ما يحدث في أسواقنا المحلية من ارتفاعات سعرية متكررة واستقرار منهار, وعدم ارتباط معظم التجار بآلية ضبط السوق التي فرضتها القوانين، مستغلين ظروف الأزمة وحالة الحصار الاقتصادي المفروضة على بلدنا, وظهور طبقة طفيلية منهم وضعت لنفسها مبررات الوجود التي تخولها التلاعب بقوت الناس, والتحكم بالأسعار لناحية الصعود فقط، وفرض ثقافة السعر المتبدل والمتغير ليس خلال اليوم الواحد، بل في دقائق الساعة، قوامه سعر الصرف الذي شكل ” فزّاعة” يطلقها حرامية السوق للتبرير والسرقة، وجني قوت الناس على مرأى ومسمع معظم الجهات الرقابية، رغم ما تقدمه من إجراءات للحماية بالاعتماد على مكون “السورية للتجارة ” والتي تحمل اليوم لواء التدخل الإيجابي لفرض حالة استقرار سعرية ثابتة، وتوفير ما يلزم ، وهذه كانت مهمة أكثر من سبع مؤسسات تحت مظلة الحكومة تستخدمها لفرض السيطرة في أوقات يشتد فيها الخناق على الأسواق من قبل ضعاف النفوس من التجار, إلى أن ذاب هذا المكون الكبير، بمكون “السورية للتجارة” ووضعها في ” فم المدفع” تعاني مشكلات كبيرة، حلّها خارج عن إرادتها، في مقدمتها وقوعها تحت ظلم التجار، علماً أن قانون إحداثها عدّها تاجراً، هذا في الجوهر، لكن على أرض الواقع خلاف ذلك، ليس لضعف الكادر البشري ونقص الكفاءات، وإنما لتغير نمط العمل والأسلوب، وظروف الأزمة ومتطلباتها التي فاقت كل الإمكانات، ناهيك بالتزاماتها تجاه الآخرين الذي يفرض عليها سلوك الإجراء اليومي الذي يؤخر حسابات المتاجرة، ويقيد حركة رأس المال، ويحد من زيادة التدخل، من دون أن ننكر ما تقدمه من متاجرة باتجاهين الأول تدخل إيجابي في السلع ذات الحاجة اليومية للمواطن, والثاني ربحي تحاول فيه المؤسسة التعويض عما فقدته من عمليات التدخل الحكومية..
لكن ما يحدث في السوق المحلية من عدم استقرار في الأسعار، وصعوبة تأمين المستلزمات، وحدوث “خضات سوقية” وأزمات متلاحقة يثير الكثير من الأسئلة حول طبيعة التدخل الحكومي وفرض الحالة الإيجابية المطلوبة التي اختزلتها بيد واحدة بدلاً من “سبع..!” كان لها الحامل الأكبر لقيادة السوق خلال عقود مضت، وأثبتت موجودية بوجهين “اجتماعي واقتصادي” وتحقيق حالة استقرار عجزت المؤسسة الحالية عن فرضها لأسباب عديدة منها ما يتعلق بالقانون والإجراءات ومنها ما يتعلق بطبيعة المرحلة واختلاف الظروف..
لكن السؤال الذي ما زال يشغل اهتمام الكثير من المواطنين والاقتصاديين وخاصة الذين عاصروا مرحلة المؤسسات “المدموجة”: ماذا حققت الحكومة من دمج مؤسسات التدخل الإيجابي ..؟!
وهل نجت في تحقيق التأثير المطلوب في الأسواق من ناحية توفير المستلزمات والحد من ارتفاع الأسعار, ومنع حدوث خضات السوق التي لم تتوقف..؟
والمشكلة في السنوات السابقة كان لدينا حالات دمج كثيرة أثبتت فشلها إلّا في حالات نادرة، ونجحت فقط في تشتيت القوة البشرية والاقتصادية التي كانت تملكها..!
وبالتالي ألا يحق لنا أن نسأل تجاه ما يحدث من ويلات في الأسواق ما الذي حققناه من دمج سبع مؤسسات في “واحدة” كانت أذرع الدولة في السوق تشكل مساحة كبيرة من التدخل المنشود، في الوقت الذي تحتاج فيه الدولة إلى أكثر من ألف ذراع لتحمي المواطن والسوق وما يحدث خير مثال..؟!
إذاً ما الذي حققناه من دمجها، وهل هناك نتائج ترضي الحالة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن والدولة على السواء في ظل ظروف صعبة لم تشهدها بلدنا منذ مئات السنين، هذا مجرد سؤال، والجواب عند الجميع ، لكن الاعتراف به صعب ..؟!
وهنا لا ننكر دور “السورية للتجارة” ودورها الاقتصادي والاجتماعي في السوق بإمكانات متواضعة وهي أقل مما هو مطلوب بكثير..!
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
165 المشاركات