حركة بلا بركة!!
ما بين سوق الحميدية وما يحاذيها من أسواق متخصصة كسوق الحريقة ومدحت باشا والبزورية وغيرها.. ذكريات وأرتال من الناس وكأنها مدن تجارية قائمة بحد ذاتها، فيها السائح وفيها الزبون المحلي وفيها أيضاً المواطن الذي يبحث عن السلع الأرخص ليكفي احتياجات عائلته من كسوة وغذاء وكل ما تيسر!
جولة في تلك الأسواق سمعنا فيها أنين الشكوى من الناس والباعة، عن حركة شرائية تتقلص يومياً بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، وعن أسعار يقول عنها الفقراء إنها لم تعد تناسب دخلهم المعدوم، بعد أن كانت تلك الأسواق ملاذاً لكل محتاج، وكل ما يمكن أن نسمعه صدى المفاوضات بين البائع والزبون للحصول على أقل سعر يمكن دفعه!!
جولة استمرت ساعات، دخلنا فيها الكثير من المحال، ولكن السمة الغالبة والعنوان الأبرز كان غياب التسعيرة النظامية وغياب إعلانها بشكل واضح للسلع كافة، سواء ضمن المحلات أو حتى على البسطات الموجودة أمامها، وهذا ما شكل فرصة للباعة لفرض ما تيسر من سعر لبضاعتهم وفقاً للزبون وحالته، وأعطى مجالاً واسعاً للأخذ والرد، فهل يعقل أن تغيب مثلاً عن بطاقة بيان أي قطعة ملابس ما يفترض أن تحتويه من معلومات كالسعر والمنشأ والمواد الداخلة في تركيبة القطعة؟ ألا يحق للزبون الذي تحمّل عناء الوصول إلى تلك الأسواق التأكد من أنه غير مغبون بالسعر؟ ثم إن التفاوت السعري بين محل وثانٍ يخلق حالة من الفوضى وعدم الثقة وهذا ينطبق على محلات الجملة والمفرق على حدٍّ سواء؟! وبعد كل ذلك يشتكي التجار أن الأسواق مزدحمة ولكنها ” حركة بلا بركة “!!
كانت الأسواق الشعبية في الماضي ملجأ كل فقير، واليوم باتت لا تختلف عن الأسواق التي لا يجرؤ أصحاب الدخل المحدود على الاقتراب منها، مع غياب تام للرقابة على السعر والنوع، وبعيداً عن الدعم والوضع الاقتصادي الصعب، وما تسفر عنه الاجتماعات من ارتفاعات في أسعار المواد وهي عصب حياة الناس، لا بدّ من التفاتة ووقفة جدية والبحث عن سبل وطرق حقيقية بداية لدعم الأمل الذي بدأ يتلاشى عند المواطن، ولتقليص أعداد الفقراء التي تزداد يومياً!!