السودان إلى أين؟

مؤشرات كثيرة تدل على أن الصراع العسكري في السودان طويل الأمد، وليس في الأفق ما يشي بأن نهاية هذا الصراع الدموي المرير ستكون قريبة، وأن أحد طرفي الصراع يمكن أن يتراجع أو يتنازل، وكل يوم بل كل ساعة يتزايد عدد القتلى وأعداد المصابين وأضحى هؤلاء بالآلاف في العاصمة الخرطوم وحدها التي يشهد السكان فيها نزوحاً جماعياً، حتى إنّ أحياء بكاملها تشتتت وأصبحت شبه خالية نتيجة معارك طاحنة وسط السكان.
وتسجل الأرقام أن ما يربو على 15 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدات إغاثية عاجلة، وحتى ما قبل اندلاع القتال كانت الأوضاع المعيشية سيئة جداً في السودان، وجاءت الأحداث الأخيرة لتصبَّ الزيت على النار وتحوِّل السودان إلى بؤرة توتر دائمة، واحتمالات دخول البلاد في أتون صراع دموي داخلي مفتوح ووقوع إصابات بالمئات، ولم يسبق أن مرّ السودان بمثل هذه الأوضاع المأساوية التي تزعزع الاستقرار الداخلي وربما تهدد وحدة البلاد وتقود إلى التقسيم الذي تعمل عليه قوى أجنبية ليسهل نهب ثروات السودان.
بالطبع هناك من يسعى إلى تمزيق هذا البلد العربي وحرمانه من التقدم وتحويل الصراع إلى صراع داخلي مسلح مستمر لم يسبق أن وصل السودان إلى مثله خلال كل الأحداث السابقة، وأخطر ما يجري في السودان الآن هو هذا الصراع المسلّح بين الجيش وقوات الدعم السريع المحسوبة كفصيل محسوب على الجيش وقد يمتد فترة طويلة لا بدّ من أن تؤدي إلى إنهاك البلاد وإضعافها.
والآن بعد سحب معظم دول العالم لبعثاتها الدبلوماسية من السودان لعدم وجود الأمان في العاصمة الخرطوم ما يعني أن الصراع سيطول وأنّ صراعاً مسلحاً سيستمر سنوات عديدة وأن وراء ذلك أصابع خارجية تطمع بالسودان وثرواته الضخمة ومن الصعب أن يعود السودان إلى وضعه السليم قبل عدة سنوات من الاضطراب وعدم الاستقرار.
وأحداث السودان الدموية لن يكون ضررها على السودان وحده وإنما ستضرُّ بالدول المجاورة وعلى وجه الخصوص مصر التي ستفقد دعم السودان والتنسيق معه في موضوع سد النهضة ومنع إثيوبيا من التصرف بحصص مصر والسودان في مياه النيل.
ما يجري في السودان بداية لصراع طويل يؤثر على مصر والسودان بالدرجة الأولى وجميع الدول العربية بالتالي، وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تدَّعي الحرص على الطرفين المتنازعين فهي تعمل على إذكاء الخلافات وتعميقها ليسهل التدخل في السودان ووضع اليد عليه من دون منازع.
tu.saqr@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار