جلاء في كل يوم
تشرين- هبا علي أحمد:
كل يوم على مدار الحرب الكونية على سورية، ورغم ما رافقها من إرهاب وحصار وعقوبات ومعارك عسكرية وسياسية ودبلوماسية واقتصادية، كل يوم كان السوريون يعملون على صناعة جلاء متجدّد، مستندين في ذلك إلى الجلاء العظيم الذي حققه آباؤهم وأجدادهم عام 1946 بطرد المحتل الفرنسي وتطهير الأرض السورية وتعميدها بدماء أبنائها لتبقى سيّدة عزيزة منيعة في وجه المتغيرات وفي وجه كل أشكال الاحتلال وبمختلف أطرافه ومسمياته، مهما عصفت بها الأيام، لكنها في نهاية المطاف ستنتصر كما عهدناها بتاريخ الانتصارات.
معركتنا مستمرة وما زال أمامنا استحقاقات غاية في الأهمية تتعلق بجلاء المحتلين الأميركي والتركي وهذا قرار وطني ثابت لا يتغير
ذكرى الجلاء تتجدّد ويتجدّد معها الإيمان بهذه الأرض وبحتمية الانتصار، الانتصار الناجز والنهائي، الانتصار على أي محتل مهما كان أمده، الانتصار على الإرهاب وآلة الحرب والدمار، والانتصار للمواقف والمبادئ الثابتة، لا مساومة ولا تنازل، السقف هو الوطن وما يخدم أبناء هذا الوطن، وبالتالي صناعة الجلاء من جديد، ونحن في طور صناعته قولاً وفعلاً .
تتجدّد ذكرى الجلاء ونحن في مرحلة خاصة جداً من عمر الحرب بكل تداعياتها وأطرافها، ومن عمر العلاقات الإقليمية والدولية، تتجدّد والعرب يتقاطرون إلى سورية ويُعيدون تصحيح المسار والاستفادة من التجارب السابقة الخاطئة، والعرب ينادون وينشدون سورية في كل المحافل والاجتماعات، يبحثون ويتباحثون أهمية سورية في عمقها العربي، أهمية وجودها للخروج من عنق الزجاجة للكثير من الدول والخروج من مأزق مفتاح حله في اليد السورية الممدودة للجميع دائماً.. والعرب يفتحون أبوابهم لسورية وسفاراتهم فيها، ويجتمعون لرأب صدع امتدّ على مدار 12 عاماً، لم يجنِ إلا دماراً ليس لسورية فحسب بل ولمجمل بلدان المنطقة ولكن لكل بلد زاويته الخاصة وطريقة استهدافه من قبل المنظومة الأمريكية- الغربية- الصهيونية.. وهذا بحد ذاته جلاء، يتعلق بما صنعته سورية جيشاً وشعباً وقيادة وبما صمدت وتصدّت وأنتجت من العوامل والظروف التي أدت إلى هذا الجلاء.. فالجلاء هنا جلاء الخلافات والشقاق وجلاء المواقف المتطرفة تجاه بلدنا، بما يؤدي في مرحلة لاحقة إلى جلاء الحرب ومسبباتها وظروفها وتداعياتها.
الجلاء عقيدة راسخة في يومياتنا والنضال جزء من تاريخنا وثقافتنا
ونحن اليوم كما آباؤنا وأجدادنا نواصل المعركة لطرد كل معتد محتل من بلادنا
رغم ذلك، فالمعركة لم تنتهِ، فما زال أمامنا استحقاقات غاية في الأهمية تتعلق بجلاء المحتل الأمريكي والمحتل التركي وأدواتهما، أي أننا في طور صناعة دائمة للجلاء فرضته علينا الحرب كما هو جزء من قوتنا وصمودنا وحفاظنا على سيادتنا وقرارنا الوطني، فطرد التركي والأمريكي كقوتي احتلال قرار وطني ثابت لا يتغير، ولمن يراهن، عليه أن يُدرك أننا في ذكرى طرد المحتل الفرنسي بعد ٢٦ عاماً من الاستعمار، قاوم خلالها أجدادنا وخاضوا المعركة تلو الأخرى دون أي استكانة أو ضعف، وصولاً للجلاء وتحقيق النصر، فالنضال جزء من تاريخنا وثقافتنا، وهو مترسخ في يومياتنا، وعليه نواصل اليوم المقاومة والنضال حتى جلاء أي قوة احتلال.
أقرأ أيضاً: