ماذا تعرف عن موسيقا الرمال؟
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
يقول الرحالة الإيطالي المشهور ماركو بولو: إنّ للصحارى أرواحاً شريرة تسكنها وتحلّق في أجوائها، مطلقة العنان لأصوات تشبه أنغام الموسيقا، ويتفق هذا الوصف مع ما يقوله البدو في الصحارى المقفرة من أنهم يسمعون في الليالي الحالكة أصوات العفاريت والأشباح في تواصلها العجيب، غير أن العلم الذي ينفي وجود تلك الأصوات يرجعها إلى أسس منطقية، وقد تحدّث العديد من الأبحاث عما يسمى «موسيقا الرمال»، فحين يسير المرء على رمل الصحراء الرخو يشعر بصرير حباته تحت القدمين، ومع إن هذه الظاهرة لا تقتصر على رمال الصحراء من دون أنواع التربة المتخلخلة الأخرى، فإن الصرير الرملي في الصحراء الحقيقية يكون أشد وقعاً ويكون في بعض الأحيان قريباً من أنين الكمان، وربما يتراءى كقرع طبول أو إيقاع دف.
ومن الناحية العلمية لا تحدث هذه الأصوات إلّا حين تكون هناك كمية معينة من الرمل في حال من الحركة المفاجئة بفعل قوى متعددة بعيدة عن النقطة التي توجد فيها هذه الرمال، ولقد لاحظ العلماء أثناء رحلة استكشاف في صحراء نيفادا عام 2015 كيف يمكن لانهيار رملي يشبه انهيار الثلج في أعالي الجبال أن يحدث ضجيجاً يشبه الموسيقا الصاخبة وغير المتناغمة كالتي اعتاد سكان أستراليا الأصليون عزفها في احتفالاتهم، ما قد يشير إلى أن الموسيقا الإنسانية ربما تكون قد نشأت عن سماع تلك الأصوات الطبيعية، وينتج صرير الرمال عن ذبذبات صوتية تتراوح قوتها بين 1500- 2500 هيرتز خلال ربع ثانية، ومن هنا يمكن القول: إن للكثبان الكبيرة قدرة على إنتاج ذبذبات تمتد حتى فترة 15 دقيقة منتجة أصواتاً ربما تكون هي التي أدخلت الرعب في نفوس سكان الصحارى، ولعلّ هذه الدرجة من الاختلاف في شدّة الذبذبات الرملية هي التي دفعت بالباحث البريطاني بيتر هاف إلى تسجيل أصوات الرمل المختلفة ودراستها مخبرياً، ليخلص إلى أن تلك الأصوات هي سيمفونية رملية دقيقة تتناغم فيها مختلف الأصوات التي ترد من أماكن مختلفة، وكانت ضربات الكثبان وصرير الرمل وذبذبات الانهيارات تنتمي كلها إلى إطار صوتي موحّد، وإلى ما يشبه المقام الواحد بمعزوفات مختلفة ولكن متجانسة.
وأخيراً: كل شيء في تخوم الصحراء جميل وهادئ وله خصوصية العيش والبقاء مع كل من عاش في هذه الصحراء من إنسان أو حيوان أو حشرات أو نباتات صحراوية.