بكل وقاحة يعلن نتنياهو بعد اجتياحه جنين و اعتدائه على مخيمها الأسبوع الماضي، أن كيانه المجرم ( سيجتث فكرة الدولة الفلسطينية اجتثاثاً) وبالوقاحة المتطرفة نفسها يعلن وزير عدوان إسرائيل يوآف غالانت بعد اجتياح جنين والاعتداء على مخيمها أنه (يشكر وزير الدفاع الأمريكي على الدعم غير المشروط الذي قدمته الإدارة الأمريكية لحكومة “إسرائيل” في عملية جنين )، وهكذا فإنّ جرائم “إسرائيل” وعنصريتها تنفذها حكومتها المجنونة بدعم غير مشروط من أمريكا. فما السر في وقاحة نتنياهو سواء بتصريحاته أم بجرائمه المنفذة ؟ ولماذا يسكت العالم الذي أقرّ حلَّ الدولتين وضرورة قيام دولة فلسطينية؟ لماذا يسكت عن إعلان نتنياهو بسعيه وتنفيذه اجتثاث دولة فلسطين كفكرة وطنية وكحلٍّ سياسي وكقرار دولي؟؟؟
بكل صراحة لم يكن لنتنياهو أن يجرؤ على القيام بما يقوم به لولا حالة الضعف العربي الذي تسبب به ما سمي( الربيع العربي) ولم يكن نتنياهو ليقدم على ما يقدم عليه لو أن الدول العربية ما زالت تعدّ القضية الفلسطينية قضيتها الأساسية، ولكن الضعف الذي تسبب به (الربيع العربي) وضلال الرؤية العربية لدى بعض الدول الفاعلة، إضافة لتواطؤ الغرب وخاصة أمريكا. كل ذلك أتاح لنتنياهو أن يذهب بعيداً في عنصريته وتطرفه وإرهابه. ولكن ما لم يحسب حسابه نتنياهو هو الشعب العربي الفلسطيني الذي يقف في وجهه ويقاومه ويكسر خططه.
منذ التسعينيات من القرن الماضي وقبل أن يحكم لأول مرة أعلن نتنياهو في كتابه (تحت الشمس) أنه ليس هناك أي فرصة لدولة فلسطينية، ونسف حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة. ومنذ أكثر من 30 عاماً لم يستجب العرب لهذا الخطر الذي يطرحه نتنياهو ولم يرد عليه بما يوقفه أو يجبره على التراجع عنه. بالعكس ما جرى هو المساعدة (ممن ساعد الربيع العربي )على إضعاف الدول الأساسية في مواجهة “إسرائيل” سورية والعراق واليمن وليبيا. كما جرى اندفاع بعض العرب للتطبيع أكثر وأكثر مع الكيان الإسرائيلي. ما وفر لنتنياهو صمت العرب ودولهم إضافة للدعم الأمريكي المتواطئ فكانت وقاحته بالغة . كل ذلك فهمه الشباب العربي الفلسطيني في الداخل فتخلى عن الدول العربية و تخلى حتى عن ضرورة فصائل المقاومة وبات كل شاب أو رجل أو فتاة مشروع مقاومة مستقلة تنفجر في وجه الجيش الإسرائيلي وتجعله يرتجف وهو يقدم على جرائمه.. المقاومة التي تسبب بها نتنياهو لنفسه لا تسكتها دولة ولا تردعها فصائل. وتنطلق من ذاتها لترد على محاولة نتنياهو اجتثاث الفكرة الوطنية الفلسطينية باجتثاث أمان وأمن واستمرار الاحتلال الصهيوني. إنها مقاومة نابعة من ضمير الشعب العربي الذي لا يرضى بأي احتلال أو عنصرية أو فاشية وسيجتث أي شكل من هذه الأشكال التي تسعى لإخضاع ونسف جوهره الوطني المنطلق من حقه بدولته المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية.
نتنياهو يريد اجتثاث فكرة الدولة الفلسطينية، ولكن أصحاب الأرض والقضية المقاومين يجتثون أصل العدوان والاحتلال والاغتصاب الصهيوني. و رغم المعاناة المضنية التي يعانيها الفلسطينيون من جراء الاحتلال فإنهم سيجتثون هذا الإجرام العنصري حتماً.