بحضور باحثين أجانب.. مؤتمر “آخر نتائج الأبحاث وتداعيات الزلزال على المواقع الأثرية السورية” ينطلق في دمشق
تشرين- سناء هاشم
بهدف عرض نتائج الأبحاث الأثرية وتداعيات الزلزال على المواقع الأثرية السورية، انطلقت اليوم في دمشق أعمال المؤتمر الدولي “آخر نتائج الأبحاث الأثرية السورية وتداعيات الزلزال” بحضور عدد كبير من الباحثين الأجانب الذين عملوا في حقول التنقيب السورية.
وأكدت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح في افتتاح المؤتمر، الذي استضافته القاعة الشامية بالمتحف الوطني، أن هذه المؤتمرات التي تنظّمها المديرية العامة للآثار والمتاحف تُتيح للبعثات الأثرية العاملة في سورية عرض أعمالها وما توصلت إليه وتبادل الرأي في أمور تعود بالفائدة العلمية والخبرة العملية على المشاركين.
وقالت الوزيرة مشوّح: “كما وتضيف جديداً إلى معارفنا عن الإنسان السوري الذي سكن على هذه الأرض وجعلها مصدر إشعاع حضاري عُمراني وفنّي.. بنى المدن واخترع الأبجدية وأنبت الزرع وابتكر أساليب الري والتصريف ورفع الحصون والقلاع والمعابد وكان جسر تعارف وسلام بين الشعوب”.
كما أشارت مشوح إلى أنها ليست المرة الأولى التي تنظم فيها مثل هذه المؤتمرات لكنها المرة الأولى منذ بداية الحرب الإرهابية الشرسة على وطننا إذ يشارك في المؤتمر عدد مهم من الشخصيات العلمية والبعثات الأثرية الأجنبية التي تعمل في سورية وأغلبهم لم يغادرها في أصعب الظروف التي مرّت عليها.
وأردفت قائلة: ما تزال العقبات قائمة والضغوط ما تزال تُمارس وبمختلف الأشكال، لكن تواجدكم، أفراداً.. علماء وباحثين ومؤسسات علمية، الذي يتزامن وبداية مرحلة التعافي هو دليل رغبتكم بمد يد العون لسورية التي عانت من حرب فرضت عليها، ووجودكم اليوم أكبر دليل على أن سورية ليست وحيدة في سعيها لحماية تراثها”.
وتمنّت مشوّح أن يخرج المؤتمر بتوصيات ونتائج تفيد في إيجاد حلول لما استعصى من مشكلات في ترميم المواقع التي تضرّرت بالزلزال، إضافة إلى تقديم إضافات حقيقية للكشف عمّا خفي من عظمة التراث الثقافي السوري عبر جُهودكم ونتائج أعمال بعثاتكم.
وزير السياحة محمد رامي مرتيني بين في تصريح للصحفيين: “إن وزارتي السياحة والثقافة فريق واحد يعملان على العديد من المشاريع المشتركة أهمها المسارات السياحية في مواقع التراث والأوابد الأثرية والقلاع والأسواق منذ ما يقارب ثلاث سنوات وأنجز منه الكثير”.
وأضاف مرتيني: “السياحة الثقافية هي العنوان الرئيسي لقطاع السياحة السورية لما يمتلكه البلد من كنوز حضارية وثقافية وتراثية، إضافة إلى الأماكن الدينية المقدسة وهي ملك البشرية جمعاء، حيث تمت حمايتها والحفاظ عليها من التخريب والدمار والإرهاب، وأكبر دليل على ذلك ما يحدث اليوم من أعمال ضخمة لترميم أسواق حلب القديمة وقلعتها وحمص القديمة وكل الأماكن التاريخية التي دنسها الإرهاب”.
وبين مرتيني أنه بعد كارثة الزلزال التي تعرضت لها سورية مؤخراً أصبحت الحاجة ضرورية لتدخل المنظمات الإنسانية والدولية التي تعنى بالثقافة والتراث لمد يد العون وكسر العقوبات الجائرة التي تؤثر على جميع مناحي الحياة في سورية ومنها الثقافة والآثار عكس ما يحاول الغرب الترويج له، مشيداً بالخبرات والأيادي السورية الوطنية التي كان لها دور كبير في حماية هذه الأوابد التاريخية.
مدير عام الآثار والمتاحف محمد نظير عوض اعتبر أن هذا اللقاء العلمي استثنائي جمع الكثير من الخبراء الرواد الذين شاركوا في تأسيس علم الآثار وكانوا من أوائل المنقبين في مواقع مفصلية ومفتاحية في سورية، على رأسهم البروفيسور باولو ماتييه.
وأثنى ماتييه على العمل في حقول التنقيب الأثرية السورية وقال في تصريح خاص لـ”تشرين”: بعد 50 عاماً من العمل في سورية (منذ عام ١٩٦٤ حتى ٢٠١٠) ومن خلال التنقيبات الأثرية في موقع إيبلا أعبّر عن حبي من كل قلبي للسلطات المعنية بحماية التراث الثقافي السوري.. لهم كل دعمي، صحيح أن التراث الثقافي هو هويّة ثقافية لسورية لكنّه تراث للعالم أجمع وفي هذه المنطقة من الشرق الأوسط ولدت القرى الأولى والمدن الأولى.. لهذا سورية مهمّة جداً ليس فقط في إقليمها بل في العالم أجمع.
رافق المؤتمر افتتاح معرض صور ضوئية على سور حديقة المتحف الوطني بعنوان “نماذج لمشاريع ترميم التراث الأثري السوري” ويعرض الإجراءات الحكومية المتمثلة بمشاريع ترميم مهمة للمواقع الأثرية التي تعرضت للتخريب والدمار خلال فترة الحرب على سورية في كل المحافظات.
وفي مبادرة من العاملين في مديرية الآثار والمتاحف تمت زراعة شجرة ليمون في حديقة المتحف، تقديرا لجهود عالم الآثار باولو ماتتيه مدير البعثة الأثرية في إيبلا منذ عام 1964.
وتضمن المؤتمر الذي يستمر ليومين عقد جلسات علمية آثارية شارك فيها مجموعة من الخبراء والرواد في علم تأسيس الآثار، وستناقش العديد من المواضيع المهمة التي تتعلق بالمواقع الأثرية السورية في مختلف المحافظات التي تعرضت للدمار والتخريب جراء الحرب والزلزال، وأهم النتائج التي توصلوا إليها خلال أعمالهم الاستكشافية والبحثية.
تصوير: طارق الحسنية