خبير اقتصادي يطرح خطة لزعزعة الثقة بادخار الدولار والتقليل من الاندفاع لاستبداله بالليرة
تشرين- يسرى ديب:
كانت المشكلة الأبرز عند أغلبية الناس، كيف يحافظون على مدخراتهم بقيمتها الحقيقية سواء لمن لديه فائض كبير أو قليل من المال.
وكانت المشكلة أكبر عند الأشخاص الذين لا تمكنهم مدخراتهم من شراء عقار أو قطع ذهبية تصلح للاكتناز، وكانوا يجدون في الدولار الخيار الأفضل لحماية أموالهم من غول التضخم.
خيار وحيد
يقول عابد العز “تاجر” لـ«تشرين»: إنّ الفائض من أمواله، الذي لن يشتري فيه بضاعة، يحار في أمره، إذ إن المبلغ لا يكفي لشراء عقار مثلاً، ولا يجد أن شراء الذهب في منطقته الساحلية خيار موفق، لعدم توفر الليرات الذهبية بشكل دائم، وللنسب العالية التي يخسرها عند شراء أي نوع من القطع الذهبية بسبب الأرباح الكبيرة التي يضعها الصاغة، لكل هذا لا يجد أمامه خيار سوى البحث عن الدولار وشرائه بفائض أمواله.
ولأن حال (العز) يشبه حال الكثير من الناس، يزداد الطلب على الدولار، ويظل سعره مرتفعاً.
بقصد الادخار
الخبير الاقتصادي جورج خزام أكد لـ«تشرين» أن شراء الدولار بقصد الادخار هو أحد أهم أسباب ارتفاع سعر الصرف، لأنه يؤدي إلى زيادة الطلب، وخروج الدولار من السوق الذي هو القوة المحركة لدوران العجلة الاقتصادية، إضافة إلى زيادة كتلة السيولة المتداولة في الأسواق بالليرة السورية مقابل كمية البضائع والدولار المعروضة للبيع، وهذا يتسبب بارتفاع سعري البضاعة والدولار معاً.
وبيّن خزام أن هنالك إجراءات كثيرة يمكن اتخاذها تنتهي بزعزعة الثقة بادخار الدولار والتقليل من استبداله بالليرة، وذلك من أجل تحقيق تراجع بالطلب على الدولار وتخفيض سعره .
زعزعة الثقة
وقال خزام: تم تخفيض سعر صرف الدولار ثلاث مرات بمقدار 1000 ليرة من خلال إحداث صدمة بفائض عرض للدولار في الأسواق، وكان آخرها ما حصل منذ أيام عندما انخفض سعر صرف الدولار من 9,300 ليرة إلى 8,300 ليرة خلال 3 أيام فقط.
فالمقصود بزعزعة الثقة بالدولار هو دحض فكرة أن الدولار وحده هو الملاذ الآمن للمدخرات، حتى لا تتناقص القوة الشرائية لتلك المدخرات، وهذا يتطلب تثبيت أو تخفيض سعر الصرف في السوق السوداء، فالقاعدة الأزلية لجميع أسواق العالم في تحديد السعر هي في العرض والطلب.
ربحية أكبر
ولفت خزام إلى أنه قبل عام 2010 كانت أغلب مدخرات السوريين موجودة بالليرة السورية ولم تكن هناك حاجة للادخار بالدولار، والسبب هو استقرار سعر الصرف مقابل الليرة السورية، وتشغيل المدخرات بالتجارة أو الإنتاج الصناعي والزراعي، الأمر الذي يحقق جدوى اقتصادية وربحية أكبر.
فائض عرض
وفي التفاصيل يطرح خزام فكرة إحداث صدمة متكررة وسريعة بفائض العرض، ووضع سعر لشراء الدولار أعلى من السعر في السوق الموازية، فإذا كان سعر الدولار بالسوق الموازية مثلاً 8,500 ليرة، فمن الأفضل أن يقوم البنك المركزي بوضع سعر للشراء فقط، من دون البيع وبسعر 8,700 ليرة عن طريق الصرافين المرخصين وجميع مكاتب الحوالات وجميع البنوك الخاصة والعامة، وهذا يؤدي إلى توجه ملايين الدولارات للمصرف المركزي.
ويفرض على السوق الموازية أن تقوم برفع السعر تلقائياً إلى سعر أعلى من 8,700 ليرة. وليكن 8,900 ليرة مبدئياً أو 9 آلاف ليرة، عندها يقوم المركزي بإعادة بيع ملايين الدولارات دفعة واحدة بسعر الشراء وهو 8,700 ليرة وبمعدل ألف دولار فقط للشخص الواحد، من دولارات الحوالات الخارجية والتصريف.
إيجاد صدمة
وأضاف خزام: يمكن للمركزي أن يعيد رفع سعر صرف الدولار إلى سعر أعلى من 9 آلاف ليرة بقليل كأن يكون 9,200 ليرة لجلب المزيد من الدولارات، ومن ثم إعادة بيعه دفعة واحدة بسعر التكلفة الوسطي لسعري الشراء 8,700 ليرة و 9,200 ليرة أو أقل.
وحسب خزام هذا التقلب السريع لسعر الصرف يسبب صدمة في السوق ويجعل الادخار بالدولار يحقق خسائر كبيرة للمضاربين، ويضعف الثقة به كعملة للادخار ويزيد الثقة بالليرة السورية، وبالمصرف المركزي لأنه يملك الأدوات الحقيقية للتدخل.
شروط النجاح
ولنجاح هذه الطريقة كما يقول خزام يشترط: عدم احتفاظ المصرف المركزي وادخار أي دولار يتم شراؤه بقصد إحداث الصدمة، وكذلك عدم السماح بوجود ازدحام على مكاتب الصرافة والبنوك والحوالات حتى يكون البيع و الشراء سريعاً، وهذا يتطلب أيضاً إلغاء تجريم التعامل بالدولار حسب رأيه.