ملف «تشرين».. الذرائع لم تعد ملاذاً.. حال مجالس المدن والبلدات في السويداء.. إشراف من دون تدخل ودور خجول حتى الارتباك..
تشرين- ضياء الصفدي:
الدور الرقابي والإشرافي المنوط بأعضاء مجالس المحافظة، والمجالس المحلية لا يحتاج إلى موارد وإمكانات، هو يحتاج فقط إلى متابعة عمل لجان توزيع المحروقات، ومراقبة الأسعار، ومتابعة إنجاز المشروعات، والتعهدات والمناقصات الخاصة بمجالس المدن والبلدات.
المشروعات على الورق كثيرة والخزائن شبه فارغة، والآليات قديمة، والموارد بسيطة، والتحصيلات الضريبية قليلة، هذا واقع الحال لمعظم مجالس البلدات والمدن في محافظة السويداء.
تعاني الأغلبية العظمى من المجالس المحلية في ريف المحافظة من ضعف الإمكانات المادية وندرة الاستثمارات
فالمطالب اليومية التي يتحدث عنها المواطنون من المجالس البلدية كثيرة، والصورة التي أصبحت عليها بعض المدن والبلدات، هي التراجع المستمر في الواقع الخدمي، والدليل واضح وقائم، وهو تردي الطرقات في المدن والبلدات، وتردي الوضع العام للحدائق، وإنارة الطرقات، ومشروعات الصرف الصحي، وعدم القدرة على الاستملاك، في المقابل تعاني الوحدات الإدارية من ضعف الإيرادات المالية، والنقص الحاصل في الكوادر العاملة، والآليات حيث تقع على عاتق هذه الوحدات مسؤولية مباشرة، لتوفير الخدمات وعليها أن تكون قادرة على عملية التخطيط، وتنفيذ المشروعات التي تعود عليها بإيرادات، وإيجاد حالة من التكامل بين الدورين التنموي والخدمي، وهو ما يهدف إليه قانون الإدارة المحلية.
موازنة ذاتية
يتحصن المسؤولون بقانون الوحدات الإدارية، الذي ينص على تمويل المجالس المحلية ذاتياً، في وقت تعاني فيه الأغلبية العظمى من المجالس المحلية في ريف المحافظة من ضعف الإمكانات المادية، وندرة الاستثمارات، مع العلم أنّ قانون الوحدات الإدارية ينص على أنّ تمويلها ذاتي، وموازنتها ذاتية، كما تعتمد على فرض الرسوم والضرائب والمشروعات الاستثمارية، لكن المحافظة تعلم واقع الحال للوحدات الإدارية, إذ يعاني معظمها من ضعف الإمكانات، لذلك تقدم لها المعونات المالية، ومؤخراً طلبت المحافظة من رؤساء المجالس المحلية طرح أفكار لمشروعات استثمارية، بحيث يمكن لأكثر من مجلس تنفيذ مشروع تستفيد منه عدة قرى متجاورة.
رئيس مجلس محافظة السويداء رسمي العيسمي بيّن أنّ الوزارة خصصت إعانات للوحدات الإدارية, تم توزيعها حسب الأهمية والأولوية، ونحن بانتظار مبالغ أخرى لدعم القطاع الخدمي، وهناك العديد من المشروعات التي تم تنفيذها، إما جزئياً أو كلياً، ونعمل في المحافظة على تقديم الدعم اللازم للمجالس في الأرياف.
وأشار إلى أنّ مجلس المحافظة شكّل لجاناً متعددة ودائمة، منها اقتصادية لمتابعة الأسعار، وتوزيع المحروقات، إضافة لمتابعة المخابز، كما شكل لجاناً أخرى خدمية تشرف على متابعة سير الأعمال الخدمية في المحافظة، لافتاً إلى أنّ دور هذه اللجان هو رقابة ومتابعة سير عمليات التوزيع والأسواق، ويقتصر في كثير من الأوقات على الإشراف، ومخاطبة مديرية التموين لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ولجاننا تقوم بجولات بشكل دائم على المخابز ومحطات الوقود والأسواق.
وأكد رئيس مجلس مدينة شهبا جلال الدنون أنّ المجلس شكّل لجاناً للإشراف على توزيع المحروقات، لكن عملها بعد تفعيل نظام الرسائل عن طريق تطبيق “وين” لا يتعدى الإشراف على الكميات والدور، علماً أنّ أي مشكلة في مقدار كمية المحروقات الموزعة تحتاج إلى شكوى من المواطن، كما تم تشكيل لجان للإشراف على الأفران تراقب كمية المازوت الموزعة على الأفران، وكمية ووزن الربطة، وجودة الرغيف وعمليات توزيع الخبز.
مجلس المحافظة شكّل لجاناً متعددة ودائمة منها اقتصادية
لمتابعة الأسعار وتوزيع المحروقات إضافة لمتابعة المخابز
وبالنسبة للأسعار أكدّ الدنون أن لجان المجلس تقوم بجولات على الأسواق، لكنها تعاني من تغيرات الأسعار اليومية بعد تحرير الأسعار، وربطها بفواتير الشراء بعد أن كانت تُحدد من اللجان التموينية، ما جعل دور لجان المجلس هو مراقبة الأسواق وإعلام مديرية التجارة الداخلية بالتجاوزات أو مرافقة لجان التموين في جولاتها.
وأشار الدنون إلى أنه بعدما أصبح توزيع المحروقات عبر البطاقة الذكية، ومحددة الكمية والزمان والمكان، لم يعد اللجان دور كبير كما كان سابقاً، لكن يبقى للجنة الدور الإشرافي على التوزيع، ويقع على المواطن الدور الأكبر بضرورة الشكوى في حال وجود مخالفات.
وبالنسبة للواقع الخدمي في مدينة شهبا، يعاني المجلس من ضعف الإمكانات المادية لعدم قدرة المجلس على الاستملاك، ما أبقى الكثير من الطرق الواجب شقها وتعبيدها لكونها ملحوظة على المخطط منذ تسعينيات القرن الماضي من دون شق أو تعبيد، علاوة على ذلك مازال المجلس يعاني من قِدم آلياته، وكثرة أعطالها، ما يؤثر سلباً في سير أعمال النظافة.
رئيس مجلس بلدة داما حسان القنطار قال: إنّ المجلس شكّل لجان محروقات وأسعار، ولجان خدمات، لكنها غير مفعلة، لأنّ المعاناة كبيرة في تسعير المواد الغذائية والتموينية، لأن مديرية التجارة لا تصدر نشرات أسعار للمواد لتحدد على أساسها المخالفات، ففي بلدة داما مثلاً تسعر المحال على أساس نشرات، وفواتير الشراء من تجار الجملة بسياراتهم الجوالة، بحيث يحررون وصل مبيع المادة، ويحملون هذه المادة أجور النقل، حيث تبعد بلدة داما ٤٤ كم عن السويداء، ويتم تحميل أجور النقل على أسعار المواد.
بعدما أصبح توزيع المحروقات عبر البطاقة الذكية ومحددة الكمية
والزمان والمكان لم يعد للجان دور كبير كما كان سابقاً لكن يبقى للجنة الدور الإشرافي على التوزيع
ولجان المحروقات تشرف على توزيع كمية ٥٠ لتراً لكل عائلة وتقديرها، وبالنسبة للواقع الخدمي في البلدة، فالمعاناة كبيرة حيث تم تخصيص مبلغ ٧ ملايين ليرة من المحافظة لمجلس البلدة، وهذا المبلغ لا يعبد طريقاً، ولا يصلح بئراً، ولا نستطيع عمل أيّ مشروع بمبالغ صغيرة، لذلك يجب تخصيص مبالغ كبيرة لنستطيع العمل لمصلحة المواطن وخدمته.
وبالعودة إلى الواقع الخدمي في مدينة السويداء، أكدّ العديد من المواطنين أنّ المعاناة الأكبر من تدهور واقع النظافة، ما دفع الكثير من الأهالي للمطالبة بحلّ جذري، لكن لم يتلقّوا سوى وعود، رغم قيامهم مع منظمات المجتمع المدني بحملات نظافة بين الحين والآخر، إلّا أنّ الوضع لم يتحسّن في ظل تأخر جمع القمامة من مجلس المدينة.
وأكدّ عدد من سكان مدينة السويداء معاناتهم من تقصير عمال النظافة، إذ تبقى النفايات متراكمة في الأحياء لأيام، وعندما يُفرّغ عمال البلدية الحاوية يتركون الأوساخ المتراكمة بجانبها.
ويشير مواطن آخر من سكان المدينة إلى أنّ النفايات ملأت الحاويات وفاضت عنها، ما ينذر بانتشار الأمراض والروائح الكريهة التي تزداد حدّة مع مرور الوقت، والتأخير في ترحيل النفايات، بينما يرى مواطن آخر أنّ هذه الظواهر بدأت بالتلاشي والتحسّن، فمنذ بداية العام لا تراكمات كبيرة والواقع الآن أفضل من السابق.
في المقابل يعاني مجلس مدينة السويداء من صعوبات عدة، في مقدمتها نقص عدد العمال والآليات والحاويات، في ظل ازدياد عدد سكان المدينة، وخاصة المناطق الغربية، ما يدفعه لإرسال آليات ثقيلة لتنظيف القمامة المتراكمة، وهذا يتسبب بأعباء مادية إضافية على المجلس، عدا تضرر الحاويات من الآليات الثقيلة.
اقرأ أيضاً:
ملف «تشرين».. العاصمة الاقتصادية تعيش أسوأ حالاتها.. ومجالس المدينة والمحافظة يعملون وفق “الممكن”