ملف «تشرين».. مخاطرها تزداد بتغيرات درجة الحرارة وزمن التماس بين الغذاء وجدار مادة التغليف.

تشرين- دينا عبد:
كثر استخدام الأواني البلاستيكية في حفظ الطعام، وهناك من يحذر من استخدامها، فالكثيرون يعتمدونها لحفظ الأطعمة لسهولة التخلص منها, دون النظر إلى المخاطر التي تسببها، وهل لها علاقة بالإصابة بالسرطان؟
د. غسان أبو شامة – كلية العلوم اختصاص كيمياء حيوية في جامعة دمشق، بيّن أن البلاستيك مادة ذات كتلة جزيئيّة كبيرة يطلق عليها «عديد قسيمات أو بوليمر» تتكون عن طريق تجمع عدد كبير من جزيئات أصغر حجماً تدعى «قسيمة أو مونومر» وتسمى عملية اتحاد الجزيئات بـ (البلمرة) (فعديد الستايرين) على سبيل المثال يتكون نتيجة لاتحاد جزيئات الستايرين، لكنه لا يتكون منها فحسب، بل تُضاف مواد أخرى إما لتحسين خواص البلاستيك، كزيادة مرونته، أو تسهيل تصنيعه، أو منحه بعض الخواص، كحمايته من التحلل بفعل الأشعة فوق البنفسجية.

الأواني البلاستيكية تتسبب في دمار وتلف أنسجة الجسم الداخلية

وفيما يتعلق بهجرة مواد التغليف البلاستيكية إلى الغذاء بيّن د. أبو شامة أنه عبارة عن انتقال المواد المكونة للبلاستيك إلى الغذاء، سواءً كانت تلك المواد بقايا مونيمر لم يتفاعل، أو مواد مضافة يمكن أن تنتشر بالهجرة، حيث يتحكم في هجرة المواد عدة عوامل أوردها د. أبو شامة وهي: درجة الحرارة، وزمن التماس بين الغذاء وجدار مادة التغليف، فعند ارتفاع درجة الحرارة يزداد معدل الهجرة، لذلك فقد وُجِد أن انتشار المواد يزداد بمعدل 6-7 أضعاف عند تعرض الغذاء لتغيُّر كبير في فرق درجات الحرارة، كتعرضه فجأة من حالة التجمد لحالة الطهو، (خروج الأطعمة المجمدة المغلفة بالبلاستيك، ووضعها في الميكروويف أو الفرن مباشرة) ويختلف سُمك المادة من نوع لآخر من البلاستيك.
وكمثال على أحد المخاطر الصحية أنه في علب حفظ الطعام البيضاء، المصنعة من عديد الستايرين، يمكن أن يتبقى جزء من الستايرين أو حتى من المبادر لا يدخل في تفاعل البلمرة، وعند تعرضه للحرارة، كتسخين الطعام في الميكروويف، يذوب الستايرين في الأوساط الدسمة المكونة للغذاء، ومن ثم يدخل جسم الإنسان ويتراكم في الأنسجة الدهنية كالدماغ والحبل الشوكي، وفي التركيزات العالية منه 350 نانو غرام، يحدث تسمم في الأعصاب ما يؤدي إلى الشعور بالإجهاد والأرق، لذا تم تصنيف تلك المادة كإحدى المواد المحتمل تسببها في السرطان عند الإنسان.
وبحسب د. أبو شامة فإنّ الدراسات والأبحاث العلمية الموجهة حول الأضرار التي تسببها المخلفات البلاستيكية تثير مخاوف وجدلاً كبيراً، وتتلخص الآثار الضارة المثبتة على البيئة والإنسان بالآثار الصحية، حيث يرى بعض العلماء أن لبعض أنواع اللدائن تأثيرات مسرطنة، وقد اكتشف فريق من العلماء أن النوع الصلب للبلاستيك من نوع عديد كلوريد الفينيل، التي استخدمت في الصناعات الغذائية يتلين قوامه عند درجة حرارة ١٠٠ مئوية، ويبدأ بالتحلل فيلوث السلع الغذائية المستعمل فيها، حيث إن استخدام المواد البلاستيكيه قليلة الثبات الحراري في تعبئة الأغذية الساخنة يؤدي إلى حدوث هجرة بعض المكونات، وخاصة من المواد المضافة المستخدمة في صناعتها، كالأصبغة أو المركبات المضادة للتأكسد إلى الأغذية ما يسبب ضرراً صحياً؛ ويؤدي تعرض الإنسان لأشكال مختلفة من مركب البولي الستايرين إلى إصابته ببعض أنواع الأورام الخبيثة، وهذا المركب له تأثيرات مسببة لحدوث طفرات في الخلايا.

هجرة بلاستيك التغليف إلى الغذاء تتضاعف عند تعرض الغذاء

لتغيُّر كبير في فرق درجات الحرارة، كتعرضه فجأة من حالة التجمد لحالة الطهو

فاستخدام البلاستيك من نوع الميلامين فورمالدهيد في صناعة أدوات منزلية، كأطباق الطعام يؤدي إلى حدوث تفاعلات بين بعض مكونات الأغذية الساخنة مع الميلامين، ويسبب أيضاً ضرراً صحياً، وهناك العديد من المواد الكيميائية المضافة للمواد البلاستيكية نفسها لإعطائها خصائص معينة، مثل البيس فينول A والفثالات تملك آثاراً سلبية على صحة الإنسان وبشكل رئيسي على نظام الغدد الصماء.
كما دلت التجارب المخبرية على أن مادة اليوريا فورمالدهايد تتحلل عندما تتعرض لأشعة الشمس أو الحرارة، وهذا التحلل يحدث على الأغلب من جراء ملامسة الأطعمة والأشربة الساخنة لتلك المواد، وهذا التلوث الكيميائي الخطير ينتج عنه تسمم للأطعمة، والتسبب في حدوث مشاكل صحية معقدة أهمها زيادة فرصة الإصابة بالعقم، ومرض السرطان، وخلل التوازن الهرموني في الجسم، واضطرابات في الجهاز العصبي وخلل في القدرات العقلية وضعف المناعة.

كما تفيد الدراسات التي أجريت حديثاً أن البلاستيك يتسبب في دمار وتلف أنسجة الجسم الداخلية وتعطيل وظائفها. وقد جاء في نموذج تصنيف المخاطر العالمي لتصنيف المواد الكيميائية أن أكثر من 50 % من البلاستيك يعد من المواد الخطرة. ووفقاً للفحوصات المخبرية تبين أن مونومرات البولي فينيل كلوريد، ومواد أخرى كالبولي ستايرين قد تكون سبباً في حدوث السرطان، حيث إن هذه المواد الكيميائية تعمل على تثبيط العديد من الوظائف الفسيولوجية الرئيسة للكائنات الحية، ما يتسبب في حدوث بعض الأمراض مثل نقص المناعة.

عديد الإيثيلين عالي الكثافة
وبيّنت العديد من الدراسات العلمية أن عديد كلوريد الفينيل قد استخدم لفترة زمنية طويلة في حفظ الأغذية، حتى اكتُشِفَ تلوّث الغذاء به، إذ أن المونيمر المكوّن له، كلوريد الفينيل، صُنِّف ضمن المواد المسببة للسرطان، فتوقف استخدامه في مجال الأغذية وصار يُستخدم في مجالات أخرى كصناعة أنابيب السباكة، ألعاب الأطفال، واستخدامات أخرى في عزل الأسلاك والكابلات لكونه لا ينقل التيار.

أبو شامة: الدراسات والأبحاث العلمية الموجهة

حول الأضرار التي تسببها المخلفات البلاستيكية تثير مخاوف وجدلاً كبيراً

وكذلك عديد الإيثيلين منخفض الكثافة المصنع من الأوليفينات، والذي يستعمل في صناعة أكياس حفظ الطعام واللحوم الشفافة وأكياس التسوق، ويجب عدم تعريضه للحرارة العالية، حيث يُطلق مواد كيميائية تسبب اضطراباً في الغدد الصمّاء، فتجنب وضع الطعام الساخن كالخبز في الأكياس.

وكذلك عديد البروبلين
وهو أيضاً من الأوليفينات، ويستخدم في صناعة بعض علب العصائر وأغطية العلب وعلب حفظ الأطعمة ويعدّ آمناً، لكن يجب ألا يتعرّض للحرارة العالية.
وبالختام يجب الحذر عند التعامل مع المواد البلاستيكية، خاصة في مجال حفظ الأغذية وتجنب تعرضها لدرجات الحرارة المرتفعة، والعوامل التي تؤدي لتحللها وهجرة بعض مكوناتها إلى الغذاء، ووصولها إلى جسم الإنسان، الأمر الذي يمكن أن يمثل خطراً كامناً نتيجة تراكمها مع الزمن، ضمن خلايا الجسم، مؤدية لحدوث العديد من الأمراض العصبية، أو تأثيرها السلبي على نظام الغدد الصماء، إضافة إلى تحفيزها لحدوث الطفرات الخلوية والإصابة بالسرطان.

بدورها أخصائية التغذية د. نور الصبان قالت خلال حديثها لتشرين: ليست كل انواع البلاستيك تحتوي على مواد مسرطنة؛ هناك أنواع من المممكن أن تحتوي على مواد تشكل خطر على الصحة متل المواد التي يوضع لها مواد مضافة لتحسين الخواص الفيزيائية للبلاستيك وتحسين مظهره ؛ وهناك مادة تسمى (بيسفينول) تستخدم للعبوات البلاستكية والأغلفة وهي نادرة لها بعض الاضرار الصحية ، وتشتبه بأنها تسبب أضراراً صحية. ومع ذلك تعتبر آمنة للإستخدام المنزلي .
ومن الأفضل استخدام العبوات البلاستيكية التي تحقق كل الشروط الصحية وضمن شروط تخزين صحيحة واستخدام آمن.

اقرأ أيضاً:

ملف «نشرين».. اختصاصية أغذية تحذر من المواد الحافظة.. تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان وفرط الحركة عند الأطفال

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار