منظومة البحث العلمي السوري تدخل على خط “صناعة الأمان” ضد الكوارث.. عصف ذهني في مؤتمر الباحثين حول تدعيم المنشآت والأبنية لحمايتها من الزلازل..
تشرين – أيمن فلحوط – دينا عبد:
بحثان مهمان لفتا الأنظار ضمن محور البناء والتشييد في الجلسة التي أدارها كل من رئيس فرع نقابة المهندسين في دمشق الدكتور حسين تينة، والدكتور محمد السمارة من كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق، وهو من المحاور الجديدة على مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين 2023، والذي تقام جلساته في مكتبة الأسد الوطنية، وتحت عنوان ” نحو اقتصاد وطني قائم على المعرفة”، ويأتي البحثان ضمن الاستجابة لمعالجة واقع الزلزال الذي أصاب عدد من المحافظات في شباط الماضي، وتختتم جلساته مساء اليوم الأربعاء.
سلوك الأوابد التاريخية
قدمت الباحثة الدكتورة غادة العسراوي دراسة عن سلوك الأوابد التاريخية تحت تأثير الأحمال الزلزالية، كما عرض الدكتور محمد شعبان للدراسة التي قدمها طالب الدكتوراه حسان علي حول عوامل تشكل مخلفات التشييد في سورية ودور تقنيات BIM في تحقيق معايير إعادة الإعمار.
وتطرق الدكتور محمود إسماعيل إلى ظاهرة الالتئام الذاتي للتشققات ضمن عينات من «المونة» الأسمنتية، وأشارت المهندسة رلى طه إلى دراسة تجريبية حول تأثير التدعيم بالفيروسمت فيث السلوك الفتلي للجوائز البيتونية المسلحة، وبينت المهندسة رغد سفور أهمية قياس نضج نمذجة معلومات البناء في مؤسسات التعليم العالي في سورية واقتراح إطار عمل لتطوير أدائها.
ومن بلاد الاغتراب من بلغاريا تحدث الدكتور عماد عبد الأحد عن السلوك الزلزالي قبل وبعد تقوية جدران القرميد المحاطة بإطار خرسانة بالبوليميرات المقواة بالألياف الزجاجية – تحليل منحنيات التباطؤ، التي تم الحصول عليها عن طريق اختبارات طاولة الاهتزاز.
إعادة إحياء «المونة» الكلسية
ركزت الدكتورة غادة العسراوي المدرسة في جامعة القلمون على المنشآت القديمة والأوابد التاريخية والحجرية، التي يتم ترميمها أو تطعيمها ويستخدم فيها الأسمنت، الذي عادة يترك آثاراً سلبية على الحجر ويتشقق، فنكون بمشكلة «المونة» ثم نصبح بمشكلة الحجر.
د. العسراوي: إدخال مواد حديثة مثل ألياف زجاجية أدى إلى مقاومة جيدة
وأشارت في حديثها لـ«تشرين» إلى الهدف الأساسي من البحث، المتمثل في إعادة إحياء «المونة» الكلسية الأساسية؛ فتم إجراء تجارب على «المونة»، وما تركيبتها والمواد الداخلة في تصنيعها كي نحصل على نسب التوثيق، فاعتمدت في البحث على عمل تجارب، وتحديد القيم وتوثيق نسب كيف تتم الخلطات، وما النتائج التي نحصل عليها وعندما نضيف مواد نعدلها (بالآجر) أو( البوزلان).
وعندما ندخل مواد حديثة، مثل ألياف زجاجية ونختبر هذه «المونة»، سواء على الشد أم على الضغط أو المسامير ونختبر وضعها لدى مقاومتها، نكون قد حصلنا على مقاومة جيدة، لأن الحجر المستخدم مع الضغط لم يتعرض للشد، لأنه عندما تعرض لأحمال زلزالية صارت لدينا إجهادات شادة أدت إلى حدوث تشقق.
مادة «المونة» ساعدتنا على إزالة آثار الشد، عندما أجرينا دراسة تحليلية للزلزال؛ كان الهدف أن نعرف كيف يتم التدعيم، ووجدنا أن عمليات التدعيم التي تتم للأبنية القديمة لا تعتمد على دراسة إنشائية تركز على نقاط الضعف بالانهيار بنقاط التدعيم الموجودة للزلازل.
كما أجرينا إعادة تدعيم وتحسين «المونة» لنعرف إذا كان له تأثير إيجابي وفعلاً كان له تأثير إيجابي؛ وطبعاً تأثير «المونة» وحده لا يكفي لنقول: إن المنشأة المدعمة للزلازل يجب أن نتبع طرقاً أخرى، كزيادة الروابط المعدنية وربط الأحجار بالمعدن؛ كلها طرق تمنحنا منشأة مقاومة للزلازل.
عمل الخلطات
وبينت الدكتورة العسراوي أنه تم توثيق نسب عينات حول كيفية عمل الخلطات، وهذا الشيء لم يكن معروفاً، وكنا نعتمد على الباحثين الذين يأتون من فرنسا وإيطاليا، لأننا لم نكن نعمل في هذا الاتجاه، أما الآن فقد وفرنا الخلطة المناسبة والأفضل، التي يمكن استخدامها في الحقن، ونكمل بطرق التدعيم الأخرى، لتلافي الأخطاء التي كانت تحصل قديماً.
وقمت بمراجعة قلعة دمشق ومديرية الآثار والمتاحف، وقد أبدوا تعاوناً واضحاً في هذا المجال، ومن المفيد تعميم ما توصلنا إليه من نتائج، كي لا تبقى هذه الأبحاث حبيسة الأدراج.
د. شعبان: يحدد عوامل تشكل المخلفات وكيفية التقليل منها أثناء تصميم المشروع ووضع الدراسات والتنفيذ
وأستطيع أن أوضح أن المدرسة النورية استفادت من بحثي في ميدان حقن أحد الجدران، عند ترميمها في بداية الحرب على سورية، مستفيدين من «المونة» التي تحدثت عنها ومن التجارب التي أجريتها.
المخلفات
وتحدث الدكتور محمد شعبان أستاذ الهندسة المدنية لـ«تشرين» عن أهمية البحث الذي قام بعرضه، خاصة لجهة المخلفات البنائية الموجودة دائماً، سواء نتيجة الحوادث أم الكوارث.
وفي الحالة الطبيعية هناك مخلفات للبناء موجودة دائماً، لكن نتيجة الكوارث تزداد، وتالياً عند إعادة البناء ستظهر مخلفات أخرى، نتيجة نشاط عملية التشييد نفسها، وهنا تكمن أهمية البحث بأنه يحدد عوامل تشكلها، وكيفية التقليل منها أثناء تصميم المشروع ووضع الدراسات، وأثناء التنفيذ أيضاً، باستخدام تقنيات التصميم والتقنيات الحديثة لتصميم إدارة المشروعات، أي في إطار وضع منهجية لإدارة مخلفات التشييد في سورية، وضمن جانب تنظيمي وقانوني، بحيث نقلل من تلك المخلفات، التي لها آثار سلبية واضحة جداً على البيئة، لكونها تشغل مساحات كبيرة من الأراضي، وتؤدي إلى تشويه بصري، ومصيرها المكبات حول المدن، والتي تقدر كمياتها للأبنية المتهدمة في الحدود الدنيا بنحو مليوني طن وفي الحدود العليا بخمسة ملايين طن.
تكنولوجيا إعادة التدوير
في حين تحدث لـ«تشرين» المهندس حسان علي ماجستير في هندسة وإدارة التشييد في جامعة تشرين وطالب دكتوراه في قسم الإدارة الهندسية في جامعة البعث عن أسباب اختياره العنوان بأنه جاء انطلاقاً من مشروع دراسة الماجستير التي عمل عليها حول تكنولوجيا إعادة التدوير، مضيفاً أنه لاحظ أن المخلفات تلك تظهر في مرحلة البناء، وهناك مخلفات الهدم الناتجة عن انتهاء العمر الافتراضي للمنشأة، أو التي حدثت نتيجة الحرب على سورية، فركزت في مرحلة دراسة الدكتوراه على موضوع مخلفات التشييد، ومن خلال الدراسة المبدئية، التي قمت فيها وجدت أنه في بلدنا لا توجد تشريعات لموضوع إدارة مخلفات التشييد، فالبحث يعمل على محورين؛ محور تقني: وهو عبارة عن إمكانية التنبؤ بمخلفات التشييد، ضمن بيئة BIM وإظهارها في مراحل المشروع، كما تم خلال العرض الإشارة لعوامل تشكل المخلفات في سورية، وقد حاولنا عبر استبيان إظهار رأي العاملين في مجال التشييد، فوجدنا أن أكثر العوامل تعود لأخطاء في التصميم، إضافة لعوامل أخرى، كعدم وجود خطط لإدارة المخلفات وإدارة الموارد.
