الصدق وبناء المجتمع السليم

تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
لا شكّ بأن الصدق من الدعامات الأساسية، التي يرتكز عليها المجتمع في تشييد حضارته وسيره في مقدمة قافلة التقدم والازدهار، ويكفي في فضيلة الصدق أن الصديق مشتق منه، لأن الكذب صفة ذميمة قبيحة تهدم البيوت وتسبب الخراب للأسر والفساد والعار للمجتمع، وكم من بلية وقعت ومصيبة عمّت بترك الصدق، وكم من خيانة حصلت وجريمة ارتُكبت بسبب الكذب.
فإذا صدق الأب في تربية أولاده وتعليمهم العلم النافع الضروري والعلوم الكونية، التي تكون رائدة وسبباً لسعادة الناس وراحتهم ونفعهم، كانت ثمرة صدقه يانعة ناضجة، وشجرته التي سقاها بماء الصدق والإخلاص وارفة الظلال متينة الجذور، تؤتي أكلها فيما يرضيه ويرضي العقلاء، وإذا صدقت الزوجة مع زوجها وكانت مطيعة في كل ما ليس فيه معصية، واعتنت بمنزلها وتربية أولادها، وحفظت نفسها من المهلكات وحافظت على مال زوجها، ويسّرت له كل ما يسعده ويرضيه فيما ليس فيه معصية لله عزّ وجل، فهذه المرأة لا شكّ تنبت نباتاً حسناً، وتسهم في بناء المجتمع السليم الواعي، الذي يعيش حياة مستقرة آمنة مطمئنة، بعيدة عن الخراب والفساد وضياع الأخلاق وتدمير الأسر.
وإذا صدق التاجر في تجارته، فلم يخن ولم يغش ولم ينقص في الكيل والوزن ولم يبع محرماً، وقام بإجراء العقود على الوجه الشرعي الذي يرضي الله؛ كان من الذين يساهمون في إفشاء السلام والثقة والمحبة بين أفراد المجتمع.
فالصدق إذاً مطلوب في جميع أعمال العباد ومعاملاتهم، ولاسيما عند المعلم الذي يعلّم في المدارس أو في المجالس، فصدقه مع التلاميذ ومع الناس أن يعلّم العلم الصحيح النافع، ولا يضع لهم السم الناقع في تشويه عقولهم، وقد صدق الشاعر الذي قال:
يا رجال العلم يا ملح البلد
من يُصلح الملح إذا الملح فسد

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار