أوجه التشابه الشعريّ بين «الجواهري» و«عبد الرزاق عبد الواحد»
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
ما زالت الساحة العربية تزخر بالشعراء والمبدعين العرب من محيط الوطن العربي إلى خليجه، قامات عملاقة، وكل شاعر وطن وحده، اتخذ لنفسه طريقة ما، في أنواع الشعر العربي، بدءاً بالشاعر أمير الشعراء أحمد شوقي إلى حافظ إبراهيم، الجواهري، محمد سعيد الحبوبي، معروف الرصافي، محمد صدقي الزهاوي، نازك الملائكة، بدر شاكر السياب، عبد الرزاق عبد الواحد، أدونيس، وغيرهم.
ومن هنا تكون الكلمة الفصل للتاريخ في حفظ حق كل مبدع ووضعه في مكانته التي يستحقها على الأغلب.
فما الذي جرى حتى تلاشت (ثقافة) تسخيف إبداع الآخر وإسقاطه بكل الوسائل في مسيرته الشعرية؟!!
مثلاً لا يكتفي الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد بأن يكون منصفاً بتفضيل (الجواهري) على نفسه، بل ذكر أحد الأسباب لذلك التفضيل، والمتمثل في الجرأة عند الجواهري.
ونحن نرى أن عباقرة الأدب عبر العصور، كانت (الجرأة) إحدى أهم مميزات نبوغهم، وقد أشار الدكتور رجاء النقاش إلى أننا لم ننعم بمبدع حقيقي ما لم نضمن له (حرية الغضب)، وهذا صحيح جداً، فلا أثر يُذكر في التاريخ للأدب المدجن.
وبالعودة لما بدأت به، أنه لا يفعل فعل الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد إلا رجل أحب الإبداع عينه، فهو لا يستطيع إلا أن يعظّم مبدعه.. ولا ننسى أن عبد الرزاق عبد الواحد تربى على قول كلمة الحق في اختصاصه، ولا يقارن نفسه مع أحد، وأتذكر له قولاً عندما سأله أحد الصحفيين: مَنْ أفضل أنت أم المتنبي؟ فقال: «أنا كاتب خمسة دوواين أدب طفل..» وهذا يدل على أن عبد الرزاق عبد الواحد على تحدب الشعر في هذه (الحيثية)، ويبقى أن لكلّ شاعر نصيباً من المحبة والشهرة.
وأخيراً نستطيع أن نقول: إن الجواهري وعبد الرزاق عبد الواحد شاعران متقاربان ووجهان لعملة واحدة، يستخدمان الأدوات الشعرية ذاتها والأغراض الشعرية القديمة ذاتها، من مديح ورثاء إلى آخره، نقلوا الإرث التاريخي من أيام شعراء ما قبل الإسلام، مروراً بشعراء بني أمية والعباس، هما شاعران يميلان حيثما مالت الأمور، لكن كثيراً ما ردد الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد قوله المأثور في الجواهري: «لو وقف الجواهري لأتت شعراء العالم تزحف له على بطونها»، وهذا اعتراف كبير بالبيعة لشاعر العرب الجواهري، لكن لابدّ لنا من أن نعترف أن الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد هو من عمالقة الشعر والشعراء العرب ، أنتج لنا أدباً ثرياً نهل منه القاصي والداني، فكان حاضراً في دواوين الشعر العربي.
وبكل تأكيد ما تقدم من (رأي) لعبد الواحد؛ يخصه وحده، وهو رأي- إطراء، يدخل ضمن حالة الاستلاب من الإعحاب، ولا يدخل في إطار النقد الحقيقي، فثمة شعراء كثر معاصرون لهما تفوقوا عليهما معاً في القول الشعري، سواء كانوا عراقيين أو عرباً، والأمثلة أكثر من أن تحصى.