النهوض الاقتصادي في مرآة الانتصار السياسي…خبراء و اقتصاديون يرسمون خريطة طريق نحو ميدان تعاون سوري – إيراني إستراتيجي
تشرين- بارعة جمعة:
تعزيز وتأكيد لخيارات سورية ووحدة أراضيها، ودعمها في كل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، قراءات أتت على خلفية إعلان طهران زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية، كيف وهما من خاضتا أعتى الحروب وانتصرتا فيها بشكل منفصل! !!
التنسيق اليوم مطلوب، بعد العديد من الخطوات التي سبقته من زيارات لوزراء خارجية عرب لدمشق، والحراك المتسارع لعودة سورية لمحيطها العربي، خطوات هي الأشد تأثيراً في مستقبل العلاقات بكل أشكالها، ولاسيما الاقتصادية منها، فما الذي يحمله الرئيس الإيراني ضمن زيارته اليوم من تطمينات للواقع الاقتصادي؟ وما مجالات التعاون الممكنة بين البلدين في المستقبل؟!
العلاقة المتجذرة بين سورية وإيران كانت وليدة النهج المشترك والأخلاقيات القائمة على نهج المقاومة والمصير المشترك
علاقة تاريخية
العلاقات بين البلدين علاقات متجذرة منذ ما يقارب الـ40 سنة، تأسست على يد الراحل الإمام الخميني والقائد المؤسس حافظ الأسد، أخذت مبدأ الصدق والصراحة والشفافية نهجاً لها، ما جعلها تستمر لعقود نتيجة الأهداف المشتركة بينها وفق توصيف أمين سرّ غرفة التجارة السورية – الإيرانية المشتركة مُصان نحاس لهذه العلاقات، القائمة منذ نشأتها على الأخلاقيات والمحاور المشتركة – نهج المقاومة- الذي سرنا عليه، فكان المصير مشتركاً مع الإخوة الإيرانيين.
العلاقات بشكل عام تصنف جيدة برأي نحاس، بينما في النظر للعلاقات السياسية والعسكرية سنجد أنها ممتازة، لكن لم ترقَ العلاقات الاقتصادية منها لمستوى السياسية بعد، ما جعل منها مثار اهتمام ومحور التركيز ضمن زيارة رئيسي اليوم برأي نحاس، وما تطمح إليه الغرفة الإيرانية السورية المشتركة هو تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين أيضاً، على الصعيد الصناعي والتجاري والترانزيت والسياحة الدينية، وتطوير الملفات وبحثها خلال الغرفة المشتركة بين البلدين بغية تطويرها.
نحاس: العلاقات جيدة بالعموم وممتازة سياسياً لكنها لم ترقَ لنفس المستوى لجهة العلاقات الاقتصادية
تحالف استراتيجي
علاقات ثنائية إستراتيجية، كانت أخوية مميزة وممتازة بين البلدين القطبيين الإقليميين في حلف الممانعة والمقاومة حسب توصيف رئيسة لجنة سيدات الأعمال في الغرفة التجارية السورية – الإيرانية المشتركة أمل شاكر لطبيعة العلاقات بين البلدين، التي حققت انتصاراً في الحرب المتعددة الأشكال، بدءاً من الصهاينة وانتهاءً بالغزو الأمريكي المباشر والمقّنع ونشر الحروب والفوضى في المشرق العربي والإسلامي، مسيرة جعلت لتطور العلاقات الاقتصادية بُعداً كبيراً بين البلدين، لتأتي الأزمة في سورية الأخيرة متممة لهذا التعاون، بعد أن أدركت طهران حجم المؤامرة التي حيكت على سورية، فقدمت كل أشكال الدعم الاقتصادي الذي كان للغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة دور مهم في تطويره، وتذليل العقبات لتنشيط الحركة التجارية مع القطاع الخاص من رجال أعمال بين البلدين، في ظل العقوبات غير المشروعة والمفروضة عليهما.
مساعٍ وطروحات
ما عملت عليه الغرفة هو قيام بنك مشترك بين البلدين، لكنه لم يبصر النور للأسف، واليوم تسعى لتخفيض قيمة الجمارك للصفر، والوعود تبشر بالخير من حكومتي البلدين وفق تأكيدات نحاس، كما للتجربة الإيرانية في مجال التكنولوجيا والصناعة حضورها الخاص، والذي تعمل الغرفة على نقلها من خلال إعادة تأهيل معامل القطاع العام التي تضررت من الإرهاب، وتأهيل معامل القطاع الخاص أيضاً.
الخطة اليوم لم تستثنِ أيَّ جهد اقتصادي لترميم البنية الاقتصادية المحلية، والتي لا تزال تعاني نقصاً في القطع الأجنبي واستنزافاً له بالاستيراد، لذا لابدّ من الاستفادة في تطوير العلاقات بإنشاء معامل إيرانية في سورية وفق رؤية نحاس، الذي بدوره سيحمي القطع من الضياع، بعد اللجوء للتصدير من منتجات هذه المعامل للدول العربية بصفر جمارك وذلك وفقاً للاتفاقية العربية المشتركة، ما يسهم بنمو الصناعة، ويعكس اكتفاء ذاتياً لسورية، يسمح لها بالتصدير وجلب القطع الأجنبي.
هذه الرؤية يتم العمل عليها بقوّة حسب حديث أمين سر الغرفة الإيرانية السورية المشتركة مُصان نحاس لـ«تشرين»، وتأتي ضمن مناخ سياسي وعلاقات ممتازة، تخدم الشراكة الاستراتيجية مع إيران، والمصالح العربية المشتركة والمصالح الإيرانية أيضاً، كما لبشائر الزيارة التي سبقها إعلان سابق عنها أملاً بمستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لما تحمله من ملفات أهمها الملف الاقتصادي الذي سيتم بحثه على المستويين الحكومي ومع رجال الأعمال، ضمن أفق يتسم بالإيجابية.
شاكر: ضرورة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة السورية – الإيرانية الموقعة بين البلدين
اتفاقيات تجارية
حلّ مشكلات الحوالات المالية وإقامة شركات استثمارية في مجالات التعاون التجاري، الصناعي، الصحي، الدوائي، الزراعي والسياحة، وتشجيع شركات البناء والعمران الإيرانية للعمل في سورية، هو ما ركزت عليه الغرفة المشتركة حسب تصريحات رئيسة لجنة سيدات الأعمال في الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة أمل شاكر لـ«تشرين»، يضاف لذلك التأكيد على ضرورة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة السورية الإيرانية الموقعة بين البلدين.
كما تناول الملتقى الاقتصادي الأخير الذي أقيم الأسبوع الماضي من هذا الشهر بحضور الوزراء والجهات المعنية من كلا البلدين مشروع المعاملة بالعملات المحلية والمقايضة والترانزيت، وقد أثمر الملتقى وفق تصريح شاكر بتخفيض الرسوم الجمركية بين البلدين من 4 إلى 0% للتجارة الحرة، كما لاقت المقترحات صدى كبيراً لدى أصحاب القرار، ما يجعل منها ركيزة أساسية تنهض بعمل اقتصادي حقيقي وفعال بين سورية وإيران، وما سنشهده في المستقبل القريب هو حركة اقتصادية ترتقي الى مستوى العلاقات العسكرية والسياسية بين البلدين، ولاسيما وسط زيارة الرئيس الإيراني لسورية، التي تعد لحظة تاريخية سيشهد العالم فيها مرحلة تحول إستراتيجي على المستوى العالمي.
الصيرفي: نأمل قيام منطقة حرة مشتركة سورية إيرانية عراقية لتكون بوابة تجارية للأطراف كافة
مناخ استثماري
من الطبيعي الخوض ضمن تفاصيل العمل المشترك بين البلدين، الذي يعمل كلا الطرفين على تنشيطه بالاستثمار والعمل مجدداً وفق خطط اقتصادية فاعلة، والصناعات الإيرانية بطبيعتها جاذبة للسوق السورية لامتيازها بالمواد الأولية والتي تحتاجها السوق السورية برأي عضو اتحاد المصدرين والمستوردين العرب رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية للشحن والإمداد الوطني رياض الصيرفي، بينما لا تزال مشكلة النقل البحري تشكل عائقاً لكلا الطرفين، لذا فمن الضروري العمل اليوم ضمن خطط فتح الترانزيت البري بين العراق وإيران وصولاً لسورية، الذي سيفتح مجال التبادل التجاري وليس الاستيراد فقط.
وللمنتج السوري حضوره القوي أيضاً برأي الصيرفي، كما أن السوق الإيرانية بحاجته، لذا من الممكن جعل التبادل عادلاً بين البلدين، وسط ضرورات ببحث صعوبة انسياب البضائع، وذلك بالتركيز على فكرة قيام منطقة حرة مشتركة سورية إيرانية عراقية، التي ستحل عقبات كثيرة، وتكون بوابة تجارية للأطراف كافة، من دون إغفال أهمية العمل الدؤوب لوزارة النقل في إنجاح الخط البري السوري الإيراني.
الفرص كبيرة أمام الإخوة الايرانيين لإقامة مشاريع برأي الصيرفي، عبر الاستفادة من مزايا المرسوم رقم 18 الذي منح أي مستثمر امتيازات للاستثمار، لكن ما نحتاجه أيضاً هو تسليط الضوء على الاستثمارات في سورية والاستفادة من الإعفاءات الواردة في المرسوم.
اقرأ أيضاً:
دمشق – طهران.. علامة فارقة في العلاقات السياسية والاقتصادية وآفاق واعدة على مستوى التشاركية والتكامل