الليبرالية الحديثة وسبل مواجهتها» في جلسة حوارية.. دخل الله: ضرورة وجود استراتيجيات لمواجهتها عبر تعزيز البنية الاجتماعية
تشرين- هبا علي أحمد:
أقامت جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب، ظهر اليوم، جلسة نقاش وحوار بعنوان «الليبرالية الحديثة وسبل مواجهتها» للدكتور مهدي دخل الله رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام المركزي.
وقدم الدكتور دخل الله خلال الجلسة عرضاً تاريخياً لنشوء ومراحل تطور الليبرالية الحديثة، مشيراً إلى تركيز السيد الرئيس بشار الأسد إلى مواجهة الليبرالية الحديثة باعتبارها العدو الحقيقي لنا اليوم والخطر الأكبر الذي لابد من مواجهته والتصدي له.
وقال الدكتور مهدي: الليبرالية الحديثة نشأت بعد انهيار الإقطاعية وظهور الرأسمالية مع الشعار المشهور «دعه يعمل دعه يمرّ»، خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية حيث نشأت الليبرالية الكلاسيكية والمنتشرة في صفوف الحزب الجمهوري والتي تختلف عن الليبرالية الحديثة المنتشرة في صفوف الحزب الديمقراطي، رغم ذلك فالليبرالية قديمها وحديثها كمصطلح تشمل جميع نواحي المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.
ولفت دخل الله إلى التناقضات بين الليبرالبية التقليدية والحديثة، فالتقليدية تعتقد أنه هناك في المجتمع والاقتصاد آليات تعمل تلقائياً وتعيد التوازن تلقائياً كما في الطبيعة، لكن مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهرت أن هذه الفكرة خاطئة، فالسوق يخلق مشاكل كالاحتكار الذي ينزع التوازن الطبيعي وبذلك يُضرب قانون السوق الذي هو قانون التوازن تماماً كما حصل في ظل الرأسمالية، وهذا على مستوى الاقتصاد، مشيراً إلى أن الشيء ذاته يندرج على مستوى المجتمع، فالتوازن الاجتماعي عند الليبراليين التقليدين أنه كما للسوق آليات للتوازن التلقائي أيضاً للمجتمع آليات للتوازن التلقائي وهذه الآليات هي مفهوم الأمة والقيم الأخلاقية والقومية والأسرة والدين، فدعاة الليبرالية التقليدية تحرريّين في الاقتصاد تدخليّين في المجتمع ويصرون على أهمية تماسك الأسرة وأهمية القيم الأخلاقية والتعاضد الاجتماعي ..
أما الليبرالية الحديثة كما أوضح دخل الله، فترى أنه مع تطور الاقتصاد بات هناك ضرورة تدخل الدولة لحماية التوازن الاقتصادي وليس لتغييره، لأن التوازن الاقتصادي عند الليبراليين الجدد لايقوم تلقائياً لذلك يجب أن تتدخل الدولة ليتوازن الاقتصاد وقوانينه، والتي ترمي في النهاية إلى حماية النظام الرأسمالي، مضيفاً، أما على مستوى المجتمع فالليبرالية الحديثة لا تتدخل في المجتمع، وعندما أتى الرئيس الأمريكي هاري ترومان الذي يعد من الليبراليين الحديثين بالصفقة العادلة لدعم المحتاجين والرعاية الصحية في محاولة للتدخل في المجتمع لم يكن ذلك من أجل العدالة ولكن من أجل خلق الفرد الحر وتوطيد الفردانية في المجتمع والتي ظهرت قانونياً مؤخراً في عهد الرئيس جو بايدن ويعد من الليبراليين الجدد، ومثل هذه التحركات هي أخطر ما تعمل عليه الليبرالية الحديثة لأنها قد تبدو جيدة ولكنها في الواقع سيئة الأهداف.
ونوّه دخل الله إلى أن الليبرالية الحديثة على المستوى السياسي لاتؤمن بالأمة والقومية لأنها أساساً لا تؤمن بالأسرة ولا بالأخلاق ولا بالقيم ولا بالدين، وهنا تكمن خطورتها.
ودعا دخل لله إلى ضرورة وجود استراتيجيات لمواجهة الليبرالية الحديثة عبر تعزيز البنية الاجتماعية سواء عن طريق الدين والتربية الأسرية والأخلاق والقيم لإعادة ربط الفرد بالأسرة خاصة الأطفال باعتبارهم الفئة الأكثر تأثراً بما تروجه الليبرالية الحديثة في ظل التكنولوجيا المتطورة.
أدار الجلسة الدكتور ابراهيم سعيد رئيس جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب، وحضرها الدكتور محمد الحوراني رئيس الاتحاد الذي دعا إلى العمل على منشورات وتجميعها في كتاب توضح الليبرالية الحديثة وخطورتها واستراتيجيات المواجهة، كما حضر الجلسة عدد من المهتمين.