أوبرا «عايدة».. اكتملَ بناءُ الدار ولم تصل الأزياءُ
تشرين- إدريس مراد:
تعدّ الأوبرا بشكل عام أضخم عمل مسرحي ودرامي حتى يومنا هذا، رغم عمرها الذي يعود إلى مئات السنين، إذ نشأت في إيطاليا نهاية القرن السادس عشر، ومنها انتقلت إلى إنكلترا وألمانيا وغيرهما من الدول الأوربية، والأوبرا هي اصطلاح إيطالي يطلق على كل مسرحية ملحّنة تجمع بين الموسيقا والشعر والتمثيل والرقص والديكور الضخم والأزياء، ومصر كانت سباقة عربياً في تقديم هذا الفن عبر أوبرا (عايدة).
تاريخ أوبرا عايدة
قبيل افتتاح قناة سويس، أمر الخديوي إسماعيل ببناء دار أوبرا القاهرة، وقام بتصميمها المهندسان الإيطاليان (أفوسكاني وروسي)، وأصبحت جاهزة في عام 1870 بين حي الأزبكية وحي الإسماعيلية، وفي هذه الأثناء وتحديداً عام 1869 اتصل الخديوي بالموسيقار الأشهر عالمياً (فيردي) عن طريق أصدقاء له، واقترح عليه أن يؤلف أوبرا لتقدم على مسرح أوبرا القاهرة الجديد، احتفاءً بافتتاح قناة السويس، وكانت أوبرا عايدة وهي نص خيالي ألفه الفرنسي أوغست مارييت، لايعتمد على واقعية تاريخية حقيقية بل مستوحاة من تاريخ الفراعنة، ولكن لم تقدم في احتفالات افتتاح قناة السويس بسبب تأخر شحن الملابس والديكورات من باريس، فعرضت بدلاً عنها أوبرا (ريغو ليتو)، وهي للمؤلف فيردي ذاته، عرضت أوبرا عايدة للمرة الأولى في تاريخها على مسرح أوبرا القاهرة «الأوبرا الخديوية» عام 1871 بمشاركة فرقة الجيش المصري للموسيقا لأداء مشهد مارش الانتصار، أما الأوبرا بأكملها فنفذت على يد عازفين ومغنين وممثلين وراقصين كبار من دول أجنبية، وقدمت بغياب فيردي صاحب هذه التحفة الفنية الخارقة بسبب خوفه من ركوب البحر.
وبعد هذا العرض قدمت هذه الأوبرا على مسرح (لاسكالا) في إيطاليا بداية عام 1872 بقيادة مؤلفها فيردي، وحققت نجاحاً كاسحاً، وقد دعي فيردي لتقبل تصفيق الحضور أكثر من ثلاثين مرة، وأهديت له عصا لقيادة الأوركسترا من العاج، ونجمة مرصعة بالماس، ظهرت فيها كلمة عايدة بالأحجار الكريمة.
حكاية أوبرا عايدة
تتألف من أربعة فصول وضع موسيقاها غوسيبي فيردي لنص غنائي من تأليف أنطونيه (غيلانزوني)، مأخوذ عن رواية فرنسية من تأليف (كميل دولوكل) والمستشرق (ماربييت بك)، تجسد الحكاية جانباً من الحرب بين مصر وبلاد الحبشة، من خلال بطلة العمل عايدة ابنة ملك الحبشة التي وقعت أسيرة في إحدى المعارك مع المصريين، وأصبحت وصيفة للأميرة المصرية «أمنيريس» ابنة الفرعون، والشخصية الثانية في الأوبرا هي (راداميس) القائد العاشق للأسيرة عايدة، وعندما يتم اختيار راداميس قائداً للمعركة ضد الحبشيين الذين شارفوا أبواب مصر، يذهب على رأس جيش كبير، ويعود منتصراً، فأعلن فرعون مكافأة له، وأهداه ابنته أمنيريس لتكون زوجة له، ولكنه رفض ذلك على الملأ، وتالياً انتشرت قصة حبه مع عايدة ومحاولة هروبه معها إلى الحبشة، فيحكم بجريمة الخيانة العظمى، ومن ثم يحكم بالدفن حياً، رغم كل محاولات أمنيريس وسعيها إلى تخفيف الحكم ليبقى على قيد الحياة، لكنها فشلت في تحقيق ذلك .. المشهد الأخير من الأوبرا مؤثر جداً، وهو داخل معبد (فولكان)، وقد قسم المسرح إلى طابقين، الأعلى وفيه الكهنة يؤدون تراتيل الموت، والأسفل يقع تحت تمثال أوزيريس إله العالم السفلي، ويظهر فيه القبر الذي سيضم راداميس حياً، إذ يظهر داخل قبر مظلم يشدو أغنية يعبّر فيها عن حبه لعايدة، وبعد إغلاق القبر، فجأة يسمع أنة خافتة يظنها وهماً، ولكنها حقيقة، ويرى عايدة أمامه في ظلام القبر، فقد سبقته إليه لتموت معه، بعد أن قتل والدها ودحر جيشه في المعركة.. يحاول راداميس يائساً رفع الحجر الذي يسد القبر من دون جدوى، وتالياً يستسلم للقدر وينشد مع عايدة مقطعاً غنائياً عميق التأثير، يقول فيها بما معناه، حرام أن يموت جمال عايدة، فتجيبه بأن موتها معه هو الحياة ذاتها ويقضيا آخر لحظات الحياة معاً.
شخصيات أوبرا عايدة
-عايدة: أميرة حبشية وقعت أسيرة في أيدي المصريين، واختيرت وصيفة لابنة الفرعون، ونجحت في إخفاء حقيقتها.
-الملك فرعون
-أمنريس: ابنة الملك فرعون
-راداميس: ضابط الحرس الملكي
– أموناسرو: ملك الحبشة والد عايدة
– مراسل
-كهنة ووزراء وضباط وجنود ورجال البلاط وأسرى ومساجين ومواطنون مصريون.
تجري حوادث الأوبرا في ممفيس وطيبة في عهد الفراعنة.