دمشق ليست بمعزل عن وحدة البيت العربي
تشرين- موسى الفرعي:
اثنا عشر عاماً مرَّت على تجميد عضوية الجمهورية العربية السورية بجامعة الدول العربية منذ عام 2011 م وقطع علاقات بعض الدول العربية معها وسحب سفرائها، وها نحن نمسي على خبر استعادة سورية مقعدها بجامعة الدول العربية وعودة التعامل الدبلوماسي معها، لتبدأ بارقة أمل تعود تتلألأ بين حين وآخر تشي بإمكانية التكامل العربي ووحدة بيته، وقد كانت ذكريات زيارتي الأخيرة لسورية تتطاير كالحمامات البيضاء من بين سطور هذا الخبر، فقد كانت سورية ونحن نتنفس هواءها تبوح بأسرار جمالها من كل زاوية، كنا نلامس تاريخها الذي يتحرك من أعمق نقطة فيها ليولد من وجوه الناس وقلوبهم، ويخرج من شقوق الجدران، وينبت كالياسمين من ترابها، كل شيء يوحي لك بالجمال، وكل شيء كان يطرح سؤالاً مهماً وهو: كيف يمكن لكل هذا الثقل التاريخي والقلوب النابضة بالعروبة والمحبة أن تكون بمعزل عن وحدة البيت العربي؟
ووحدها عُمان كانت تولد من قلوب الناس وعيونهم قبل كلماتهم وهم يتحدثون عنها، وعدم تخليها عن سورية في ظل الأزمة بعدما قطعت الكثير من البلاد العربية علاقتها، ووحدها عُمان كانت تتجلى بشواهد وشهادة السياسيين عن موقفها الثابت وإيمانها بمكانة سورية، نعم هذه عُمان التي تعيش بمبدأ ثابت ونظرة مستقلة وسيادة رأي، وما أقرب القطيعة العربية مع جمهورية مصر العربية في الماضي القريب، وسورية خلال الأعوام الفائتة، فقد تعددت الوجوه السياسية، وتعاقب القادة على عروش البلاد، وتغير الزمان، وبقيت عمان ثابتة المبدأ والعقيدة لأن الحاضر والمستقبل في الرؤية العمانية لا يعني تغيير “اليهاب” وخلع الجلود، بل يحمل ثوابته من تراكم تاريخي ووضوح رؤية وسيادة قرار، فإما أن تكون وسيط سلام ومحبة وتمهد طرق الصداقة والمحبة، وإما لا تشترك في حوض الدماء ومعاهدات الجراح والفتنة والشقاق.
وأما سورية فقد قلت من قبل إنها لا يمكن أن تهزم وإن أقدم عواصم التاريخ المأهولة بالوجود البشري لا يمكن أن تنصاع لعواء الذئاب أو تأخذها أمور دبرت بليل، فعدم الأخذ بالحسبان تاريخ سورية مقامرة خاسرة، وعدم التنبؤ بعودة الوحدة العربية واستقامة المنسم خطأ فادح، إنّ قرار جامعة الدول العربية بعودة سورية قرار منطقي وحتمي، ذلك لأنه لابدّ في آخر الأمر من استعادة مساحة ما للعيش العربي المشترك وضمان مساحات أكبر للسلام، وقدر هذه الأمة التواصل والتكامل المشدود بكل أسباب الوحدة واحترام الجوار الحضاري والإستراتيجي.
كاتب من سلطنة عماني