مسار التقارب السوري- التركي.. كم من الوقت سيمضي قبل عودة الحديث عن جولة جديدة؟
تشرين – مها سلطان:
– هل ستنسحبون من سورية؟
لا
– لماذا لا؟
لأن هذا غير ممكن
– لماذا غير ممكن؟
– لأننا «نحارب» الإرهاب في سورية ونريد القضاء عليه أولاً.
– ومتى ستقضون عليه؟
لا إجابة
– هل من جدول زمني؟
لا إجابة
– كيف ستقضون على الإرهاب وهو بحماية الأميركي (بالنظر إلى أن الإرهابي بالنسبة لكم هو قسد ومن لف لفها).
لا إجابة
– لماذا لا تحاربون الأميركي أولاً، والذي يدعم من تعتبرونه إرهابياً وتهديداً وجودياً؟
لا إجابة
– هل من احتمالات أن يتخلى الأميركي عن دعم من تعتبرونه إرهابياً وفق مسار معين من التفاوض، هل هناك تفاوض من الأساس حول ذلك؟
لا إجابة
– هل يمكن اعتبار أن الأميركي- من خلال دعم من تعتبرونه إرهابياً- يُقدم ذريعة كبرى لكم للاستمرار بوجودكم الاحتلالي في سورية طالما أن وجود هذا الإرهابي مرتبط بوجود الأميركي؟
لا إجابة
– ماذا عن التنظيمات المسلحة التي تدعمها تركيا، وهي مصنفة إرهابية، مثل هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)؟
لا إجابة
– لماذا لا يحق للدولة السورية محاربة الإرهاب على أرضها ويحق لكم أنتم ذلك.. من أعطاكم الإذن؟
لا إجابة
– لماذا تستمرون بالتفاوض مع الدولة السورية فيما الشرط الأساسي لها، ومنذ البداية، هو الانسحاب أولاً؟
لا إجابة
– لماذا لا تنسحبون وتتركون للدولة السورية مهمة تسوية مسألة قسد وبما يُغنيكم عن الصدام مع الأميركي
لا إجابة
– هل تراهنون على ضغوط من نوع ما، أو هل كنتم تراهنون على تجاوز مرحلة الانتخابات بسلام، وبعدها تضغطون باتجاه مسار تفاوض جديد؟
لا إجابة
ما سبق يأتي- افتراضياً- عطفاً على آخر تصريح للرئيس التركي رجب أردوغان، حول مسار التفاوض مع سورية، واحتمالات عقد لقاء على مستوى رئاسي بعد عدة جولات استضافتها موسكو، باستثناء آخرها وكان في العاصمة الكازاخية، أستانة، في 20- 21 حزيران الماضي، قبل نقل المسار إلى عاصمة جديدة.. وكان التصريح يوم الاثنين الماضي عشية جولة خليجية له، اختتمها اليوم الأربعاء في الإمارات، بعد السعودية وقطر، متوجهاً إلى قبرص.
ولا يزال هذا التصريح يتفاعل بين أوساط المراقبين والمحللين وتساؤلاتهم حول مصير مسار التفاوض، استمراراً أو توقفاً، وذلك في ظل عدم صدور تصريحات لاحقة من طرفي الوساطة، روسيا وإيران.. ولا من الدولة السورية وهذا أمر معتاد في ظل اعتمادها سياسة اللاتصريح إلا في زمانها وتوقيتها المناسب والملائم.
لمن لا يتذكر، أو لمن خانته الذاكرة لبعض الوقت، ربما يفيد هنا استعادة أحد أكثر تصريحات أردوغان وضوحاً في النية والهدف، في 9 تشرين الثاني من عام 2019 قال فيه إنه لن ينسحب قبل الدول الأخرى.
لا نحتاج أن نزيد ونحن نرى ترجمة هذا التصريح واقعاً، الدولة السورية وإن كانت وافقت على التفاوض استجابة للوساطة الروسية، وإن استمرت في التفاوض، فلأنها في أساس سياساتها لا تغلق باباً، وتعمل مع الجميع في سبيل الوصول إلى تفاهمات وتسويات، ولأنها تؤمن بالتفاوض والحوار، وهي تفاوض بثقة، ثقة بالوطن وبأهله، ودفاعاً عن حق الوطن وأهله.. لأجل ذلك لا بد من الانسحاب أولاً.. الأرض أولاً.. ولا ثقة بالمحتل التركي حتى يثبت العكس.
ماذا يعني ذلك، وهل أن جولة المفاوضات التالية هي في حكم المجهول؟
ربما سيمضي وقت لا بأس به قبل أن يعود الحديث عن مسار التفاوض السوري- التركي، فتصريح أردوغان هذا لا يشجع أياً من وسيطي التفاوض، روسيا وإيران، إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها، علماً أن فريقاً من المراقبين يرى أن الغضب الروسي من مواقف أردوغان وأفعاله الأخيرة – خصوصاً في قمة حلف شمال الأطلسي «ناتو» في فيلنيوس/ليتوانيا، وقبلها بأيام.. هذا الغضب قد يُوسع أكثر في الوقت لناحية عودة الحديث الروسي عن جولة تفاوض جديدة.
وربما الدولة السورية لا تقبل استمرار التفاوض، فلماذا التفاوض مع محتل طامع يناور ويراوغ، ويلعب على عامل الوقت، ولا بأس أن يستمر بالمفاوضات لسنوات وسنوات، باعتبار أن الأميركي لن ينسحب من الأراضي السورية التي يحتلها، وتالياً لن يوقف دعمه لمن تعتبره تركيا إرهابياً، بل هو يسعى لإقامة دولة لهذا الإرهابي.. وتالياً فإن المحتل التركي سيبقى لأن هذا الإرهابي باق، وخلال سنوات التفاوض يستكمل المحتل التركي مؤامرته الديمغرافية “اللغوية والثقافية والتعليمية والاجتماعية” في الأراضي السورية التي يحتلها، وصولاً إلى مرحلة القول إنها أراض تتبع له بحكم كل ذلك.. و«لنجرِ استفتاء مصير».. هذا ما سيقوله التركي.. هذه هي مؤامرته النهائية.
لكنها مؤامرة مكشوفة، وجميع السوريين في صورتها، لذلك لا يمكن للدولة السورية أن تتفاوض مع المحتل التركي إلا من خلال هذه الصورة الكاملة عن أهدافه وأطماعه.. وكل شيء في وقته المناسب وتوقيته الملائم.