تحديات كثيرة يواجهها اقتصادنا هذه الأيام بعضها موروث، والآخر من فعل الأزمة وسنوات الحرب والحصار، وهذا بدوره يفرض على أهل القرار الاقتصادي تحديات كبيرة لتجاوزها، والعمل وفق رؤية اقتصادية تسمح باستثمار الممكن والمتوافر من الإمكانات، في مقدمتها إجراء “التفاتة ” إلى الماضي القريب وإجراء مراجعة شاملة لمراحل تطوره, وتحديد نقاط القوة لتعزيزها, ونقاط الضعف للمعالجة، من أجل وضع رؤية مستقبلية تحمل آفاقاً جديدة، تتضمن أسس المعالجة والتغيير، وهذه تستند إلى إعادة ترتيب لمكونات اقتصادنا الوطني، وتوفير بواعث روح التفاؤل، التي تبنى على أساس تطوير نظامنا الاقتصادي وتحسين ظروف معيشتنا، بالاعتماد على الإمكانات الذاتية المتوافرة والتي لو استثمرت بالصورة الصحيحة، نستغني عن المستورد، وحتى الوصفات الجاهزة التي يحاول الكثيرون إدخالها إلى فكرنا الاقتصادي لتعزيز مفهوم الاتكالية، والاعتماد على الجاهز المستورد، وهذا أهم تحدٍ كبير ينبغي أن يعمل الجهاز الاقتصادي الحكومي لمعالجته بالصورة الصحيحة، والتي تسمح بتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، يتم من خلالها تحقيق انفتاح مدروس على العالم الخارجي، والاستفادة منه بما يتناسب مع واقعنا، وعاداتنا وتقاليدنا وقبلها التنمية التي ننشدها جميعاً، وخاصة لجهة استقطاب الاستثمارات الداعمة للإنتاج المحلي، وتحقيق قيمة مضافة، خاصة في ظل ظروف صعبة أحوج فيها إلى رفع كفاءة اقتصادنا الوطني، وتحسين ظروف جودة المنتجات ونوعيتها، وتحديث شروط المنافسة أمام الانفتاح العالمي، ولاسيما التجارة الخارجية التي باتت مفتوحة بكل الاتجاهات..!
وبالتالي ظروف اليوم تحتاج إلى تحصين البيت الداخلي, وتدعيم أركانه ضد التغيرات التي لا تتناسب مع طبيعة مجتمعنا الاقتصادية والاجتماعية، وحتى ظروف ثقافة الاستهلاك، وكل ذلك بقصد بناء اقتصاد قوي قادر على الوقوف في وجه المتغيرات، وإثبات حالة وجود تقوّي مكانته بين الاقتصادات العالمية، وهذا لن يتم إلّا بتوافر عدة عوامل أساسية تدفع بالاقتصاد الوطني لمواكبة التطورات الاقتصادية المتسارعة، في مقدمتها توفير مناخ استثماري مناسب أكثر، باعتباره العامل الأساسي المحدد للنمو الاقتصادي، ولرفاهية المجتمع، لذلك يجب تأمين مناخ سليم لا يعتمد على قانون محدد وإنما على مجموعة من الشروط والمقومات الضرورية كالبنية التحتية المتطورة من اتصالات ومواصلات ومياه وغيرها، إلى جانب تأمين نظام مصرفي عصري، يلبي احتياجات المستثمرين ويسهل عمليات التمويل والتحويلات المالية، وكل أشكال الخدمات المالية والمصرفية الأخرى، وذلك بما يتوافق مع متطلبات الاقتصاد الوطني للمرحلة القادمة، التي ستشهد إعادة إعمار لكل مكونات الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تطوير قوانين السوق، وإعادة النظر في السياسات والإجراءات الاقتصادية، التي تحمل بالدرجة الأولى تطوير القطاع الحكومي وتوفير الاستقلالية له والتي تؤمن حالة تحصين واسعة له يتم العمل فيها على أسس اقتصادية واضحة، والأهم العمل على فصل عملية الدعم وبعدها الاجتماعي عن واقع العملية الإنتاجية، وربطها بمؤسسات أخرى تعمل ضمن شبكة أو منظومة دعم تحقق الغاية الاجتماعية والاقتصادية التي تسعى الدولة لتحقيقها, وبالتالي بهذه الإجراءات وغيرها يمكن لنا تحصين البيت الداخلي لاقتصادنا من كل الأمور التي لا تتناسب مع واقعنا الاجتماعي والاقتصادي ورفض كل الوصفات الجاهزة التي تغرق اقتصادنا في الأسواق..!
Issa.samy68@gmail.com