علي: الدراسة تؤدي إلى خفض كبير في تكاليف المشروعات والزمن وضبط النفقات بشكل كبير
وأضاف علي: سنعمل في مرحلة التصميم على تلك العوامل التي وجدناها لنكون أكثر تأثيراً في خفض المخلفات، وقد وجدنا أن تقنيات BIM هي أفضل أداة لخفض مخلفات التشييد، وسنعمل على تطوير هذه الأداة بما يلائم الواقع الحالي، فنجمع البيانات البرامجية ما يعطي مرونة في العمل وإمكانية إدارة الموقع، وتالياً سنتمكن من خلال مرحلة التصميم من معرفة كمية المخلفات.. وأين ستظهر في الوقت والكم? وتمثيلها بشكل زمني.. ووضع تشريعات لإدارة مخلفات التشريع في مرحلة الإعمار، فهناك ورشات كبيرة ستنطلق لمدن سيعاد إعمارها، وهذه المخلفات قيمة يمكن الاستفادة منها، وبعضها يمكن إعادة استخدامه وتدويره، وهناك مخلفات ينبغي التخلص منها، أي إن الدراسة ستتيح لنا إمكانية التحكم بشكل كامل، ونحن في الأعمال المكتبية، أي نأتي بالمستقبل إلينا في لحظة التصميم، ما يؤدي إلى خفض كبير في تكاليف المشروعات وفي الزمن، وضبط النفقات بشكل كبير، ستظهر الدراسة لاحقاً المؤشرات المادية ومؤشرات الزمن، والبحث فيه محور مهم لمحاور الاستدامة، لجهة خفض استخدام المواد وكذلك استخدام الطاقة، والحفاظ على البيئة وما له من آثار إيجابية، إضافة إلى توطين التقنيات الحديثة في مشروعات إعادة البناء، كما سيساهم البحث في تطوير الشركات، فموضوع إدارة المخلفات يعد علامة مميزة للشركات في دول الخليج وفي فرنسا التي اعتمدت ذلك رسمياً، فأن تكون شركة، ولديك خطط للتعامل مع المخلفات، يعني أنك ستحافظ على أموال الجهة المالكة، وهذا يعطيك عامل الثقل كشركة، وأمل أن نكون بذلك قد قدمنا خدمة لوطننا في مرحلة إعادة الإعمار.
حالة من الفوضى
مدير مركز الطاقات المتجددة في جامعة البعث د. سامر ربيع بيّن خلال محاضرته ضمان جودة الألواح الكهروضوئية أو منظومات الكهروضوئية بشكل أساسي نتيجة دخول الطاقات المتجددة بشكل عشوائي إلى السوق السورية ما أدى إلى حالة من الفوضى، سواء في التركيب أم الاستثمار والتخطيط للنقاط الأساسية.
وتحدث د. ربيع في المحاضرة عن تأطير جودة واعتمادية القوانين أو الأطر العاملة لتطبيق الكودات العالمية، بما يتناسب مع الواقع السوري عندنا في منظومات الطاقات المتجددة، لاسيما المنظومات الكهروضوئية التي تبدأ من عملية تثبيت البراغي، سواء كانت بلاستيكية أم معدنية أو حتى بالأسافين، أو أي جزء مكون من مكونات المنظومة سيؤثر في المنظومة أو المستهلك وبالنهاية على قطاع الحكومة.
ربيع: دخول الطاقات المتجددة بشكل عشوائي للسوق أدى إلى حالة من الفوضى في التركيب والاستثمار والتخطيط
فعملية ضمان الجودة، حسب الباحث د. ربيع، تبدأ من التخطيط، للتقييم، إلى العمليات، فالاستثمار الأمثل كما نؤكد أن كل مكون من مكونات المنظومة يجب أن يحقق المواصفات المعيارية والاعتماد على التعليمات الاسترشادية للشركات المصنعة بشكل أساسي، وتحفيز قطاعات الدولة على تطبيق المعايير، وأن تأخذ نقابة المهندسين دورها بشكل أساسي وحقيقي وفاعل.
كما أشارت د. مروة بكور من جامعة حلب، خلال محاضرتها إلى تغطية قضبان zno النانوية بمادة بوليميريةpvdf لتشكل مولداً نانوياً بخرج محسن وخصائص “كهروانضغاطية” محسنة.