كبيرة، وكان له الفضل في تعليم المئات من التلاميذ الذين أتقنوا هذه الحرفة وطوروها من بعده بإدخال الصدف وعظام الحيوانات والعاج في زخارف خشبية.
شيوخ الكار في حرفة الموزاييك في دمشق يؤكدون أن هذه الحرفة تتميز أولاً بأنها حرفة يدوية بامتياز وتحتاج إلى صبر وطول بال، إضافة إلى رؤية جمالية تعتمد بموادها الأولية على أخشاب غوطة دمشق المتنوعة من السرو والمشمش والليمون والجوز والزان، والتي يتم سحب الشرائح الخشبية منها ليصار إلى جمعها على أي شكل هندسي، كـنجمة صغيرة أو كبيرة ليتم تشريحها فيما بعد لتصبح شرائح رقيقة يتم تطعيم الخشب منها بأشكال مختلفة لتشكل لوحة فنية جميلة.
ويحذّر أحد شيوخ الكار من خطر اندثار هذه المهنة التي تميز دمشق، ومن صعوبة الحفاظ عليها، قائلاً: إن أعداد العاملين في هذه الحرفة تراجعت بعد سفر الكثير من الشبان خارج البلاد وذلك بسبب الجهد الذي تتطلبه هذه المهنة، إذ يحتاج إعداد القطعة من أسبوعين إلى شهر، وكذلك ارتفاع تكاليف صناعتها إلى عشرات الملايين، وصعوبة تسويق منتجاتها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ اللجنة القضائية العليا للانتخابات تعلن في مؤتمر صحفي نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع السفير الروسي في لبنان: لا يمكن لأي بنية مدنية أن تكون هدفًا لنزاع مسلح وروسيا التزمت بذلك ما الغاية والهدف من إقامة معسكر تطوير مهارات كرة السلة للمواهب الواعدة ؟ "لوثة" تنعش سوق الاستطباب الخفي في سورية.. اضطراب تشوه صورة الجسد حالة نفسية تلاحق الجنسين..والنتائج غير حميدة ترامب ومؤيدو بيتكوين.. العملات الرقمية مخزن للقيمة وأداة للتحوط ضد الاضطرابات السياسية لتاريخه.. بعض الفلاحين لم يقبضوا ثمن محصول القمح في منطقة الغاب!.. والمصرف يبيّن: الفلاحون يأملون إعفاءهم من ديونهم السابقة المنازل الخشبية " تريند" فيسبوكي يبحث عن بوّابة للنفاذ إلى البيئة السورية..حلّ رشيق لأزمة السكن بانتظار الدراسة الجادّة رغم أن الموسم ليس معاوماً .. "زراعة اللاذقية" تقدّر إنتاج الزيتون بنحو 48 ألف طن السوريون "يناورون" على أزمة الكهرباء.. حولوا الماء من ميت إلى حيٍّ والتبريد ببلاش.. الثراث في خدمة الحداثة وأكثر