إجراءات مرنة لتفعيل اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين سورية وإيران.. رئيس الغرفة التجارية السورية الإيرانية يصنّف القطاعات المرشّحة للتعاون الفعّال
تشرين – محمد زكريا:
تحمل زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سورية اليوم في طياتها العديد من الملفات ذات البعد الإستراتيجي بين البلدين، حيث يبرز الجانب الاقتصادي في هذه الزيارة والمتوقع الإشهار على عدد كبير من الاتفاقيات والعمل في الجانب الاقتصادي، فالمأمول في هذا الجانب هو الوصول بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية بل والإستراتيجية، وبالتأكيد هذا يحتاج إلى اتخاذ قرارات كبرى من شأنها فك العُقد التي تمنع أو تعرقل تفعيل العلاقات الاقتصادية الإيرانية السورية، المهم أن هذا الموضوع لم يغب عن بال المعنيين في البلدين، خلال الاجتماعات واللقاءات التي عقدت ضمن فعاليات اللجنة الاقتصادية السورية الإيرانية بدمشق نهاية نيسان الماضي.
تصفير الرسوم الجمركية
وللبدء بعمل اقتصادي حقيقي وفعال والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى أعلى مستوياتها بين البلدين لابدّ من اتخاذ إجراءات تتعلق بضرورة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة السورية الإيرانية الموقعة بين البلدين وأخذ دورها من دون وجود عقبات والعمل على حل مشكلة الحوالات المالية وإقامة شركات استثمارية في مجالات التعاون التجاري والصناعي والصحي والدوائي والزراعي وتشجيع شركات البناء والعمران الإيرانية للعمل في سورية، وفي هذا الجانب يرى رئيس الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة فهد درويش أن البداية لتفعيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين يجب أن تنطلق من تصفير الرسوم الجمركية على اتفاقية التجارة الحرة، وتطوير الاتفاقية الاقتصادية (اتفاقية التجارة الحرة السورية الإيرانية) الموقعة بين البلدين عام 2011 بحيث تكون اتفاقية إستراتيجية مدروسة الجوانب سارية المفعول بشكل دائم من دون وجود عقبات ليتم عبرها إلغاء السلع المستثناة من تطبيق الاتفاقية، والنظر في إلغاء الرسوم والضرائب المفروضة على السلع المتبادلة بين البلدين بحيث نصل لتطبيق منطقة تبادل حر كاملة، والوصول إلى التعرفة الجمركية صفر بين البلدين على السلع المشمولة بالاتفاقية، إلى جانب العمل على إلغاء القيود غير الجمركية كافة من منع وتقييد ووقف، بهدف زيادة حجم التبادل بين البلدين
غرفة بنكية مشتركة
وأوضح درويش لـ” تشرين” ضرورة العمل على حلّ مشكلة الحوالات المالية بين البلدين وذلك من خلال تأسيس غرفة بنكية مشتركة تابعة لمصرفين وشركتي صرافة، سورية وإيرانية، يعملان تحت مظلة البنكين المركزيين في البلدين كمنصة تحويل مالي لضمان كفالات وحقوق رجال الأعمال والشركات، مع التأكيد على حماية مصالح البلدين فيما يتعلق بالقطع الأجنبي، ودراسة إمكانية التبادل بالعملات المحلية واعتماد نظام الكفالة البنكية عبر شركات الصرافة المعتمدة، لافتاً إلى زيادة عدد سفن شحن البضائع وتنظيم تاريخ حركتها بين سورية وإيران، حيث إن وجود سفينة واحدة حالياً لا يكفي، كما أن خط الشحن البري مغلق، لذلك نشهد تأخيراً مستمراً في ورود البضائع من إيران، ما يضعف رغبة التجار السوريين في التعامل مع الجانب الإيراني ، والعمل على تأسيس شركة نقل وشحن مشتركة سورية إيرانية، لديها سفينة شحن “رورو” تتولى مهمة شحن البضائع من مرسين واسكندرون إلى المرافئ السورية، والتأمين على البضائع وكفالة حقوق الأطراف تحت مظلة المصرفين السوري والإيراني .
الشركات المتعثرة استثمارياً
وأشار درويش إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة من الحكومتين تضم ممثلين عن لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية السورية الإيرانية – إدارة الجمارك- هيئة المواصفات- النقل- البنك المركزي- هيئة الاستثمار- الصحة-السياحة- التأمين- المناطق الحرة- المعارض- وعضوين من الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة، على أن تجتمع هذه اللجنة مرة كل شهرين على الأقل أو عند الضرورة لتذليل المعوقات ومتابعة المواضيع المطروحة، مؤكداً أهمية تقديم التسهيلات اللازمة لإقامة المشاريع الاستثمارية الصناعية لإنشاء شركات استثمار صناعية مشتركة بين الصناعيين في البلدين، وإنشاء شركة تأمين مشتركة مساهمة واعتمادها لحركة التبادل التجاري المشترك وخاصة في حالات النقل البري، وإعطاء الأولوية للمشاريع المشتركة التي تعتمد على المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج الوطنية لتكون رافداً للصناعات المحلية ما يخفف من عبء الاستيراد، والعمل على حل مشاكل الشركات الإيرانية المستثمرة المتعثرة في سورية مثل معمل سيامكو و سيفيكو ومعمل كاوه، منوهاً بإقامة أربعة معارض سورية في المحافظات الإيرانية تحت شعار “صنع في سورية”.
