في جنون العشق: كلّ عاشق قيس وكلّ عاشقة ليلى

تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:

لم يخضع شعر للمراجعة والشك والإنكار والاتهام، كما حدث لشعر الملقب بـ”مجنون ليلى” قيس بن الملوح، غير أنه يكفيه اليوم أن هناك العشرات من الشعراء والعشاق كل منهم يحمل اسم (قيس)، والعشرات من المعشوقات كل منهن تحمل اسم ليلى.. فكان طبيعياً أن تتداخل الأشعار، وأن يصعب التمييز بين شعر (قيس) الحقيقي وشعر غيره، وتبلغ الشكوك مداها حين يقول البعض إنّ قيساً نفسه لا وجود له، وإنّ كثيراً من الشعر الذي نُسب إليه – في حال ثبوت حقيقة وجوده- ينسب إلى غيره من الشعراء الذين تشابه شعرهم مع شعره في رقته وسلاسته وحرارة عاطفته.. وعند الوقوف على الحقيقة لهذا الشاعر نعود إلى ما قاله الأصمعي:

سألت أعرابياً من بني عامر بن صعصعة عن المجنون العامري فقال: عن أيهم تسألني؟ فقد كانوا جماعة رُموا بالجنون، فعن أيّهم تسأل؟ فقلت: عن الذي كان يشبب بليلى، فقال كلهم كان يشبب بليلى، لكن ديوان مجنون ليلى يقول: إنّ قيساً بن الملوح طغى على الجميع فأسند إليه كل شعر قيل في ليلى، وهنا يقول الأصمعي: «الذي ألقي على المجنون من الشعر، وأضيف إليه أكثر مما قاله».. فيما قال الجاحظ: ما ترك الناس شعراً مجهول القائل، قيل في ليلى إلّا ونسبوه إلى المجنون، ولا شعراً قيل في (لبنى) إلّا ونسبوه إلى قيس بن ذريح، وقال ابن المعتز: العامة الحمقى قد لهجت بأن تنسب كل شعر في المجون إلى أبي نواس، وكذلك تصنع في أمر مجنون بن عامر، كل شعر فيه ذكر ليلى تنسبه إلى “المجنون”، ولذلك صار مجنون ليلى رمزاً للعشاق والعاشقات، فكل غزل مجهول وخاصة إذا جرى فيه ذكر ليلى أو العامرية أو أم مالك أو أم عمرو، كان مصيره أن يدخل في دائرة الجنون، لكن هذه الأقوال – صحّت أم لم تصح- لا تنفي الحقيقة الواضحة المؤكدة وهي حضور مجنون ليلى وشعره في الذاكرة العربية، وامتداد نسيج هذا الشعر في نسيج عددٍ غير قليل من الشعراء من بعده، ونفاذ تأثير هذا الشعر بفضل لغته وجمالياته الخاصة التي تستقطر أصفى وأجمل ما في القصيدة العربية القديمة من كيمياء شعرية أو ماء شعري بلغة القدماء، وانتقال هذا الشعر بكل ما صاحبه من أحداث ومواقف وحكايات إلى ديوان الشعر في روح صوفية ورمزية، ذلك أنّ التعبير الفني الصوفي عن قيس وليلى سما بفهمهم للجمال والحب إلى ما فوق رغبات الحس ودواعي المتعة، وفي قصيدته التي يخاطب فيها ليلى ويناجيها بقوله:

أنيري مكان البدر إن أفل البدر

وقومي مقام الشمس ما استأخر الفجرُ

ففيك من الشمس المنيرة ضوءها

وليس لها منك التبسّم والثغر

فيا حب ليلى قد بلغت بي المدى

وزدت على ما ليس يبلغه الهجر

ويقول في قصيدة أخرى وهو يناجي ليلى في العراق:

يقولون ليلى في العراق مريضة

أيا ليتني كنت الطّبيب المداويا

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
«صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع.. القاضي مراد: الانتخابات جرت بإشراف قضائي كامل بدءاً من الترشيح وحتى إعلان النتائج