يا زمان الوصل.. هكذا غنّت الأندلس على أنغام زرياب

تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
زرياب هو أبو الحسن علي بن نافع، واشتهر بلقب زرياب، وهو اسم الطير الأسود ذي الصوت الرخيم، ويُقال إنه لقب بذلك اللقب (من أجل سواد لونه وفصاحة لسانه وحلاوة شمائله، أما كلمة زرياب فهي فارسية الأصل وتعني ماء الورد).
ولد زرياب في بغداد عام 161هـ- 777م، ويبدو أن والده كان من الوافدين إلى بغداد، وكان زرياب من موالي الخليفة العباسي المهدي (ت169هـ/785م).
لقد تعلم زرياب فن الغناء والموسيقا في بغداد، على يد اسحق الموصلي (ت235هـ- 850م) الذي كان صاحب مدرسة للغناء والموسيقا في العاصمة العباسية، وهو الموسيقار المفضل لدى الخليفة هارون الرشيد (ت193هـ- 809م)، وإذا كان زرياب قد أخذ في بداية حياته الفنية بعض ألحان أستاذه ووضعها في أغان جديدة له مع شيءٍ من التغيير والتطوير، فإنه سرعان ما انطلق مستقلاً في ألحانه وأغانيه حيث لم تمض سنوات قليلة حتى أتقن صناعة الغناء والموسيقا إتقاناً فاق فيه أستاذه، ولاسيما أن الكثير من عناصر النبوغ والإبداع كانت متوافرة في شخصيته.
وشاءت الظروف أن يطلب الخليفة هارون الرشيد من اسحق الموصلي أن يرشح له مغنياً بارعاً فذكر له اسم تلميذه زرياب، وقال إنه يكون له شأن كبير في مقبل الأيام، فطلب الرشيد منه أن يصطحبه معه إلى مجلسه، وبالفعل حضر زرياب برفقة أستاذه إلى مجلس الخليفة، ودار حوار بين الرشيد وزرياب حول بعض المسائل الفنية ثم سمع ألحانه وغناءه، فأعجب به إعجاباً شديداً، بل دهش بما انطوت عليه شخصيته من عقل ومنطق ومواهب فنية، وقد أحيا زرياب في ذلك الزمان العديد من الحفلات الغنائية في بغداد، فأعجب بها أهل بغداد ونواحيها.
استدعاه الأمير عبد الرحمن الناصر إلى البلاط، وتؤكد المصادر أن الأمير عبد الرحمن أعجب بشخصية زرياب إعجاباً عظيماً ووصفه بالموسوعة الموسيقية الغنائية التي خرجت من بغداد، ومن ابتكارات زرياب في الأندلس في ميدان الغناء والموسيقا أنه زاد أوتار العود الأربعة وتراً خامساً (اختراعاً منه) وترتب على هذا الاختراع -كما يقول أصحاب الاختصاص- دعم كفاءة العود، من حيث اللحن وتلوين العزف، ومن ثمّ أسهم ذلك في التخفيف من هموم الناس وأحزانهم، ورقق طباعهم، كما شكل دعوة للشعراء لابتكار أنواع جديدة من الشعر الغنائي، ومن اختراعات زرياب أيضاً في الأندلس مضرب العود من قوادم ريش النسر عوضاً عن المضرب الخشبي، كما أسس زرياب في قرطبة معهداً للموسيقا، ولم يكن هذا المعهد حكراً على العرب والمسلمين، بل فتح أبوابه لكل الدارسين من جميع أنحاء العالم، ويُحكى أنه يرجع إليه الفضل له في ابتكار الموشحات الأندلسية التي لم ينتج مثلها الفن العالمي مثل موشح:
جادك الغيث إذا الغيث همى
يا زمان الوصل في الأندلس
لم يكن وصلك إلا حلماً
في الكرى أو خلسة المختلس

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
1200 فيلم وسيناريو تقدّم للمشاركة في مهرجان كوثر الدولي السينمائي في إيران "الزراعة" تناقش الخطة الزراعية المقبلة: وضع رقم إحصائي ومراجعة بروتوكول إنتاج بذار القمح والترقيم الإلكتروني لقطيع الثروة الحيوانية برنامج ماجستير تأهيل وتخصص في التنمية المجتمعية بالتعاون بين الجامعة الافتراضية السورية ومؤسسة التميز التنموية إطلاق أول اجتماع لشرح آليات تنفيذ دليل التنمية الريفية المتكاملة في طرطوس وزارة الداخلية تنفي ما يتم تداوله حول حدوث حالات خطف لأشخاص في محلة الميدان بدمشق على خلفية مشكلة خدمة دفع الفواتير عبر الشركة السورية للمدفوعات.. "العقاري": السبب تقطع في خطوط الاتصال وتم الحل المشهد الأميركي- الانتخابي والسياسي- يتخذ مساراً تصاعدياً بعد محاولة اغتيال ترامب.. لماذا إقحام إيران؟.. بايدن يُمهد لانسحاب تكتيكي ويلمح إلى هاريس كـ«رئيسة رائعة» أول تجربة روسية للتحكم بالمسيرات عبر الأقمار الصناعية تربية دمشق استقبلت نحو 17 ألف اعتراض 42 ضابطة مائية في دمشق.. والمياه تسرح لغسيل السيارات وتبريد الشوارع!