ملف «تشرين».. قائمة الهموم المعيشية والخدمية تطول في اللاذقية.. وللمجالس المحلية صلاحيات واسعة مفعّلة في تعميم «الإدارة المحلية» فقط
تشرين – صفاء إسماعيل:
على إيقاع غلاء المعيشة وعجز المواطنين، وخاصة أصحاب الدخل المحدود، عن مجاراة ارتفاع الأسعار في تناسب عكسي مع الدخل المعيشي، ومراوحة الوضع الخدمي مكانه بالشكل الذي لا يرتقي إلى تطلعات المواطنين في اللاذقية، تتصدّر المجالس المحلية واجهة التساؤلات الشعبية عن دورها في نقل الهموم المعيشية والخدمية التي لا تزال في أماكن عدة برسم التأجيل، وعن الدور المنوط بالأعضاء المنتخبين من القاعدة الشعبية التي أقصيت حاجاتها وتطلعاتها في “غمرة الانغماس في العمل”!.
من الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار إلى الواقع الخدمي، صلاحيات واسعة يتمتع بها أعضاء المجالس المحلية المنتخبون، بقيت في معظمها تتلمّس طريقها إلى التنفيذ والمأمول منها شعبياً، في ظل فوضى الأسعار وغياب الرقابة من جهة وازدياد الشكاوى من تردي الوضع الخدمي من جهة أخرى.
واقع حال الهموم الخدمية والمعيشية يراوح مكانه رغم الشكاوى المتكررة للدوائر الحكومية وأعضاء المجالس المحلية
في سلسلة مترابطة تبدأ بالوحدات الإدارية إلى مجالس المدن وانتهاء بمجلس المحافظة، السؤال المطروح شعبياً اليوم: أين دور الأعضاء المنتخبين في تلبية الحاجات والارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي؟ وأين دور وزارة الإدارة المحلية في الرقابة على عمل المجالس المنتخبة؟
لا حسيب أو رقيب
قائمة طويلة من الهموم المعيشية والخدمية، سارع من التقتهم “تشرين” للإضاءة عليها، مشيرين إلى ارتفاع الأسعار بشكل يومي من دون حسيب أو رقيب، وفوضى التسعير بين محل وآخر لا يبعدان عن بعضهما سوى بضعة أمتار، وعدم العدالة في توزيع المساعدات الإنسانية، مؤكدين أن هناك عائلات بحاجة ماسة لكنها لم تحصل على أي مساعدات، سمعت عنها فقط ولم ترها.
كما أشاروا إلى تردي واقع مياه الشرب بين ضعف الضخ وانقطاعها لمدة تصل لأسبوعين، والتقنين الكهربائي الجائر الذي يذهب بالكهرباء خمس ساعات ونصف الساعة مقابل نصف ساعة تغذية فقط تتخللّها انقطاعات متكررة، وتردي حال الطرق الرئيسة والفرعية في عدد كبير من القرى وانتشار الحفر فيها، مع غياب الإنارة، وتأخر فتح دورات الري وعدم تمكّن الأهالي من سقاية مزروعاتهم التي باتت مهددة بالتلف عطشاً.
كما لفت الأهالي إلى عدم وجود شبكات صرف صحي في بعض القرى واللجوء إلى الحفر الفنية، وتردّي واقع حال بعض الشبكات المهترئة، والتأخر بحملات رش المبيدات لمكافحة الحشرات والقوارض، وانتشار القمامة وعدم ترحيلها بانتظام، واقع الحال الذي لا يقتصر على القرى وإنما يتعداها إلى المدن، مدللين بمدينة اللاذقية التي تنتشر القمامة في شوارعها، ناهيك بالتعديات على الأرصفة من المحال التجارية، وإهمال الحدائق.
الرد على الشكاوى والمشكلات المستعصية يأتي بالاعتذار بحجة أن الموازنة المتوفرة لدى البلدية ضعيفة لا تكفي
وأجمع من التقيناهم على أن واقع حال الهموم الخدمية والمعيشية يراوح مكانه رغم الشكاوى المتكررة للدوائر الحكومية وأعضاء المجالس المحلية الذين يستمعون للمطالب ويعدون بالحل في أسرع وقت، لكن من دون جدوى تغير واقع الحال، وأضافوا: انتخبناهم للوصول إلى المجالس المحلية لكنهم ما إن وصلوا إلى مبتغاهم نسوا من انتخبهم.
وأشار الأهالي إلى أنه رغم صدور القانون المالي الجديد الذي أتاح للوحدات الإدارية الاستفادة من مواردها لتحسين الواقع الخدمي، إلّا أن الرد على شكاوى تزفيت الطرقات وحل المشكلات المستعصية يأتي بالاعتذار بحجة أن الموازنة المتوفرة لدى البلدية ضعيفة لا تكفي، وهي بحاجة إلى إعانة من الوزارة.
رقابة لا تخلو من تقصير
بدوره، بيّن عضو المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة لقطاعات المدن والبلدات بشار نديم أسد لـ”تشرين” أن مهمة مجالس المدن والبلدات والقرى، الرقابة على الأسواق ومتابعة الواقع الخدمي بالتعاون مع المخاتير وأمناء الفرق الحزبية، حيث ليست هناك منطقة في المحافظة لا يوجد فيها أعضاء في مجلس المحافظة منتخبون عن مناطقهم، مهمتهم متابعة هموم الناس ونقلها للجهات المعنية لإيجاد الحلول لها، وأضاف: البعض مقصر في هذا الأمر، لكن المطلوب اليوم كبير فيما الإمكانات ضعيفة، والفجوة كبيرة بين الموازنة الضعيفة للوحدة الإدارية ومصاريفها، خاصة في ظل ظروف الحرب الإرهابية التي عاشها البلد، والحصار والعقوبات، والزلزال.
عضو مكتب تنفيذي: المطلوب كبير مقابل إمكانات ضعيفة.. والوحدات الإدارية ليست سواسية في الإيرادات
وأكد أسد أن هناك موازنة مستقلة ترد كل فترة من وزارة الإدارة المحلية يتم توزيعها على الوحدات الإدارية لدعمها، مشيراً إلى أن الوحدات الإدارية ليست جميعها سواسية في الإيرادات، مدللاً بأن مجلس بلدة صلنفة وكسب لديه موارد تجعل المجلس قادراً على تنفيذ مشروعات من إيراداته بسبب وجود منشآت سياحية وغيرها من الموارد الأخرى، بينما هناك وحدات إدارية لا يوجد فيها أي موارد سواء منشآت سياحية أم محال تجارية، أو ملاعب، أو مظلّات، لذلك فإنها تعتمد بشكل شبه كامل على مجلس المحافظة فيما يتعلق بالموازنة المستقلة.
صلاحيات
من جهته، أكد عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع التجارة الداخلية والمحروقات الدكتور معلى إبراهيم لـ”تشرين” أن مهمة اللجان في مجالس المدن والبلدات والقرى، تتلخص في الرقابة ونقل الشكاوى والمخالفات إلى مديرية التجارة الداخلية التي تتحقّق، بوصفها الوحيدة التي توجد لديها ضابطة عدلية، من المخالفة وتنظيم الضبط اللازم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وحسب إبراهيم، تقوم لجان مجالس الإدارة المحلية بمهمتها بالمتابعة والرقابة،
تقصير يحاكي الإمكانات المتاحة
تخضع المجالس المحلية لنوعين من الرقابة، الأول رسمي يتمثل بمراقبة الوزارة للمحافظة ومدن مراكز المحافظات، والثاني رقابة شعبية تتمثل بمراقبة المنظمات والاتحادات والنقابات.
وأكد رئيس اتحاد نقابات عمال اللاذقية منعم عثمان لـ”تشرين” أن عمل الإدارة المحلية يعتمد على مجموعة من العوامل، تأتي في صدارتها الإمكانات المتوفرة لديهم، وجاهزية الآليات، إضافة لاتخاذ القرار المناسب، وأضاف: نحن كفرع اتحاد عمال لدينا لجان نقابية موجودة في جميع التجمعات العمّالية ومنها مجالس المدن، وبشكل دوري خلال اجتماعات اللجان النقابية نضع مجالس الإدارة المحلية بصورة المشكلات المطروحة، ونشير إلى مواقع التقصير الذي يعزونه إلى ضعف الإمكانات المتاحة لديهم.
رئيس اتحاد عمال اللاذقية: التقصير واضح.. لكن حسب الإمكانات
وتابع: معظم المشكلات تتم معالجتها في حال توفر الإمكانات، وفي حال عدم المعالجة نتوجه للجهات العليا، سواء من خلال عرضها على المحافظ، أو رفعها إلى الاتحاد العام لنقابات العمال ليتم عرضها على وزير الإدارة المحلية.
وأكد عثمان أن هناك تقصيراً يلاحظ خلال السير في شوارع مدينة اللاذقية على سبيل المثال، يستدل عليه من خلال سوء حال بعض الطرق وانتشار الحفر فيها، تردي واقع النظافة، عدم رش الحشرات مع دخول فصل الصيف، مشيراً إلى ضعف الإمكانات المتاحة التي يشير إليها مجلس المدينة من ناحية قلة عدد العمال، قلة المحروقات، قدم الآليات، ففي الوقت الذي شهدت فيه مدينة اللاذقية ازدياداً كبيراً في عدد السكان وتوسعاً في مركز المدينة تم تقليص عدد العمال، مشيراً إلى ضرورة دعم مجلس المدينة بكوادر جديدة وشابة لتغطية التوسع والارتقاء بالمستوى الخدمي، إضافة لدعمها بآليات جديدة غير القديمة الموجودة لديها.
وتابع عثمان: إذا أردنا تقييم عمل المجالس المحلية بناء على أرض الواقع فهناك تقصير واضح، لكن حسب الإمكانات المتوفرة فإن الجواب مختلف ومحكوم بمدى استثمار الإمكانات المتاحة.
اقرأ أيضاً:
ملف «تشرين».. ترهل وارتباك مريب.. المجالس المحلية تحت الإشراف والتقييم في حمص