كتاب «جذور في الأعالي».. يسطّره الفنان «عبود فؤاد» عن سيرته الذاتيّة

تشرين- إدريس مراد:

بعد مسيرة لا يستهان بها في خدمة الأغنية الجزراوية وخاصة الأغنية المردلية، أو الماردينية، ينجز الفنان عبود فؤاد كتاباً تحت عنوان «جذور في الأعالي» وضع فيه بعضاٍ من محطات حياته، وخصص قسماً منه لمدينة القامشلي «مسقط رأسه»، ومنها استمد عنوان كتابه، ويشير إلى أنه لا يمكن الحديث عن الأغنية الماردلية من دون التطرق إلى منابتها الأساسية، وهي مدينة ماردين السورية التي تقع اليوم ضمن خريطة تركيا، وتحديداً في جنوب شرق الأناضول، وتشتهر بفن العمارة الأرتقية وتضم السريان والكورد والعرب والآشوريين.

مابين مدينتي نصيبين والقامشلي

أما مدينة القامشلي فأسست بعد عام 1925 عند دخول الاحتلال الفرنسي إلى هذه البلاد، من نزوح أهل ماردين إليها، حاملين لهجتهم، وأغانيهم وعاداتهم وأمثالهم الشعبية وحتى المائدة الماردينية الشهيرة، ويستمر «فؤاد» في حديثه عن هذه المدينة استناداً إلى ما كتبه الوراق الأستاذ «حنا مديواية» مؤسس مكتبة لواء اسكندرون التي تعدّ من أهم المعالم الحضارية في المدينة ولا تزال، يقول عنها «..مدينة القامشلي ما هي إلا وليدة مدينة نصيبين العريقة في القدم، والسهل الذي أقيمت عليه البلدة الحديثة هو امتداد للهضبة التي تفصل مدينتي القامشلي ونصيبين، والتي كانت مقابر لأوائل ساكني هذه المنطقة منذ آلاف السنين.. وتحيط بمدينة القامشلي مواقع أثرية لمدن ذات حضارة عريقة يرجع تاريخها إلى كل الأزمان التاريخية التي مرت بالبلاد السورية…».

جورج جاجان المعلم الأول

وفي العودة إلى بدايات «فؤاد» الموسيقية وكما يسردها في كتابه.. فبعد موهبته في سن مبكرة ونشاطاته مع منظمتي الطلائع والشبيبة وحصوله على مرتبة الريادة أكثر من مرة في مجال الغناء، بدأت مسيرته الفعلية حين تلقى أوليات الموسيقا على يد الأستاذ جورج جاجان، وتابع دراسته عند إقامته في حلب أحد عشر عاماً على يد الأستاذ محمد رجب، إذ تعلم منه علم المقامات والغناء الشرقي ونال عضوية نقابة الفنانين من فرع حلب، ومنذ البدايات انتبه لأهمية الأغنية المردلية «الماردينية»، وكان قد سبقه إليها الراحل جان كارات الذي يعدّ من أشهر أعلامها في المنطقة.

الأغنية المردلية والحلبية

يحاول الفنان «عبود فؤاد» جاهداً تطوير هذا الشكل الغنائي من خلال ما يقدمه من نصوص شعرية، تضمنت موضوعات وجدانية وعاطفية ووطنية إضافة إلى موضوعات تتعلق بالغربة والتشبث بالأرض، كما غنى عن الأم والطفولة فضلاً عن أغان اجتماعية ساخرة اختلفت جميعها عما تم أداؤه سابقاً، وتالياً إحداث نقلة نوعية في الأغنية المردلية، كما اهتم أيضاً بالأغنية السريانية.. ما دام أستاذه الأول هو الموسيقار السرياني الأب جورج جاجان، ولم تقف مسيرته هنا بل لمع كمطرب قدود حلبية مميز، من خلال إقامته سنوات في مدينة حلب ونجاحه فيها بين نجومها الكبار، الأمر الذي مهد له الطريق للانتشار في العديد من الدول العربية من خلال حفلاته في لبنان كالأمسية الكبيرة أقامها في قصر الأونيسكو في بيروت إلى جانب الكبير وديع الصافي الذي أبدى حينها إعجابه بصوت وحضور عبود فؤاد، كما شارك الكبير صباح فخري حفلة نادي الاتحاد في مهرجان المرأة في حلب.

مئات الأغاني

وقد بلغ عدد ألبوماته حتى الآن ثلاثة عشر ألبوماً، احتوت مئات الأغاني، وانتشرت في العديد من الأماكن، كما أحيا الكثير من الحفلات في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والسويد وهولندا وبلجيكا ودول أخرى، ونال خلالها العديد من الأوسمة والميداليات من قبل الجاليات العربية والأندية السورية هناك، إضافة إلى الجوائز والتكريمات في بلده، كجائزة الأورنينا، وتقدير وزارة الإعلام، وميدالية قيثارة الروح وغيرها.

أداء جميل وجذاب

يتضمن الكتاب أيضاً العديد من الشهادات عنه لكبار الشخصيات والفنانين نختار منها ما قاله الموسيقي الراحل حسام بريمو: «الأستاذ الجزراوي عبود فؤاد اختزل الجزيرة السورية في وجدانه وصوته الذي له شخصية وبصمة خاصة. واجتمع أهلها في حنجرته وقلبه.. كما تلاشت اختلافاتهم المتوارثة لما حمل لغاتهم وثقافاتهم وتاريخهم بأدائه الجميل الجذاب المتقن والحساس بصوته الخاص والكبير بمساحته وتلونه…».. وبدوره كتب الموسيقي جوان قرجولي: «في ظل قلة المهتمين بالتراث الموسيقي بشكلٍ عام، وتراث الجزيرة السورية بشكل خاص، برز الفنان عبود فؤاد كفنان حمل همّ التراث الجزراوي بكل أمانة، وتألق في تقديم هذا التراث الغني بأسلوب مميز وراق يعبّر عن مدى صدقه وإيمانه…».كما تضمن كتاب «جذور في الأعالي» نصوص كل أغاني ألبوماته والكثير من الصور الفوتوغرافية التي جسدت محطات من حياته وسيرته الفنية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار