أسعار استباقية
بعد أن مرر الباركود على القارئة أظهرت الشاشة سعر طرد (فناجين) البلاستيك التي تستعمل بضيافة القهوة لمرة واحدة خمسة آلاف، لكن المفاجأة أنّ البائع في السوبر ماركت طلب ثمنها سبعة، لم يناقش الرجل أو يجادل في الأمر ليقينه أنه لن يغيّر في الأمر شيئاً، بل غادر خالي الوفاض، وبعد عودته إلى محل الموبايلات الذي يعمل به، حيث كنت وزميلي نحدّث برنامجاً، روى ما حدث فوجهه صاحب المحل لسوق الخضار القريب، وخلال دقائق أتى بطرد مماثل بقيمة ٤٥٠٠ ليرة.
الواقعة أشعلت بين الحضور نقاشاً حول الزيادة التي (شلفها) مزاجياً صاحب السوبر ماركت، والتي تعادل٤٠٪، حيث إنها كبيرة حتى لو أخذ بالاعتبار مقدار تبدل سعر الصرف الموازي، الذي يستند إليه معظم الباعة في التسعير، وأجمعت الآراء أنّ معظم البيع في الفترة الحالية يتم على سعر استباقي.
المثال آنف الذكر يساق على معظم السلع وعند أغلبية المتاجر، والأمر لا يتطلب الكثير من العناء لاكتشافه، فالمتتبع للأسواق يلمس ذلك بسهولة من خلال مشاهدة الأسعار المشطوبة والمعدلة أكثر من مرة على السلع ذاتها الموضوعة على الرفوف، وذلك بشكل يومي وأحياناً في اليوم نفسه.
يروج البعض أن ما تفعله المتاجر بالتعديل حسب سعر الصرف له مسوغاته، لأنها لو أبقت على أسعارها من دون أن تتناسب مع تبدلات سعر الصرف لتبدد رأسمالها بعد فترة وجيزة، لكن الذي لا يمكن أن يتقبله أحد هو وضع أسعار استباقية فيها فحش واستغلال كبيران بلا أي رادع.
لا يقف الأمر عند تبدل السعر، فالاحتكار حاضر وبقوة هذه الفترة، حيث يلاحظ أن بعض المتاجر قد أغلقت أبوابها للامتناع عن البيع، أو أن غيرها يقوم بإخفاء بعض السلع وخاصةً المستورد منها، بانتظار أن تبلغ الأسعار ذروتها وتهدأ تقلبات سعر الصرف المتسارعة وتستقر، والمشكلة أن مثل حالات الاحتكار هذه تمرّ في ظل غفلة الجهات الرقابية، على الرغم من المعاناة التي تخلفها لدى المواطنين من جراء البحث حتى إيجاد السلعة واستغلالهم بفرض سعر أعلى لها لقلة المعروض منها.
في مثل هذه الفترة التي تشهد تقلبات متسارعة لسعر الصرف، ينبغي تكثيف الجولات الرقابية على الأسواق والتشدد في ضبط وردع المخالفات الحاصلة، إن لجهة تقاضي أسعار استباقية أو لجهة الاحتكار، لعلّ ذلك يخفف عن الفقراء من وجع لكمات ارتفاعات الأسعار المتلاحقة.