مثابرون.. ولكن؟
لم يكن غبار الدقيق الأبيض الذي يكسوهم من رأسهم إلى أخمص قدميهم، إلّا وسام شرف يزين أولئك العمال في مطحنة اليرموك بعيدهم أمس.
همّتهم بدت كما هاماتهم عالية تبعث الأمل بغدٍ أفضل، فهولاء النشامى الذين لا يكلّون ولا يملّون وهم يَصلون الليل بالنهار في العطل كما في أيام الدوام، يقدمون بحق صورة ناصعة عن التفاني بالعطاء في سبيل استمرار دوران عجلة الإنتاج وتأمين لقمة عيشنا، بالرغم من أن تكرار أعطال خط إنتاج المطحنة المتهالك لانتهاء عمره الزمني، يزيد من قسوة العمل وإرباكاته ويحدّ من طاقة الإنتاج، فيما انتظار تركيب خطي إنتاج حديثين لا يزال سيد الموقف .
الحالة المماثلة تشاهد في المخابز، فالعمال قائمون على خطوط الإنتاج بعيداً عن أسرهم وذويهم، يبذلون جهوداً كبيرة لضمان استمرارية صناعة رغيف الخبز وإيصاله للمواطنين من دون انقطاع، ولا يتذمرون من بعض الانتقادات لجودة الرغيف أحياناً بل يحاولون الارتقاء بها، بالرغم من أن بعض عوامل تدنيها ليست بسببهم بل تعود على الأغلب لقدم بعض خطوط الإنتاج، على أمل شمول تحديثها في جميع المخابز بأقرب ما يمكن.
في الجوار لا يهدأ عمال النظافة وهم يواظبون على جمع وترحيل النفايات من الأحياء السكنية، يعملون بلا تذمر لتبقى البيئة المحيطة بنا نظيفة سليمة لا تؤذي صحتنا، بالرغم من عدم التزام بعض السكان بأماكن ومواعيد رمي القمامة وقلة آليات النظافة وقدمها وتهالكها، الذي يفرض بمجمله المزيد من الجهد والتعب، على أمل الإسراع بتدارك ذلك.
لا يقلّ أهمية عمل ورشات طوارئ الكهرباء والمياه والهاتف وزمر الإطفاء ورجال المرور، وغيرهم من عمال الجهات التي تتطلب طبيعة عملها استمرار الدوام والمناوبات على مدار الساعة خلال العطل، فبمثل هؤلاء الذين لا تثني عزيمتهم الصعاب تعمر البلاد.
من الإنصاف في هذا المضمار أن نشير إلى ما نلمس طلبه من عامة العاملين في الدولة، سواءً بمواقع العمل أو خلال الفعاليات والمناسبات العديدة على اختلافها، وهو الحاجة الملحة إلى تحسين دخلهم إلى الحدّ الذي يكفل كفاف عيشهم، على أمل توفير الإمكانات اللازمة لذلك في وقت ليس ببعيد.