ملف «تشرين».. الاشتراطات الآمنة تُعيد ترتيب حسابات حفظ الأطعمة والغذاء.. مساعٍ للحيلولة دون انتشار مرض فتّاك بتوقيع مختصين
تشرين – بارعة جمعة:
“احذر تجميد الخبز.. قد يسبب السرطان”، تحذيراتٌ من سُمٍّ قاتل سببه تغيّر يطرأ على التركيبة، إثر بقايا شديدة الخطورة تتركها الأكياس البلاستيكية المجمدة، حقيقة باتت معروفة للجميع، إلا أن هناك موقفاً آخر تؤكده الدراسات يقول بأن الأطعمة بغرض الحفاظ على جودتها وتمديد فترة صلاحيتها هو أمر طبيعي، وبأن لا أدلّة علمية تؤكد علاقتها بمرض السرطان على الإطلاق.. ليبقى السؤال.. ماهي المحاذير الأكثر خطورة والتي من الواجب على الفرد تجنبها للوقاية من الإصابة بالمرض من جراء اتباع هذه الممارسات الخاطئة؟! وهل ما نقوم به من أفكار وقائيّة تكفي لتفادي الوقوع بالخطر؟!
خطر مُحدق
تأثيرات سلبية تحيط بالفرد وتؤثر في صحته مباشرة، بدءاً من نمط غذائه وانتهاءً بطرق حفظه واستخدامه لفترة أطول، جعلت من البحث عن طرق للتخلص من النفايات البلاستيكية ضرورةً ملحة برأي المختصين، ممن عايشوا حالات عدة تعرضت للإصابة بمرض السرطان إثر الاستخدام والتخلص الخاطئ من هذه النفايات، التي بحسب تقديرات تقرير توقعات البيئة العالمية السادس، الذي صدر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2019، تبلغ كمية النفايات البلاستيكية التي تصل إلى المحيطات سنوياً بنحو 8 ملايين طن، ما شكل تهديداً حقيقياً للعالم وفق رؤية الدكتورة دينا عبد المجيد دكتورة القانون الدولي في كلية الحقوق ضمن بحثها المتضمن طرق الحماية التشريعية للبيئة من النفايات البلاستيكية، الذي أكدت من خلاله على تأثير جائحة كورونا في ازدياد معدل النفايات، الذي بدوره شكل تهديداً للأوساط المائية والأنواع الحية بارتفاع غير مسبوق في التلوث البلاستيكي، وتضيف الدكتورة عبد المجيد ضمن بحثها قائلةً: “أوضحت دراسة من جامعة ليدز البريطانية بأن الكمية الإجمالية من البلاستيك التي ستلوث بيئة الأرض والمحيطات في السنوات العشرين المقبلة هي بنحو 1,3 مليار طن”.
تجميد أو حفظ الأطعمة ساخنة في أكياس النايلون والعبوات البلاستيكية سمٌّ قاتل ويسبب السرطانات
جذور النباتات تمتص الجسيمات الناتجة عن النفايات البلاستيكية أيضاً، ومن الممكن أن تنتهي في كثير من الحبوب والخضراوات التي نأكلها بانتظام، ما يشير وفق تصريح الدكتورة دينا عبد المجيد لـ”تشرين” إلى عدم وجود طعام خالٍ من التلوث البلاستيكي، ليبقى الاهتمام وزيادة التشريعات على المستوى الوطني والدولي، خاصة في حالة إساءة التخلص من النفايات البلاستيكية إحدى الطرق التي لو استخدمت لأصبح العالم بعيداً عن أخطار هذه الملوثات.
إعادة تدوير
يحتاج البلاستيك فترة طويلة لكي يتحلل، قد تصل إلى 400 عام أو أكثر بسبب الروابط الكيميائية التي تتكون منها اللدائن، وهي الأشياء التي يتم تصنيع البلاستيك منها، تكون قوية ويتراوح معدل التحليل لها ما بين 500 لـ 600 عام، هنا لابدّ من الانتباه وفق الدكتورة عبد المجيد من استخدام نواتج إعادة تدوير النفايات البلاستيكية، واصفةً الأمر بالخطير، إذا ما تم استخدامه في غير المجال المخصص له، وتبرز هنا ضرورة النظر أيضاً– والحديث هنا للدكتورة دينا عبد المجيد- وفي ظل السعي الدولي للاهتمام بالصحة الإنسانية وتوسيع نطاق المؤسسات الصناعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة، تفاقم نسبة النفايات البلاستيكية بشكل كبير، الذي يتطلب ميزانية كافية للتخلص منها مقارنةً مع التكاليف المخصصة لإنتاجها.
د.عبدالمجيد: كمية النفايات البلاستيكية التي تصل إلى المحيطات
سنوياً نحو 8 ملايين طن مايشكل تهديداً حقيقياً للعالم كله
لمادة البلاستيك تأثيرات سلبية على التنوع البيولوجي بشكل مباشر أو غير مباشر، فعندما تدخل المواد البلاستيكية إلى السلسلة الغذائية عن طريق الجسيمات الدقيقة، فهي تؤثر بشكل كبير في صحة الإنسان وفق دراسة وتوصيف الباحثة في مجال التصميم الجرافيكي للحد من الأثر السلبي لمنتج البلاستيك الدكتورة تهاني العُمري، وهنا تكمن الأهمية الكبرى في الحفاظ على سلامة البيئة التي تسهم في الحفاظ على سلامة المجتمع ككل.
عالمياً يتم شراء مليون عبوة مياه شرب بلاستيكية كل دقيقة، ويتم استخدام ما يصل لـ 5 تريليونات كيس من أكياس البلاستيك غير القابلة للاستعمال مرة أخرى في جميع أنحاء العالم كل عام وفق تأكيدات الدكتورة العمري، وعليه فإن 50 % من البلاستيك الذي نستخدمه هو بلاستيك يُستخدم لمرة واحدة، وعلى الرغم من تزايد الدراسات والأبحاث التي تحدد التأثيرات البيئية والاقتصادية للتلوث البلاستيكي، إلّا أن القليل منها بحثت في الأدوات والأساليب التي يمكن استخدامها للحد من التلوث البلاستيكي، الذي لابدّ أنه المُسبب الأول للكثير من الأمراض بما فيها السرطان.
تأثيرات صحية
لبعض اللدائن تأثيرات مسرطنة، كما أن النوع الصلب للبلاستيك من نوع عديد كلور الفينيل التي استخدمت في الصناعات الغذائية ويلين قوامه عند درجة 100 يبدأ بالتحلل فيلوث السلع الغذائية المُستعمل فيها، تأكيداتٌ أظهرها الباحث أحمد سلامة في رسالته العلمية “النفايات البلاستيكية وآثارها على البيئة والانسان”، تم نشرها في مجلة علوم البحار والتقنيات البيئية، أثبتت إصابة فئران التجارب بسرطان الكبد، نتيجة تعرضها لأبخرة مركب كلور الفينيل، ما أكد خطورة استخدام وتعبئة الأغذية الساخنة بعبوات بلاستيكية خوفاً من حدوث هجرة لبعض مكوناتها من المواد المُضافة المستخدمة في صناعتها كالأصباغ أو المركبات المانعة للأكسدة الى الأغذية، ما يسبب ضرراً صحياً قد يصل حدّ الإصابة بالأورام الخبيثة.
د. العُمري: لمادة البلاستيك تأثيرات سلبية على التنوع البيولوجي بشكل مباشر أو غير مباشر
تقنياً التدوير وإنتاج الطاقة من أفضل طرق التخلص من النفايات البلاستيكية برأي سلامة، شرط ألّا تكون تلك الملوثات استُعملت من لتعبئة السموم والكيماويات الخطرة أو المعادن الثقيلة، كما يُنصح بعدم استعمال نواتج عملية إعادة التصنيع في تعبئة المواد الغذائية والمشروبات، في حين تعد عملية تجميعها في مخازن خاصة بعد عملية التقليص من حجمها وإعادة تصنيعها من أنجح الطرق في التخلص منها.
مكونات خطرة
اكتشاف حديث سهّل حياة البشر، هذا ما وصف به رئيس مجلس إدارة الباحثين في علم التغذية والعلاج الطبيعي الدكتور هيثم زوباري إقبال الناس على استخدام البلاستيك والنايلون، نظراً لسهولة استعماله وخفة وزنه، من دون الاكتراث للأضرار الصحية الناجمة عنه، والتي مردها برأيه لدخول مواد عدة في تصنيعه أساسها النفط والغاز الطبيعي كمادة أولية في صناعة اللدائن، عدا عن دخول مادة البولي إيثيلين التي تُعرف بأنها سلسلة طويلة من ذرات الكربون والهيدروجين.
الباحث سلامة: لبعض اللدائن تأثيرات مسرطنة
أثبتتها إصابة فئران التجارب بسرطان الكبد إثر تعرضها لأبخرة كلور الفينيل
عبءٌ كبير على البيئة لكونها غير قابلة للتحلل، لذا فمن الواجب حرقها، وبالتالي تصاعد مركبات كيميائية تشكل سحابة سوداء تؤدي لتلوث الهواء، وبالتالي التأثير على الجهاز التنفسي سلباً، مراحل قدمها الدكتور زوباري تؤكد الخطر الكبير في تكوين وتدوير النفايات البلاستيكية، في وقت لا تزال مثار جدل أيضاً باستخدامها لحفظ الأطعمة بما فيها الساخنة منها، التي تعكس ضرراً بالغاً على جسم الإنسان مثل اضطرابات الغدد الصماء، كما ترتفع نسبة التشوهات الخلقية لوجود مواد كيميائية تتفاعل مع الغذاء المحفوظ أو المنقول بوساطتها، بما يسهم في رفع خطر الإصابة بالسرطانات وإضعاف الجهاز المناعي.
محاذيرٌ كثيرة أطلقها ويطلقها الخبراء والمختصون، فتحت باب التساؤل عن بدائل فورية تخفف عبء الدخول في متاهات الإصابة بالأمراض، يؤكدها الدكتور هيثم زوباري من خلال دعوته الجميع لاستبدال الأكياس والعبوات البلاستيكية بأكياس ورقة قماشية واختيار العلب المصنوعة من الزجاج أو المعادن المعالجة لتخزين المواد الغذائية بدلاً من البلاستيكية.
اقرأ أيضاً: