ذاب الثلج وبان المرج…انتهى فصل الشتاء ولم ينته معه التحطيب.. ذرائع التدفئة سقطت أم سطوة “قراصنة الغابات والحراج”..
تشرين-باسمة إسماعيل:
انتهى فصل الشتاء ولم ينته معه التحطيب، تحسباً من قبل البعض لشتاء قاسٍ في العام القادم وشح بحوامل الطاقة ، وطمعاً من آخرين في تجارة رابحة في ظل ارتفاع أسعار المحروقات، معادلة صعبة في ظل ظروف معيشية صعبة، والأصعب ما يعيشه سكان تلك القرى المجاورة للغابات في الملاءمة ما بين محبتهم لغاباتهم وحبهم للبقاء في الحياة.
حالة نكران
يتحدّث الكثير من سكان القرى المجاورة للغابات ل ” تشرين” عن علاقتهم معها، وأن هذه العلاقة إلى وقت ليس ببعيد كانت تشبه علاقة الأب بولده، علاقة المحب بحبيبه، علاقة الأصدقاء الأوفياء مع بعضهم، يحرسونها ويخافون عليها، أما الآن فيعيشون حالة نكران لتلك العلاقة، بتجريدها من جمالها ونضارتها بالتحطيب الجائر، وأشار آخرون إلى أنه ينتابهم الحزن عندما يقطعون أغصاناً أو أشجاراً ويشعرون كأنما يقتطعون قطعة من أجسادهم لكن ما باليد حيلة، متسائلين هل /50/ ليتراً من المازوت المدعوم الموزع علينا يقينا برد الشتاء؟ وهل تساءل المعنيون أيستطيع أغلبنا شراء المازوت والغاز بهذه الأسعار المرتفعة؟ لذلك لجأنا إلى الغابة لتأمين الدفء وسد عجزنا المعيشي الصعب، وأكد آخرون أنهم منذ أزمان كانت الغابة المجاورة لهم صديقتهم وستبقى، والإنسان يلجأ لصديقه القوي عند المحن، فهي قادرة على الإنبات مرة أخرى لكننا لا نستطيع الاستمرار في الحياة إذا لم نقاوم البرد، وأضافوا: أغلبنا يفعل كما كان الأجداد يفعلون، يحتطبون ما يكفيهم للتدفئة، وتساءل البعض لماذا لم تصل الأمور فيما مضى إلى هذا الحد من الإنكار لهذا الصديق القديم بتجريده من خضاره الجميل، رغم اعتماد أغلب سكان القرى المجاورة للغابات عليها سابقاً، وهل مَن يحتطب للتدفئة كمَن يحتطب للمتاجرة ووراءه تجار يشترون منه بالأطنان، حيث وصل سعر الطن ما بين /500- 700/ ألف ليرة، أين عين الجهات المسؤولة عنهم؟.
الإمكانيات المادية والبشرية والناحية القانونية غير كافية لوقف التعديات
تزايد كبير في التعديات
من جهته أكد رئيس دائرة الحراج في زراعة اللاذقية المهندس جابر صقور أن المحافظة شهدت في الأعوام الأخيرة تزايداً كبيراً في التعديات على الثروة الحراجية، مرجعاً ذلك لعدة عوامل انعكست سلباً على الحراج وهي، الوضع الاقتصادي الصعب وتراجع فرص العمل، وخاصة سكان الأرياف حيث تتركز الثروة الحراجية، الأمر الذي دفعهم للاعتماد بشكل كبير على الغابات، لتغطية الاحتياجات اليومية وتكاليف الحياة، بغض النظر عن تأثير ذلك على الغابة.
وأما السبب الآخر وبحسب صقور فيكمن بقلة مصادر الطاقة كالغاز والمازوت وارتفاع أسعارها بشكل كبير، إذ برزت ظاهرة الاعتماد على الأخشاب والأحطاب الحراجية، كبديل عن المحروقات لسد الاحتياجات المنزلية المختلفة ما زاد من وتيرة التعدي على الغابات والحراج، وخلق صعوبات كبيرة في أعمال حمايتها.
وأضاف: ما زاد من صعوبة حماية الحراج، ظهور مجموعة من الأشخاص امتهنت التعدي على الحراج، وتهريب الأخشاب والأحطاب الحراجية كتجارة متذرعين بالفقر وسوء الوضع المعيشي، وقاموا بتشكيل مجموعات تدخل إلى المواقع الحراجية وتعتدي عليها، وتقوم بتهريب الأخشاب والأحطاب.
اعتقاد البعض أن الغابة قادرة على تجديد نفسها زاد من التعدي عليها
وأشار إلى أن من أسباب التعدي أيضاً عدم اكتراث شريحة واسعة من السكان، للآثار التدميرية الناجمة عن التعدي على الغابات، وتراجع رقعتها مقابل الربح المادي الذي تحققه لهم، واعتقادهم بأن الغابة مهما زادت التعديات عليها قادرة على تجديد نفسها، وخاصة المواقع التي تتعرض للحريق ما أدى إلى صعوبة كبيرة بالأعمال الخاصة لحماية الحراج.
ولفت صقور إلى أنه رغم قيام كوادر مديرية الزراعة – دائرة الحراج بأقصى الإجراءات لقمع المخالفات، إلا أن الإمكانيات المادية والبشرية والناحية القانونية للإجراءات لم تكن كافية لوقف هذه التعديات، حيث إن تنظيم الضبوط الحراجية وإحالتها إلى القضاء وفقاً لأحكام قانون الحراج رقم /6/ لعام 2018 وقانون الضابطة الحراجية رقم/41/لعام 2006 ، لم يردع المخالفين بالشكل المطلوب إنما خفض وتيرة المخالفات إلى حد بسيط.
وبين صقور أنه خلال العام الماضي تم تنظيم /705/ضبوط حراجية وحجز /87/ آلية، ومنذ بداية عام 2023 ولغاية تاريخه تم تنظيم /198/ضبطاً حراجياً، وحجز/37/ آلية، وتوقيف عدد من المخالفين لدى الأجهزة الأمنية، مشيرا إلى أنه يتم إعداد مجموعة من المذكرات بشكل مستمر من مديرية الزراعة إلى الجهات المختصة، لاتخاذ الإجراءات الرادعة تشرح الواقع بدقة.
وبين صقور أن الكادر لدى مديرية الزراعة – دائرة الحراج والمتمثل ب /169/عنصر ضابطة حراجية، (قسم كبير منهم أصبح غير لائق للعمل في الضابطة الحراجية، وتقدم العمل وذلك لأسباب صحية وأمراض مزمنة ) غير كافٍ لتغطية حراج المحافظة المنتشرة بشكل واسع على كامل مساحة المحافظة.
رخص قطع وقلع
وأوضح صقور أن الأخشاب والأحطاب المتداولة في الأسواق، القسم الأعظم منها ناتج من الأراضي الخاصة، وخصوصاً من أنواع السرو والكينا والحور والكازورينا، وهي أنواع يقوم المزارعون بزراعتها كمصدات رياح، ويجيز القانون لهم قطعها وبيعها بالأسواق، كما يتم تجديد بساتين الأشجار المثمرة الهرمة والواصلة لمرحلة العجز، وخصوصاً أشجار /الحمضيات والزيتون/ حيث تنتج كميات كبيرة من الأحطاب بموجب رخص قطع وقلع وفقاً للقوانين النافذة.