سببه الخوف وضعف الشخصية ونهايته فقدان الذاكرة الرقمي 70% من الشباب يميلون إلى الكذب على مواقع التواصل الاجتماعي
تشرين- نور حمادة:
الإنترنت عالم افتراضي موازٍ للعالم الواقعي ولكن بتعقيدات أقل، حيث يمكن لبعض مستخدميه أن يظهروا جوانب من أنفسهم لا يظهرونها في العالم الحقيقي، لذلك يميلون إلى انتحال شخصيات غير شخصياتهم ووضع معلومات مزيفة وألقاب يختفون خلفها، حيث يضطر ثلثا مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للكذب خلال محادثات «الشات» لتبدو حياتهم أكثر إثارة، وحسب دراسة أجريت حديثاً فإن 70 بالمئة من المشاركين إما يبالغون أو يكذبون بشكل فادح حين يروون حدثاً من حياتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وأن ما يحدث من كذب لتحقيق الإثارة يمكن أن يطلق عليه مصطلح (فقدان الذاكرة الرقمي) بحيث يصل الأمر بالمستخدم إلى تصديق نفسه ونسيان أنه يكذب.
عقدة الخوف
يعد ضعف الشخصية وانعدام الثقة بالنفس من أبرز أسباب هذه الظاهرة وهو ما يمكن أن نسميه بعقدة الخوف من الآخرين أو الرهاب الأمر الذي يجعل أغلب مستخدمي هذه المواقع يخافون من الظهور العلني خشية الإحباط، وبرأي عمار- طالب أدب إنكليزي- أن العديد من الشباب يلجؤون إلى الكذب وانتحال شخصيات أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي لتكون بمنزلة قناع أو حاجز يقفون خلفه خوفاً من ظهور العيوب في شخصيتهم للعلن وهذا دليل على نقص لديهم في جانب معين يحاولون التعويض عنه من خلال الكذب.
قناع للتسلية
الانتشار المتفشي للأخبار الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي يجعلنا نسأل باستمرار لماذا ينجذب مستخدمو هذه المواقع إلى نشر الأكاذيب والمعلومات المغلوطة،علماً أنه في العلوم الاجتماعية يؤدي تفضيل ما هو جديد على ما هو حقيقي إلى حدوث إشكالية معرفية، وبرأي مجموعة من الشباب أكدوا لنا أن أغلبية الشباب يلجؤون للكذب بهدف التسلية مع الآخرين، ويتابع ليث – طالب حقوق ومدير إحدى الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي: إن الغاية من الكذب أحياناً هي التعرف إلى أشخاص معينين والدخول إلى عالمهم من دون الإفصاح عن هويتنا الحقيقية خوفاً من الإحراج والوقوع في مشكلات فيما بعد، أو قد يكون ذلك لنيل صداقة النساء لأن دخول المرأة إلى عالم المرأة أسهل، وقد تلجأ الفتاة أحياناً إلى هذا الأمر لتقديم نفسها بشكل ما، من دون الخوف من الإساءة إليها كأنثى عاطفياً أو التفكير بها بشكل منحاز.
ضعف شخصية
يشعر كثيرون من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالرغبة في تقديم أنفسهم بأفضل صورة جمالية وبقمة المثالية والوصول إلى درجة عالية من الرضا والسعادة، وهذا برأي الدكتورة نيفين مصرية اختصاصية في علم النفس دليل على ضعف الشخصية والغيرة العمياء لدى بعض الأشخاص ما يسبب فقدانهم تقدير ذاتهم وثقتهم بأنفسهم وقد تصل إلى الإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب في حال عدم تلقي العلاج مبكراً، كما يؤدي الهوس بالمظهر المثالي وإظهار صور وأفكار مخالفة لواقع الشخص إلى كارثة حقيقية، وتأثيره سلبي جداً وهو اضطراب وسواسي يسبب شعوراً بالقلق المفرط بسبب عيوب معينة بشخصيته حتى إن لم تكن ظاهرة للآخرين ويعاني من عقدة نقص ونرجسية ولا يستطيع تقديم نفسه ومعتقداته وجهاً لوجه بشكل علني فيحاول من خلال وسائل التواصل الاجتماعي نشر أخبار وأحداث قد تكون كاذبة وخاطئة أحياناً للحصول على الدعم النفسي وعلى أكبر نسبة متابعة وتعويض النقص من خلال عدد من تعليقات الإعجاب التي تعطيه شعوراً بالرضا.
دراسة
من جراء الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أغلب الموضوعات المنشورة افتراضية، وحسب الدكتورة مصرية فإن الكذب هو طبيعة بشرية، لكن هذه الظاهرة تفاقمت وانتشرت بكثرة من خلال مواقع التواصل والمنصات الاجتماعية الي يصل عدد مستخدميها إلى حوالي ثلاثة مليارات شخص حول العالم تتراوح أعمارهم بين 18 – 30 عاماً وهي أكبر فئة تلجأ إلى نشر الأخبار الكاذبة وترويجها .
وللأسف هذه الأخبار الملفقة جعلتنا نبتعد عن الواقع وباتت المحرك الأساسي لسلوكياتنا وأفكارنا وعاداتنا وهي إحدى المرجعيات التي نعود إليها في كل خطوة نخطوها، لذلك فإن تقديم أنفسنا بأفضل صورة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بحاجة إلى توعية بخطورتها على نظرة الفرد إلى نفسه وخصوصاً المراهقين لكونهم أكثر فئة عمرية تلجأ إلى الكذب من خلال هذه المواقع.