لا يلين ولا ينكسر
خمسة وسبعون عاماً على اغتصاب فلسطين «النكبة»، وخمسة وسبعون عاماً على المقاومة والتصدي وصمود الشعب الفلسطيني الذي لا يلين ولا ينكسر، والذي مازال يفرض المعادلات، ويفتتح في كل جولة من جولات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي مرحلة جديدة من الردع بأدواته البسيطة ومقاومته المرعبة للعدو.
تزامن معركة البطولة «ثأر الأحرار» مع ذكرى «النكبة» المشؤومة إنما هي أقوى رسالة يجب أن يعيها الكيان ويحفظها عن ظهر قلب، بأن فلسطين باقية للفلسطينيين، والفلسطينيون باقون فيها بقاء الدهر، بينما الكيان زائل لا محالة طال الزمن أم قصر، فصواريخ المقاومة تقول كلمتها في الميدان كما في كل مرة، في حين قطعان المستوطنين يهربون فزعاً وهلعاً، ومنهم من يهرب لفقدان الأمل من «حكومة» ورقية تطيرها الريح عند كل منعطف وصاروخ مقاومة.
«ثأر الأحرار» هو ثأر لكل دم فلسطيني ولكل طفل ولكل أسير يخوض بأمعائه الخاوية معارك البطولة من دون انكسار، ولكل شهيد، وهو ثأر لـ 75 عاماً من التهجير والتشريد والقتل واحتلال الأرض وما رافقه من تغيّر ديموغرافي، وصفقات واتفاقيات هدفها تصفية القضية الفلسطينية وإلغاء حق العودة وتوطين الفلسطينيين خارج بلدهم الأم وإضاعة الحق ودفنه في غياهب النسيان.
المقاومة اليوم وعلى امتداد فلسطين تفرض شروطها، والمحتل يُذعن ويرضخ ويطلب التفاوض لأخذ النفس في كل جولة، صحيح أن الاحتلال يعود إلى سيرته الأولى كما في كل مرة، لكن في المقابل كما في كل مرة تكون صليات الصواريخ جاهزة لاستنفار العدو بكل مؤسساته الأمنية والعسكرية، وتكون كل الساحات الفلسطينية على قلب رجل واحد.
اليوم تغيرت المناخات السياسية في المنطقة بفعل عدة عوامل لعلّ أبرزها انهزام المشروع الصهيوني- الأمريكي، ذاك المشروع الذي أراد بث الفوضى وزرع الفتن وإشعال الحروب لإشغال كل دولة بمشكلاتها، وبالتالي الابتعاد عن فلسطين وقضيتها والدفاع عنها، وإشاعة مسارات التطبيع مع العدو المحتل، لكن تغيّر المناخ السياسي أعاد القضية الفلسطينية إلى وهج حضورها المتوهج أصلاً بفضل المقاومة التي لم تتوقف يوماً ولن تتوقف، بل امتدت ووحّدت الساحات.