في نادي الفكر والأدب.. قراءات ومشاركات متنوّعة تُحفِّز الكبار والصغار والشباب
تشرين- لمى بدران:
عند الدخول إلى نادي الأدب والفكر ستلاحظ منذ الوهلة الأولى التباين المقصود للحضور من كبار وصغار وشباب ما يخلق حالة من انصهار الأفكار وصقلها من جديد بأذواق ورؤىً مختلفة.. وهذا ما حصل في ثقافي أبي رمانة الذي احتضن منتدى الفكر والأدب بفقرات جديدة ومشاركات عديدة.
الفقرة الأولى كانت قراءة للمجموعة القصصية “الانحناء يساراً” والمطبوعة منذ عام ٢٠١٩ وهي الأولى لكاتبتها سوزان الصعبي التي أوضحت لـ(تشرين) أن يساراً التي تقصدها في العنوان هي جهة القلب ولخّصت لنا طموحها في الحياة وهو التطور بفن القصّة القصيرة.. وتعتبر أنها في تحدّ بهذا الشأن ولقد جاءت إلى هذا المنتدى لتسمع النقد وليس المدح، فهي نقدت نفسها قبل أن ينقدها أحد، قالت إنها بأعمالها القادمة من حيث الموضوع ستحاول أن تخرج من صندوق الحرب لفضاءات أوسع.
كما طُرحت العديد من الآراء تجاه هذه المجموعة القصصية ومنهم الأديب علي العقباني الذي شبّه العديد من كتاباتها بالمونولوجات الوجدانية وأشاد بأنّها تركّز على العناوين التي تجذب المتلقي، والطالبة شهد لاذقاني استمتعت بقراءة بعض صفحات المجموعة، أما الأديب مطيع حمزة فقال إن الأديبة كانت في بعض تفاصيل الحوار تقفل قبل أن تعطيه الحركة والحيوية الكافيين وتابع لـ(تشرين): أعتقد في الحقيقة أن استسهال الكاتب للنشر هو مطب يجب الانتباه منه كي لا يقع في الأخطاء اللغوية كالتي صوّبتها من المجموعة أثناء مشاركتي وبالمناسبة هذا الحضور وهذه النقاشات تُسهم في تكوين شخصية الطفل فنحن لا نستطيع أن نربّي ناقداً من خلال القراءة فقط بل نعلّمه السلوك بالسلوك.
الفقرة الثانية كانت بعنوان “هذا كتابي” دُعي إليها الأديب عبد الله نفاخ لتقديم شرح بسيط في عشر دقائق لروايته التي طبعت مؤخّراً “على ضفة العدم” والتي تتناول فكرة الصراع بين المثالية المطلقة والمنفعية المطلقة فبطل الرواية كان على درجة كبيرة من المثالية والطبيعة الحالمة المُفارِقة للواقع، وكان يُصدم بالواقع دوماً، وبعد معاناة طويلة بعلاقاته الاجتماعية المشتبكة استطاع أن يدرك أن المشكلة في طريقة فهمه للحياة، وفي النهاية عرف أنه كان على ضفة من العدم والواقع يحتاج إلى فهم ما حوله أكثر مما كان عليه بكثير.
ضيف هذا المنتدى شخصيّة فكريّة غنيّة وهو مدير الهيئة العامة للكتّاب د.نايف ياسين الذي تجاوزت مشاركته مرحلة الحوار الذي أدارته الأديبة نيفين الأزهر والأديبة نادية داود والطفلة هيام ضويحي حيث استغلّ الحضور وجوده وانهالت الأسئلة عليه ليدخل عمله كمترجم وكمدير للهيئة في نصاب الحوار، لكن اختار الدكتور نايف الأسئلة الأهم ليجيب عليها وأفصح لـ”تشرين” بعد نهاية المنتدى أن هناك رسالة ينبغي أن تُنقل للكتّاب الذين يريدون أن تُنشر أعمالهم بسرعة بأن لا يتسرّعوا في النشر فالكتابة مسؤولية تحتاج إلى نضج معرفي وفني وإمساك جيّد بالأدوات وذَكر لنا أن الكاتبة نفسها قالت بأنها لو أعادت كتابة الأعمال ستكتبها بطريقة مختلفة وهذا أمر صحي أمّا بالنسبة لرأيه عن فقرة “هذا كتابي” أكّد أن التلخيص مجتزء ولن يعطي العمل حقّه لكنّه بالتأكيد تجربة مفيدة وختم بأن هذا المنتدى فرصة لنوضّح طبيعة عملنا والظروف المحيطة به.
وكانت حصّة الأطفال المبدعين في هذه الفعالية ليست بقليلة فمنذ البداية كانت رئيس تحرير مجلة الطفل العربي الطفلة هيام ضويحي حاضرة وواثقة في طرح العديد من الأسئلة المهمّة للدكتور نايف الياسين ثم تلتها الطفلة جنى أبو فخر بالحديث عن تجربتها القصصية،ثم الطفل حسن ربيع الذي تحدّث عن مشاركته في تحدّي القراءة العربي..
وهذا ما أشاد به أحد الحضور المشجّع والداعم لنادي الأدباء الشباب الذي تحوّل إلى نادي الفكر والأدب وهو رئيس جامعة الأندلس الحالي ووزير التعليم العالي السابق الأديب محمد عامر مادريني الذي أكّد أهمية استقطاب النادي لمجموعة كبيرة من الشباب والأطفال لتنمية الذائقة الأدبية وفي إجابة لـ”تشرين” عن رأيه لو كان ناقداً مشاركاً؛ بين أن مشكلتنا مع النقد دائماً أن هناك محاباة وأنا أقدّر جدّاً أن الكاتبة سوزان حاصلة على جائزة حنا مينه لكتابها “ارقص كأنك النون” لكنه يُفضّل أن تنوّع من كتاباتها للخروج من الأسى والحزن وأضاف: اعتنت الكاتبة بالتوصيف وعالجت الكلمة معالجة عاطفية للاستعراض من قبلها بملاءتها اللغوية، وختم أنا أشجع النشر والمشاركة والترويج لهذه المنتديات.
كما تخلّل الفعالية مشاركة بثلاث قصائد قصيرة من قبل الشاعرة إيمان موصللي ومشاركة حوارية للأديبة غادة فطوم والأديبة مها داود، وأشرف الدكتور راتب سكر والدكتور بلال عرابي على مدى تلك الساعتين على كل تفاصيل المنتدى الغنيّة والكثيفة والمتنوعة.