جنين أيقونة المقاومة.. نصف كيلومتر مربع يُحبط أهداف العدوان ويُدفِّعه الثمن.. والعدو محكوم بمعادلات صعبة
تشرين:
نِصف كيلومتر مربع، هي مساحة مخيم جنين، هذه المساحة كانت كفيلة على مدار يومين بإذلال جيش الاحتلال الإسرائيلي وإرغامه على الانسحاب مكبلاً بخسائره السياسية والأمنية وبصورته الممزقة، نِصف كيلو متر مربع حوّله المقاومون الفلسطينيون من خلال تكتيكات ومعارك ميدانية وعبوات ناسفة إلى كمين موت للعدو الصهيوني الذي تحول بدوره بأكثر من ألفي جندي من الهجوم إلى الدفاع.. نصف كيلو متر مربع ثبّت معادلة تآكل الردع للمحتل وحافظت المقاومة كما هي دائماً على قوتها وصلابتها وازدادت خبرتها.
وانسحب العدو الإسرائيلي من مخيم جنين تحت ضربات المقاومة الفلسطينية، وما يُثار في بعض وسائل إعلامه عن أن العملية كانت مقررة مسبقاً بـ48 ساعة، ليس إلّا لتغطية الفشل الإستراتيجي الذي مُني به العدو في نصف كيلو متر مربع لأن المقاومين تمكّنوا من كشف نياته، وعمدوا إلى إخلاء بعض النقاط، واحتموا في مواقع جديدة وسرّية.
يكفي التطرق إلى ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية لندرك حجم التخبط داخل المجتمع، إذ وصفت الصحيفة العدوان على جنين ومخيمها بالمسكّن لمريض ميئوس من شفائه، لافتة إلى أنّ الفلسطينيين سيعودون إلى المخيم، وسيستأنفون العمليات من هناك، معتبرةً أنّ الفلسطينيين فهموا ما لم يستوعبه الإسرائيليون: العملية بعيدة جداً عن السور الواقي 2″.
ورأت الصحيفة أنّ فقدان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، السيطرة السياسية أثمر عملية استعراضية، مؤكدة أن التهديد المركزي يكمن في عدم الثقة، الذي صار بنيوياً، في كل ما تزعم الحكومة بأنّها تفعله، والأهداف التي تسوّقها.
وتحدّثت الصحيفة عما سمّته “كاتالوغ عمليات تصفية بنية تحتية”، ويتضمن تصفية المسؤولين والقادة والمهندسين، وتدمير بيوت المقاومين، معتبرةً أنّ “البضاعة التي يبيعها رئيس الحكومة ليست بالية وكاذبة فقط، بل سامّة وخطرة”.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية: إنّه ما من صاحب عقل في الجيش و«الشاباك»، وفي محافل اليمين الخرساء، من يعتقد أنّ هذه العملية ستقضي على عمليات المقاومين الفلسطينيين في مخيم جنين ونابلس والقدس وكل المناطق المحتلة.
وتحدثت وسائل أخرى عن أن العملية العسكرية لن تؤدي إلى تغييرٍ استراتيجي في جنين، مؤكدة أن هذه العملية بالتأكيد لن تردع المقاومة الفلسطينية، بل ستواصل عملها بكل قوة للسيطرة على الضفة، في حين قال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، تامير هايمَن: إن جنين ليست عاصمة للمقاومة، لأن المقاومة ليست لها عاصمة، بل هي في قلوب الفلسطينيين الذين يرفضون وجود «إسرائيل».
إن تعهد الاحتلال الإسرائيلي بالعودة إلى المخيم عند الضرورة ليست إلّا لذر الرماد في العيون ولتخفيف حال الاحتقان داخل المجتمع الإسرائيلي الذي يزداد خوفاً ورعباً، وكل محاولات العدو لإنهاء حال المقاومة ستبوء بالفشل، فالقضية الأساس ليست في جنين أو غزة أو أي منطقة من مناطق الضفة الغربية، بل القضية الجوهرية هي بالاحتلال. إذاً المقاومة فعل مستمر مادام الاحتلال يحتل الأرض، ومادامت فلسطين بكل شبر فيها ليست خالصة للفلسطينيين، ورغم أن العدوان على جنين هو الأضخم منذ 20 عاماً مع ما خلّفه من دمار وتهجير للأهالي، إلّا أن المقاومة سجلت انتصاراً مبهراً كالعادة، وستبقى جنين خزان الثورة وبؤرة أساسية للمقاومين ومعها كل الأراضي الفلسطينية.
هزيمة العدو في هذه الأيام تذكرنا بهزيمته خلال حرب تموز 2006 على يد المقاومة الفلسطينية، وكأن تموز بات قدر الهزيمة المرافق للعدو الإسرائيلي، كما ستصبح كل الأيام سيئة الطالع للمحتل الغاصب.