جميعنا يدرك حجم الأعباء والمعاناة الكبيرة التي حملتها الحكومات المتعاقبة خلال سنوات الأزمة، نتيجة فقدان الموارد وسرقتها من قبل العصابات الإرهابية المسلحة والدول الداعمة لها، الأمر الذي أوجد هيكلية إدارية وإنتاجية غير قادرة على تأمين المطلوب وفق اتجاهين أساسيين، هما المعيار الحقيقي لنجاح الحكومة، الأول يكمن في معيشة الناس وتحسين مستوى الرواتب والأجور، والثاني هو نتيجة حتمية للأول يكمن في زيادة وتعظيم قوة الإنتاج، التي تفتح آفاقاً متجددة تنشط من خلالها سوق العمل واستيعاب الوافد
إليها من الطاقات الشابة، ونحن في وضعنا المتأزم نتيجة تبعات ظروف الأزمة ومعاناتها التي فاقت كل تصور، يفرض الكثير من الأسئلة حول الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومات المتعاقبة، دون إحداث أي خرق إلى الأمام، وإحداث نوع من التعافي الاقتصادي على كل الجبهات نتيجة ظروف الحرب، وسرقة الموارد والتلاعب بمقدرات الدولة وحاجات المواطنين، إلى جانب أمر لا يقل أهمية عما ذكر يتعلق بالروتين، والعمل الإداري الذي يختبئ خلف سلطة القانون وشخصنتها حسب المصالح الضيقة، وبالتالي أمام هذا الواقع لابد من إحداث خرق في جدار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، التي نعيش تفاصيلها بصورة يومية، والمتغيرة في أسبابها على مدار الساعة، والتي فرضت بدورها انعكاساً سلبياً على الأسعار وخاصة المرتبط بالمعيشة اليومية، والأهم أن مكونات هذا الخرق مرتبطة بتوافر ظروف مناسبة، تسمح بتنشيط سوق العمل، ترتكز مقوماتها على تعزيز قوة الإنتاج المحلي بأشكاله المختلفة “الإنتاجي منها والخدمي” مربوطة بقطاعات أخرى داعمة لها، ولاسيما قطاع الحِرف والمشاريع الصغيرة، إلى جانب تقديم كل الإجراءات التحفيزية التي تؤمن عنصر المنافسة وتعزز قوتها في الأسواق، في مقدمة هذه المحفزات تأمين مستلزمات الإنتاج بتكلفة مخفضة، مع مراعاة الرسوم المفروضة، وتقديم التسهيلات المصرفية، و مصادر التمويل بشروط بعيدة عن لغة التعجيز..!
هذا ضمن التكلفة والمحفزات، أما الجانب الثاني من مقومات تعزيز قوة الإنتاج المحلي، فإنه يحمل الكثير من مفردات التعزيز منها على سبيل المثال لا الحصر: الاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر، وتأمين الحماية لها وتقديم كل أشكال الدعم التي تؤمن استمرارية عملها، وتطويرها بصورة تتناسب مع ما هو مطلوب لتوافر أسباب التعافي للاقتصاد الوطني والخروج من معاناته، لكن دون أن ننسى قطاع الحاضنات الذي يرعى رواد الأعمال، واستثمار المواهب الشابة ودعمها لتوليد فرص عمل واعدة تستوعب القادم لسوق العمل من جهة، وتساهم في تعظيم قوة الإنتاج من جهة أخرى ..
هذه إجراءات اتخذتها الحكومات المتعاقبة، إلى جانب الكثير من الإجراءات، إلا أن الأفعال على أرض الواقع لم تكن بحجم الخطر الذي يداهم أسواقنا المحلية، وأفقد القوة الشرائية قدرتها على التعاطي مع مستجدات الأسواق وارتفاع أسعارها، إلى أن وصلت إلى حالة التضخم التي لم يشهدها بلدنا منذ مئات السنين ..!
فهل تفعلها الحكومة الحالية وتترجم الأقوال إلى أفعال، وخاصة الإنتاج ومعيشة المواطن ..؟!
Issa.samy68@gmail.com