تعميم من وزير الصناعة السابق يحرم الموظف من حق كفله القانون.. استقالة العامل ممنوعة حتى في الحالات الاستثنائية

تشرين- يسرى ديب:
في إجراء غير قانوني، ألغت وزارة الصناعة عبر “تعميم” نصاً قانونياً، وحرمت العاملين لديها حتى من تقديم طلب استقالة، إلّا ضمن حالات ضيقة.
التعميم الذي أصدره وزير الصناعة السابق زياد صباغ، في شهر آب 2022، وبقي سارياً في عهد الوزير الحالي، عبد القادر جوخدار، يطلب من مديري المؤسسات التابعة “عدم رفع طلبات الاستقالة” إلى الوزارة، وهو ما يخالف نصاً في قانون العاملين الأساسي، و”يعد تجاوزاً على مبدأ سيادة القانون”، حسبما يصفه المحامي عارف الشعال.

ولا يستثني التعميم حتى من أمضى سنوات في الخدمة الاحتياطية، وتم منحهم عامين في الوظيفة مقابل كل عام أمضوه في الاحتياط نظراً للظروف القاسية التي مرّوا بها، وفترة الخدمة التي طالت كثيراً، لكن ومع طريقة عمل وزيري الصناعة، أصبحت تلك السنوات في مهب الريح.
مئات الطلبات كما يظهر من عدد الأضابير المتكدسة أمام مكاتب العاملين في مديريات التنمية الإدارية لعمال يريدون التقاعد من عملهم، تم التقدم بها منذ أشهر وربما منذ صدور التعميم الذي يحصر قبول أي طلب استقالة بمن يحقق شرطي العمر وسنوات الخدمة (30 عاماً في الخدمة، وبعد أن يتجاوز العامل 55 عاماً).
ويمكن لأي متابع للموضوع أن يصادف يومياً عشرات المراجعين الذين يتوسلون لمن يساعدهم في تسيير طلبهم ولكل أسبابه، وليس أقلها البحث عن عمل آخر يؤمن لهم بعضاً من تكاليف الحياة بعدما صارت الأجور تكاد لا تغطي تكاليف الطعام لبضعة أيام.
بعض الطلبات تعود من مكتب الوزير كما ذهبت، وعند الاستفسار يجيبون أنها ما زالت “للتريث” وتعني عدم البت في الموضوع سلباً ولا إيجاباً، أو كما يسميها موظفون في الموارد البشرية “تنييماً”.، ليبقى هؤلاء الموظفون في وجه مراجعين يعتريهم القلق أحياناً، والغضب وقلة الحيلة أحياناً أخرى.
ممنوع التقدم
يقول موظف في شركة الساحل الجديد للغزل إنه عندما أراد تقديم طلب استقالة اكتشف أنه لا يستطيع فعل ذلك، لأن تعليمات الوزارة تؤكد حتى على منع التقدم بطلبات الاستقالة.
وأضاف الموظف لـ “تشرين” أنه يشعر بكثير من الخيبة، إذ إن تلك التعليمات تحرمه الاستفادة من سنوات الخدمة في الاحتياط التي تفوق 6 سنوات بثلاثة أشهر.
ويشير إلى أنه عندما تم طلبه للالتحاق في الخدمة الاحتياطية، لم تشر الجهات المعنية في المعمل إلى أنها غير قادرة على الاستغناء عن خدماته كمساعد مهندس، بينما عندما يريد الاستقالة يأتي الجواب بالرفض، مع إن سنوات خدمته تفوق 32 عاماً، لكنه لا يحقق شرط العمر!
سنوات احتياط
يضيف الموظف إنه تعرض لإصابتين خلال سنوات وجوده في الاحتياط، إحداهما أثّرت في السمع، وأن هناك طنيناً دائماً في أذنيه، وهو ما يتفاقم مع أصوات ضجيج الآلات التي تجعله في حالة توتر دائم، وعن عدم استخدام التقارير الطبية للحصول على الاستقالة قال إنه ليس لديه التقارير التي تثبت ذلك لأن المصاب لا يحصل عليها في الأحوال الطبيعية، ويحتاج الأمر إلى معاملة شاقة ومكلفة تفوق صعوبات معاملة الاستقالة، وأنه غير قادر على تحمل تكاليفها.
ويرى أنه من حق كل من خدم سنوات كاحتياط في الجيش أن تؤخذ بالحسبان ويستثنى من تعليمات كهذه كحد أدنى.
تستهلك الوقت
أحد طالبي الاستقالة من شركة في وزارة الصناعة كان يراجع الوزارة ليعلم ما الذي حلّ بطلبه، وأكد لـ”تشرين” أن العمل في شركات وزارة الصناعة يختلف عن بقية الجهات من حيث ساعات العمل الطويلة والمجهدة مع الرواتب المتدنية التي تجعل الموظف أو العامل يستهلك كل وقته، ويعجز عن تأمين عمل آخر يعينه على تأمين الطعام لأسرته.
مجبرون ومضطرون
وفي محاولة الاستفسار عن أسباب رفض الصناعة طلبات الاستقالة قال مطلعون في الوزارة لـ”تشرين”: إن الوزارة مضطرة لهذا التصرف، لأن أعداد المتقدمين للاستقالات كبير جداً، وأن الموافقة على كل الطلبات تعني تفريغ الشركات من كوادرها.
وعن أسباب عدم قبول طلبات الراغبين بالاستقالة وتوظيف موظفين جدد، بيّن المصدر أن المسابقات التي أعلنوا عنها لم يتقدم إليها إلّا أعداد قليلة جداً لن تعوض التسرب الذي سيحصل في حال تم فتح باب الاستقالات.

مخالف للقانون
عن مدى توافق ذلك الإجراء مع القانون، قال المحامي عارف الشعال إن كتاب وزير الصناعة رقم 2432 تاريخ 24/ 8/ 2022 الذي طلب من المديرين العامين للمؤسسات العامة الصناعية عدم رفع طلبات الاستقالة للوزير إلّا في حالات ضيقة جداً مذكورة بالكتاب نفسه، مخالف للفقرة /ب/ من المادة 133 من نظام العاملين الأساسي في الدولة الصادر بالقانون رقم 50 لعام 2004، التي توجب على الوزير البت في طلب الاستقالة إما بالقبول أو الرفض خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمها.

تجاوز على سيادة القانون
أضاف الشعال إن هذا الكتاب الذي يحرم العامل من حقه الذي كفله القانون بتقديم الاستقالة وقتما يريد، يعد انتهاكاً لمبدأ سيادة القانون الذي يعدّ أساس الحكم في الدولة حسب المادة 50 من الدستور، لكونه يتضمن تعطيلاً صريحاً لنص قانوني!
مسؤولية جزائية
ومن جهة أخرى من المرجح أن يترتب على الوزير والمديرين العامين، في حال تنفيذ مضمون الكتاب المذكور، المسؤولية الجزائية المنصوص عليها في المادة 361 من قانون العقوبات التي تعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين كل موظف يستعمل سلطته أو نفوذه مباشرة أو بشكل غير مباشر ليعوق أو يؤخر تطبيق القوانين، وهي جريمة (إساءة استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة).

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟ إنجاز طبي مذهل.. عملية زرع رئتين بتقنية الروبوت مركز المصالحة الروسي يُقدم مساعدات طبيّة وصحيّة لمصلحة المركز الصحي في حطلة القوات الروسية تحسن تموضعها على عدة محاور.. وبيسكوف: المواجهة الحالية يثيرها الغرب