على أن تترافق مع إقامة ملتقيات اقتصادية وتجارية دورية شهرية للفعاليات التجارية وبالتناوب في المحافظات السورية والإيرانية، مع تقديم جميع التسهيلات اللازمة للاستثمارات الصناعية والتجارية والزراعية المشتركة بين البلدين وإعطائها أهمية كبيرة بهدف خلق تشبيك اقتصادي متين، وتقديم ضمانات الاستمرارية لهذه المشاريع، على أن تكون هذه المشاريع على صعيد البناء والصناعة والزارعة، وإقامة شركات استثمارية مشتركة مساهمة، قابضة، مغفلة في كل مجالات التعاون التجاري والصناعي والصحي والدوائي والشحن والنقل والسياحة كما أنه من الضروري معالجة موضوع المواصفات والمقاييس بالنسبة للمنتجات السورية، والعمل على إنشاء اتفاق بين الحكومتين السورية والإيرانية على تشكيل لجنة مواصفات ومقاييس مشتركة ولا سيما مواصفات زيت الزيتون السوري الذي يتم تصديره إلى دول العالم كافة، مع التأكيد على تنشيط حركة السياحة بين البلدين ومنها الأعمال، التجارة، المعارض، الخدمات العلاجية، الترفيهية، الدينية، والمعالم التراثية والتاريخية والأثرية بين البلدين. والمطالبة بزيادة عدد الرحلات الجوية بينهما وخفض تكاليف السفر ما يؤدي إلى زيادة الحركة السياحية بينهما، والتشجيع على الاستثمار في الثروة الزراعية والحيوانية، وذلك لما تتمتع به سورية من ميزات زراعية كبيرة من خصوبة التربة وتنوع المحصولات واعتدال المناخ، وتنشيط الاستثمار في مجال الثروة الحيوانية وعلى وجه الخصوص المداجن والمباقر والثروة السمكية ما يخفف من عبء فاتورة الاستيراد، وتشجيع شركات البناء والعمران الإيرانية للاستثمار في إعادة اعمار سورية ولاسيما في الفترة القادمة حيث ستشهد سورية ثورة حقيقة في إعادة الاعمار.
مؤشرات الاستيراد والتصدير
وبخصوص الاستيراد والتصدير بين البلدين أوضح درويش بأن الصادرات السورية بدأت بالتعافي تدريجياً حيث بلغت قيمة الصادرات السورية خلال الربع الأول من العام الحالي ما يقرب ربع مليار دولار، إذ إن المادة الأكثر تصديراً خلال الفترة المشار إليها، هي الثروات الطبيعية التي تقوم المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية بتصديرها، وجاءت الخضراوات في المركز الثاني من حيث حجم القيمة التصديرية، ومن ثم حلّت الفاكهة، ومن ثم تأتي المنتجات الغذائية المشهود لها عالمياً بجودتها وبأنواعها المختلفة من أجبان وألبان، ومنتجات الكونسرة المختلفة وغيرها الكثير، ثم البهارات والتوابل مثل الكزبرة واليانسون والكمون وغيرها، وبالطبع جاء زيت الزيتون السوري ضمن أهم المواد المصدرة، لافتاً إلى أن منتجات القطاعات الإنتاجية الأخرى مثل القطاع النسيجي (الملبوسات الجاهزة) وقطاع صناعة الزجاج (العبوات الزجاجية المختلفة)، تم تصنيفها ضمن أهم المواد المصدرة.
يذكر أنه حسب بيانات موسوعة المصدر السوري فقد بلغت قيمة الصادرات السورية نحو 700 مليون دولار عام ٢٠١٨، لتتحسن قليلاً خلال 2019 وتبلغ قرابة 750 مليون دولار، ومن ثم في العام 2020 تحقق تحسناً ملموساً، حيث وصلت القيمة التصديرية إلى نحو 950 مليون دولار، أما في العامين الماضيين 2021 و2022 فوصلت القيمة إلى ما يزيد على مليار دولار، علماً بأن العامين المذكورين شهدا انحساراً كبيراً في حركة التجارة العالمية نتيجة أزمة فايروس كورونا ومن ثم الحرب الروسية الأوكرانية التي انعكست نتائجها بشكل كبير على تكاليف النقل والشحن الدولي.
اقرأ أيضاً: